No Script

خواطر صعلوك

مسألة بدهية يا عزيزي واطسون!

تصغير
تكبير

إذا كنت من الذين يقضون حياتهم آناء الليل وأطراف النهار على مواقع التواصل الاجتماعي، فأنت بالتأكيد تلاحظ أحياناً سلوكاً غريباً ومتناقضاً يقوم به البعض من خلال مقارنة بين مشروع صغير في دولة أوروبية زارها للتو، وبين بعض المشاريع الصغيرة في الكويت... فمثلاً يُصور فُطوره الصباحي في أوروبا مع قائمة الأسعار، ويقارنها بأسعار مشروع صغير كويتي، لكي يوضح ارتفاع الأسعار هنا.

هو يُصور ويُقارن فقط، من دون أن يسأل نفسه لماذا الأسعار في الكويت مرتفعة في المشاريع الصغيرة مقارنة ببعض الدول الأوروبية...

مشروع صغير للمخبوزات في أوروبا مثلاً، يقوم عليه صاحب العمل نفسه، وربما تعمل زوجته أو أخته معه، ويبدأ المشروع بداية متواضعة على أمل أن ينمو في المستقبل... يعتمدون على فكرة «التسويق الاجتماعي» وجودة المنتج، فتقل التكاليف وتقل معها الأسعار...

مشروع صغير في الكويت يبدأ بداية قوية، يستعين بثلاثة أو أربعة عمال دفعة واحدة، صاحب المشروع غالباً يُشرف ويراقب فقط، يُصرَف على الديكور والإعلان ببذخ... تزيد التكاليف وتزيد الأسعار.

وليس هنا مكمن الغرابة، بل إن هذا الرجل الذي يُصور ويُقارن إذا ما قرر أن يفتح مشروعاً صغيراً، سوف يسير على المنهجية نفسها من دون أن يشعر... وسيعتقد أن العمل بيده فيه مهانة له.

عموماً أنا لست خبيراً اقتصادياً أو متخصصاً في المشاريع الصغيرة، لكن لا أدري لماذا أشعر بالغرابة واكتم ضحكتي كلما وجدت أحدهم يقارن بين شيء ما في دول أوروبا وشيء ما هنا في الكويت، وأتذكر ما حدث مع الإمام علي كرم الله وجهه ورضي عنه عندما جاءه رجل، فقال:

- لماذا في عصرك كثرت الفتن...

كنا لا نجدها في عصر أبي بكر وعمر؟

- فقال الإمام علي: في عصرهم حكموا أمثالي وفي عصري حكمت أمثالك.

أتفق مع أي شخص أن في جميع دول العالم يُعتبر المنتج المحلي أقل سعراً من المنتج المستورد، وأن الأسعار هنا مبالغ فيها... إنها مسألة بدهية يا عزيزي واطسون !

لكن يجب أن نتفق أيضاً أن الأسباب ثقافية... ففي أوروبا يعمل صاحب المشروع بيده، أما الزبون الأوروبي فيسير مع قاعدة «لماذا اشتري بالغالي طالما أستطيع أن اشتري بالأقل». لذلك تقل الأسعار في العرض والطلب، ولأسباب ثقافية لا يحدث ذلك، هنا.

ليس بعيداً عن كل ذلك ما يفعله البعض من «الرجال» عندما يقومون بتصوير نادلة أوكرانية أو إيطالية تعمل في مطعم ويكتبون «والله حرام هذا الجمال كله يشتغل في مطعم، والنسرة عندنا ما عاجبها شيء»! من دون أن يُلاحظوا أن في خلفية الصورة شاباً أوكرانياً أو إيطالياً لديه من الجمال أيضاً ما يستحق أن يُكتب تحته «هذه الدنيا غريبة، فإن أقبلت باض الحمام على الوتد وإن أدبرت بال الحمار على الأسد، معقولة هذا يخدم هذا»؟

وكل ما لم يُذكر فيه اسم الله... أبتر.

@Moh1alatwan

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي