No Script

الجمعية الاقتصادية: ثروة الوطن ليست ملكاً للوزراء والنواب في حفلة تتسابق فيها الشعبية المضللة

الجمعية الاقتصادية الكويتية
الجمعية الاقتصادية الكويتية
تصغير
تكبير

- الحكومة تعاملت بالسنوات السابقة مع الملفات الحساسة كورقة مفاوضة لعبور الاستجوابات
- في كل البرلمانات تتقدم مشاريع هدفها كسب الولاء السياسي لكن بالمقابل الحكومات تقاتل لحماية المال العام
- المعاش الاستثنائي للقياديين يتناقض مع توجه الحكومة في الحد من الهدر
- على النواب قول الحقيقة كاملة للشعب وتترك دغدغة مشاعر الناس بقوانين شعبوية كشراء القروض
في أول موقف كاشف لتوجهاته أشار مجلس إدارة الجمعية الاقتصادية الكويتية، إلى وجود حالة لا مبالاة تسيطر على المشهد الاقتصادي وتدخله دهاليز السياسة، معتبراً أنه لذلك ليس غريباً أن يصب الرأي العام غضبه على الحكومة ونواب المجلس، جراء التأخر وعدم الاكتراث في تطبيق تغييرات هيكلية اقتصادية، لتحسين الحياة الكريمة للشعب الكويتي، من ضمن الإصلاح السياسي المنشود، ومن التصريحات التي تستخف بعقول الناس ومشاعرهم.

ولفتت الجمعية في بيان لها، على هامش بدء الدورة الجديدة لمجلس إدارتها، إلى أنها تدرك حالة الإحباط العام من اللامبالاة التي تسود المشهد السياسي، وأنها آثرت على مر الظروف المتعاقبة مع أبناء الوطن من الاقتصاديين والمختصين إلى إطلاق صرخات للرفق بهذا الوطن.

وأضافت "الجمعية الاقتصادية أنها تعي بأنه في كل البرلمانات تتقدم مشاريع هدفها كسب الولاء السياسي وأصوات الناخبين على حساب مستقبلهم ومستقبل أبنائهم، ولكن في كل منها هناك حكومة أقسمت على المحافظة على أموال الشعب ومصالحه، تقاتل بكل القنوات الدستورية لحماية المال العام، من أن يكون أداة في الصراع السياسي الرخيص، ولا ترتعد من مواجهة الحجة بالحجة، كاشفة أنها تركز على أن أولى مراحل الإصلاح الشامل هي وجود إرادة سياسية جادة تعزز ثقة الشعب في الحكومة.


ورقة مفاوضة

ورأت الجمعية أن المشكلة تكمن في أن السياسة الحكومية على مدى سنوات سابقة، كانت تتعامل مع الملفات الحساسة كورقة مفاوضة، وأن الهدف فقط عبور الاستجوابات الوقتية، ولذا أظهر المسلك الذي تسلكه الدولة أخيراً في منح المعاش الاستثنائي كميزة لبعض القياديين، تناقضاً كبيراً مع توجهها في الحد من الهدر المالي، والتحكم في المصاريف الذي كان من خطوات المعالجة التي اتبعتها لمواجهة العجز المالي الذي عصف على الكويت خلال العامين السابقين، والذي بلغ ذروته 10.8 مليار دينار عن السنة المالية 2020/2021، و3 مليارات دينار عن السنة المالية 2021/2022 بسبب تداعيات جائحة "كورونا"، وانخفاض أسعار النفط الذي انعكس على إيرادات الدولة مع ثبات مصاريفها، ما أثار العديد من المشاكل الاقتصادية ومنها انخفاض تصنيفها الائتماني أكثر من مرة في آخر سنتين، مع نظرة سلبية بسبب ضعف تنوع إيرادات الدولة واعتمادها على النفط كمصدر وحيد للإيرادات، بالإضافة إلى قدرتها على الوفاء بالتزاماتها عن طريق صندوق أجيالها.

وتابعت أنه لم يمر على تلك الأحداث أكثر من عامين حتى تشهد الكويت اليوم البدء مرة أخرى في فتح باب من أبواب الهدر في المصاريف، المتمثل في إعطاء مميزات استثنائية لمجموعة من القيادين قد تركوا مناصبهم وبدون ما يستدعي منحهم هذه الميزة الاستثنائية.

وذكرت أن هذا الأمر يشكل دلالة واضحة على عدم إدراك الحكومة لحجم المسؤولية، وعدم درايتها بالأحداث العالمية الاقتصادية، والتحديات المحيطة التي تتطلب إعادة النظر في مثل هذا النوع من الهدر الذي يستلزم قدراً من الحيطة والحذر، بدلاً من الإفراط في منح هذا النوع من الهبات والعطايا المستدامة التي قد تزيد العبء على كاهل الموازنة العامة للدولة.

ورأت الجمعية الاقتصادية" أن ما يخلق العديد من التساؤلات والإشارات بشكل غير منطقي وغير عادل، أن من المستفيدين من المعاش التقاعدي من المعاش التقاعدي الاستثنائي، هم من كانوا مشرفين وأمناء على حقبة سابقة عادت بالكويت سنوات كثيرة للخلف على جميع الصعد.

وأفادت أنه بالأخذ في الاعتبار بأن كل فرد من أبناء الوطن يؤدي دوره المنوط إليه، فعلى أي معايير يتم الاستناد في تقييم قيمة المعاش ومن يستحقه؟ في سؤال يحتاج إلى إجابة مفصلة ومنطقية ومقنعة.

تفشي الظلم

وبينت الجمعية أنها لا تدعو لتغيير القيادات غير المؤهلة فقط بل لمحاسبتهم، فالهروب من محاسبة قياديين غير مؤهلين هو هروب من مواجهة تفشي الظلم بين فئات المجتمع، وعدم إنصاف فئة كبيرة عانت ومازالت تعاني من ضيق العيش الذي يتفاقم في ظل التحديات التي يمر بها الاقتصاد بشكل عام.

وتابعت «هنا نذكّر نواب الأمة أنه تم انتخابكم لتُجَسّدوا تطلعات الكويت وشعبها، وأهمها ما نعيشه الآن من أمن اجتماعي وأمن اقتصادي، وواجبكم كسياسيين أن تقولوا الحقيقة كاملة لنا كشعب، وعليكم أن تتركوا دغدغة مشاعر الناس من خلال تقديم قوانين شعبوية كشراء القروض، وفي القضايا الوطنية لا يجوز لأحد أن يزايد على أحد، ونحن نبعث هذا البيان إلى أهل العزم من الإخوة النواب الذين اقتنعوا بمصلحة عامة، وآمنوا بطريق للإصلاح وتوكلوا وعقلوها، دون الإصغاء إلى احتجاجات أصحاب المصالح على حساب المجتمع».

وأكدت «الاقتصادية» أنه «برغم ضبابية المشهد الاقتصادي كنا ننتظر أن تجتمع الجهات التنفيذية والتشريعية، في مشهد سياسي يحترم قدسية المعاناة التي نعيشها منذ فترة طويلة، والتي هي محط اهتمام الجميع، وأن يكون حضورهم مسؤولاً لمناقشة أزمة بهذا الحجم، وكنا في انتظار الوصول لصورة واضحها لها وحلول ترضي الشعب، ولكن مع الأسف، فالجلسة التي انعقدت يوم 10 يناير 2023 انتهت نهاية مؤسفة بانسحاب غير مبرر، دون تقديم الحجة من الوزراء المختصين لرفضهم للقوانين المدرجة في جدول الأعمال، ونقولها بكل أسف، ما نعيشه الآن من عجز في الإنجاز على جميع الصعد يجعل المقترحات الشعبوية التي تدغدغ المشاعر صعب أن يعارضها نواب الامة».

السياسات الراهنة

وأوضحت الجمعية في ختام بيانها نكرر قلقنا الكبير تجاه الحالة المالية للدولة وديمومة المؤسسات، فالمسار الوحيد المتاح هو الاعتراف بعدم جدوى الاستمرار في السياسات الاقتصادية الراهنة المعرقلة للتنمية، ولذلك ندعو رئيس مجلس الوزراء سمو الشيخ أحمد النواف الصباح، بأن ينظر في الاختلال بميزان العدالة المجتمعي، الذي يجب ألا يستمر، والرجوع للوراء والكشف عمن استفاد منه في أوقات سابقة، وعلينا أن نتوقف عن سياسة تبديد ثروة هذا الوطن فهي ليست ملكية خاصة لمجلس الأمة والوزراء في حفلة تتسابق فيها الشعبية المضللة التي تتغذى على ثروة البلد ومستقبل أجياله، فالوطن لا يبنى على الهبات، ومستقبل الأجيال المقبلة أمانة تنتظر تسليمها للجيل المقبل.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي