No Script

إطلالة

رسالة إلى وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية

تصغير
تكبير

منذ نشأة المساجد داخل دولتنا الكويت ووزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية تمنح الحرية لعلماء وشيوخ الدين الإسلامي، سواء كانوا كويتيين أم غير كويتيين، وذلك في إلقائهم الخطب والدروس الدينية بأنواعها كافة في مساجد الكويت قاطبة، فقد كانت مادة الخطبة غير مقيدة، بل مطلقة وفق الضوابط الشرعية، وهذا هو الأصل لأن المأثور عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أن أداء الخطبة يكون ارتجالياً وهذه الارتجالية تعد أداة في تنمية مهارات الخطيب العلمية والبيانية والأدائية.

وظل الأمر على ذلك إلى أن صدر قرار من وزارة الأوقاف بتحديد مادة الخطبة في يوم الجمعة، لتدشين آلية «محددة» لمشاركة الخطباء والوعاظ في الدروس والمحاضرات والوعظ والإرشاد في مساجد الدولة كلها، وتبلورت هذه الآلية في أن الأئمة والخطباء وعلماء الدين يلقون خطبهم وفق مادة أو موضوع «موحد» صادر من وزارة الأوقاف فقط، وكأن هناك أسساً وقواعد معينة تحظر نشاط هؤلاء الأئمة، تحت ما يسمى «بميثاق المساجد»، وهو الأمر الذي لم نسمع عنه من قبل إلا في الآونة الأخيرة.

وهذه الآلية المخترعة من توحيد مادة الخطبة وإلزام الخطيب بإلقائها ولو قراءة من ورقة مكتوبة، فإن هذه الآلية تخلق تجميداً للخطاب الديني من جهة، ونزعاً للثقة والحرية من الشيوخ الخطباء والوعاظ من جهة أخرى، خاصة وأن هؤلاء الخطباء مؤهلون لإنشاء خطبهم بأنفسهم، ناهيك عن وزارة الأوقاف التي تتحرى الدقة في اختيارهم للتعيين في مساجدها وفق ضوابط صارمة، واختيارات واختبارات شاقة، فضلاً عن دراستهم وتأهلهم في الكليات والجامعات المتخصصة في الشريعة وأصول الدين.

ولو أن الأمر كان مقتصراً فقط على إلقاء خطبة معدة من قبل ومكتوبة بل ومضبوطة بالشكل والمضمون لاستطعنا أن نأتي بأي شخص فقط يُحسن القراءة، ليصعد منبر المسجد ويقرأ هذه الخطبة المعدة سلفاً، فلا داعي حينئذ لاختيار أئمة وخطباء مؤهلين شرعياً ولغوياً وأصولياً!

ورداً على مزاعم أن بعض الخطباء قد يستغلون المنابر لعرض آرائهم الشخصية المخالفة أو ترويج آراء فقهية أحادية الجانب تختلف عن الآخرين، فتستطيع وزارة الأوقاف تدشين خطة للتدريب الجاد لجميع الخطباء وتثقيفهم حتى يستطيعوا مواجهة الأفكار المتطرفة والشاذة من خلال العلم والفكر الصحيح، مع منحهم مساحة من الحرية والثقة اللتين تلعبان دوراً مهماً في نشر الوعي الديني والإبداع العلمي، كما يمكن مراقبة ما يلقيه الخطباء المشايخ من خطب ودروس ومواعظ بطريقة لا تقدح فيهم ولا تهز من ثقتهم، ولا حتى تشكك في أمانتهم ورسالتهم العلمية، وهذا بدوره يجرنا إلى موضوع تسجيل الخطب الذي يعد نوعاً من التجسس غير المباشر والتشكيك المقنّع في أئمة ومشايخ المساجد، ومعتلي منابر المساجد الذين هم خلفاء رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وورثته، هذا وقد قال الله سبحانه في محكم تنزيله: «إنما يخشى اللهَ من عباده العلماءُ».

ولكل حادث حديث،،،

alifairouz1961@outlook.com

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي