No Script

خواطر صعلوك

مستقبل التعليم في الكويت

تصغير
تكبير

مع احترامي للمسؤولين والقيادات التربوية والمعلمين المُبتلين بمتلازمة «التعليم التقليدي» الذي تعلّموا من خلاله في مدارس كانوا يكرهونها، سيظل مستقبل التعليم في الكويت مرهوناً بالعقلية غير المدركة لخصائص جيل وُلد وعاش على الإنترنت.

ومع احترامي لمواقفك التي تصفها بالـ«مبدئية» حول أنك تعلّمت بشكل ما، وأن هذا الشكل هو «الأمثل» وهو ما يصلح لكل الأجيال، فاسمح لي أن أنقل لك تجربة «ابنتي» التي ولدت عام 2010م، والتي درست خلال فترة «كورونا» عبر لابتوب موضوع أمامها، وكيف تفاعلت هي وأبناء جيلها مع هذه التجربة.

كانت تستيقظ في الصباح، تشغل جهازها لمتابعة الحصص الدراسية، تتابع المعلمة أثناء الشرح، على خلفية موسيقى خفيفة في التلفزيون، ذلك التلفزيون الذي كنت أنت وأبناء جيلك تتسمّرون أمامه وكأنه تحفة فضائية، أصبح مجرد خلفية في عالمها، أمامها فطورها الصباحي، وفي الوقت ذاته تتفاعل مع نوافذ عدة، ومواقع قد فتحتها على الإنترنت في آن واحد، وربما تتحدث في الهاتف مع صديقتها وخاصية «مانع الصوت» لدى الأبلة مفعّل بالكامل، وتراسل غروب الواتس آب الذي شكّلته مع بنات صفها، وتقوم بحل واجباتها المدرسية، وإذا نادتها «الأبلة» لكي تجيب عن سؤال فهي دائماً مستعدة، وربما تقرأ مجلة «انمي» على هامش انتظار بين الحصص... كل ذلك عشته ورأيته خلال فترة التعليم عن بُعد أثناء مراقبتي لها.

تخيل عزيزي القارئ، هذا الجيل القادر على أداء مهام متعددة في وقت واحد، عندما عاد للمدرسة، ليجلس في صف دراسي غير مهيأ بالتكنولوجيا أو حتى للجلسات المريحة مع مشاكل في التكييف كل سنة وفي عقود الصيانة والعمالة، ومطلوب منه أن يتلقى فقط، وغير مسموح له بالأكل إلا في ربع ساعة في اليوم، مع ضعف كبير في الأنشطة والفعاليات، واهتمام أسطوري بالاختبارات والحفظ وأقل مستويات الفهم... إلخ.

ثم نتساءل كأولياء أمور ومسؤولين لماذا لا يُحب أبناؤنا المدارس؟ ولماذا تزيد ظواهر العنف والتنمر؟ ولماذا تتزايد الفجوات التعليمية عاماً بعد عام؟ يُحب هذا الجيل أن يكون التعليم ممتعاً بقدر ما هو مفيد، ولا يرون خطاً فاصلاً واضحاً بين التعليم والترفيه، ويؤمنون بضرورة استمتاع الإنسان بما يفعله لكي يتعلّم أو لكسب عيشه، أو من خلال مروره بتجربة تطوعية أو تعليمية، ويتوقعون أن يحقق لهم المرور بخبرة تعليمية، الاستمتاع بقدر الأهمية الوظيفية نفسها لهذه الخبرة، وهم لا يرون أي مشكلة في أخذ استراحة قصيرة أثناء الدراسة يستعرضون فيها صفحاتهم الشخصية على مواقع التواصل.

قاعدة الترفيه هنا هي سمة نتاج تداخل مجموعة سمات أخرى لهذا الجيل مثل الحرية والتخصيص والإبداع.

نحن أمام جيل لا يحتاج أن يتعلّم مهارات المستقبل مثل التعلم التعاوني والإبداع والتواصل والاتصال الفعّال، وحل المشكلات ومهارات التقنية والتفكير الناقد... إنه يمارسها يومياً، ونحن الكبار من نحتاج أن نتعلّمها، وإلا فإن مستقبل التعليم في الكويت سيظل مرهوناً بعقلية غير مدركة لخصائص وسمات جيل ولد وعاش مع الإنترنت. وكل ما لم يُذكر فيه اسم الله... أبتر.

Moh1alatwan@

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي