الكناش / التاريخ في نظرة الدكتور زيدان

تصغير
تكبير
| نواف السعد |

كانت محاضرة في مهرجان «القرين السادس عشر» في رابطة الأدباء... والتي دارت حول الواقعة التاريخية بين التحقيق التاريخي والتأليف الروائي... قيمة وشيقة، وكان الشباب ومحبو الثقافة والأدب يتنادون في الذهاب والتحفيز في حضور هذه المحاضرة، وهي للأستاذ الدكتور يوسف زيدان مدير مركز المخطوطات في مكتبة الإسكندرية، وكان هناك حشد جميل وكبير يدل على احترام الكويت لهذا الدكتور وتقديرهم له وايضا يبين انه ما زال في الكويت مثقفون وادباء، ويكفي هذا الحشد الكبير واللقاء بين اطياف من ادباء ومثقفي الكويت وغيرهم من المقيمين، خصوصا أن البعض يعرفه من خلال قراءة روايته المعروفة والتي تكرر طبعها اكثر من 17 مرة، وهي مشهورة ومعروفة وحصل في اثرها الكثير من الاخذ والرد والنقد، خصوصا من جانب الكنيسة المصرية، والرواية هي «عزازيل» الحائزة على جائزة بوكر للرواية العربية في عام 2009 وكان لها قبول عند القراء وايضا النقاد.

لعل البعض عرف البروفسور يوسف زيدان من الرواية، وانا عرفته من كثرت تواجدي السنوات الأخيرة في الاسكندرية، طبعا للسياحة... ولكن بفضل تواجدي في المكتبة عرفت من هو البروفسور، وايضا افكاره من بعض الناس وليس منه، وان كنت اتمنى ان التقي به ولكن لم يحصل هذا.

حضرت مثلما حضر غيري وسعدت مثلما سعد غيري في المحاضرة، ولكن كان في المحاضرة امورا لابد الكلام عنها وهي في ما ذكرها المحاضر، ومنها انه يريد منا ان نهتم بلغة التصوف العربية، التي ربما ادت الى تكفير وزندقت بعض اقطابها، ولا ادري لماذا يريد منا المحاضر ان نهتم بهده اللغة، التي هي في الأصل طلاسم وايضا هي في النهاية يصعب على العرب الأولين- الذين نزل عليهم القرآن - ان يفهموا ما يقصدون ولهذا اقول ان المحاضر ذكر بعض الأشعار الصوفية، وبعض الأفكار الصوفية، التي هي مثلا في قضية كفر الشيطان وغيره من كلام لعل البعض من الحضور وجده عاديا ولكنه في اعتقادي خطأ كبير، ولكننا نعرف ان كفر الشيطان صريح في القرآن، وانه اخرج من النار على اساس عناده، وليس انكاره لألوهية الله او ربوبيته واقول شتان بين لغة القرآن ولغة الصوفية، التي اعتقد ان المحاضر غاص سنوات في مخطوطاتهم، وتبحر في افكارهم واعتقد انه فطن افكارهم، فقد كانت اقوال العرب في لغتهم وعاداتهم ان يقولوا ما هو مفهوم للعامة، وليس مثل الصوفية ولغتهم، التي لا يفهم منها الا خاصة الخاصة وليس هذا هو من نهج القرآن والعرب.

والأمر الاخر ايضا انه انكر امرا هو عادي وبديهي جدا، خصوصا في زماننا وحتى في الأزمنة الأخرى، وهو مسألة القلة التي تغلب الكثرة، وان عليه ان ينكر هذه الواقعة التاريخية لأنها تستحيل في ذاك الزمان... ان تغلب القلة الكثرة، وان كان هناك سؤال من احد الدكاترة، ولكن الرد العقلي بما ان المحاضر يرد الرواية الى العقل فانه احيانا تكون القلة منظمة تنظيما جيدا والكثرة تكون غير منظمة... وهنا يحدث النصر ومثل هذا كثير.

الأمر الاخر... تحقيق التاريخ بنظرة جديدة من قبل المحاضر، اعتقد ان هذه النظرة ستهدم الكثير من الأمور اذا قلنا او ذهبنا الى ما يذهب اليه المحاضر البروفسور يوسف زيدان، وايضا ما وجدته في الورقة الاعلانية لمختصر المحاضرة وهو يبين فكرته في قبول الرواية او ردها، ومع هذا كان هناك خلط بين كتب جرح الرجال وتعديلهم، وكتب التاريخ عموما بل هناك فرق كبير جدا بين كتب الجرح والتعديل، التي كانت من اجل الحديث وقواعده وبين كتب التاريخ من اجل سرد التاريخ باسلوب الأولين، ومع هذا اقول: كان هناك سؤال من الأستاذ علاء الجابر وهو سؤال قيم وجيد اعتقد انه في سؤاله ينسف هذه القاعدة، التي وضعها المحاضر، وهي انه يقبل الرواية من الرحالة، ولا يقبلها من المدون، ولكن الرد من المحاضر غريب في حجة ان الرحالة يستحيل ان يكذب، وانا اقول ايضا المدون يستحيل ان يكذب، ولكننا نجد بعض الرحالة مثل ماركو بولو، الذي عرف عن رحلاته امور كثيرة غير موجودة، كما بحث المكتشفون عما كان يقوله في رحلاته، مثل هذا كثير... وايضا ابن بطوطة وروايته المكذوبة عن شيخ الاسلام وغيرها من الأمور، فلو احصيناها لرددنا عليه، ولكن اقول: المدون الأصل فيه تدوين ما يسمعه ويشاهده، ولكن البعض منهم يسند الرواية وانت عليك ان ترى صدق او كذب هذه الرواية، لكن الرحالة قد يكذب لانه بشر... فكيف نعرف صدقه من كذبه؟! ولهذا اقول سؤال الجابر يحير، وان كانت المشكلة انها في محاضرة، ولا يستطيع ان يتناقش في هذا الموضوع.

في النهاية اقول سعدت مثل ما سعد غيري من هذا الجمع الغفير في رابطة الأدباء من مثقفي الكويت وادبائها... والشكر لمهرجان القرين السادس عشر والمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، واخيرا اقول انه يجب ان نفرق بين قراءة التاريخ من منظور الحديث وفلسفته، وبين الاسلام والمسيحية واليهودية، ولعل اسلوب نقد يصح مع التاريخ اليهودي او المسيحي او حتى في موضوع ديانتهم، ربما لا يصح مع الدين السلامي وتاريخه.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي