المصري أفندي / حدوتة مريم وحنين...!


| د. سعيد فهمي |
كان ياما كان في سالف العصر والاوان... واحد من بر مصر راجل مسكين غلبان... يروح شغله طول اليوم ويرجع في الآخر تعبان... لكن كان ولا همه شغل ولا تعب ولا عمره كان ندمان... كان لما يشوف ولاده يفرح وينسى ويحس انه إنسان... وكان له بنت اسمها مريم ليها محبة خاصة في قلبه ومكان... كان بيحب كل أولاده وحامد عليهم الخالق الرحمن... لكن مريم بالذات كانت بالنسبة له واحة وراحة وأمان... !!
هناك على الحدود التانية قبل الجدار قامت الغارة على الأهالي المساكين... مدافع وقنابل ورصاص ما تعرفش جاية منين وللا منين... لكن تلاقي رجالة وستات وأطفال قدام النار والجبروت بالعزيمة والارادة صامدين... عن أرضهم وبيوتهم بيدافعوا وعلى الصمود متحدين... سيناريو الظلم كان بيتكرر كل يوم وهم ياعيني مقهورين... تخيَّل في كل الظروف دي اتولدت طفلة بريئة اسمها حنين... بنت عادية زي كل البنات من اسرة مطحونة عاشوا ضد الاحتلال مقاومين... في بلدة صغيرة لكن عويصة على اليهود المغتصبين... مكتوبة بحروف من نور واسمها عالخريطة جنين... !!
مريم كانت فرحة البيت وعين أبوها وأمها... والبسمة اللي بتخلي أبوها ينسى همه وشقاه ساعة ما يسمع ضحكها... كانت هي واخواتها الشيء اللي بيخلي الاسرة تنسي قسوة الدنيا وذلها... خلاص مفيش غير الضنا إللي يزيل من الحلق مرها... !! حنين بنت لطيفة ظريفة والكل كان بيحبها... وكانت بتسمع عن ألعاب الاطفال والفسحة في الملاهي زي البنات في عمرها... وبتشوف مجازر اليهود وبطشهم وطمعهم في الأرض وبيت أهلها... وشافت كل يوم شهيد سواء أخوها أو عمها... الكل كان بيدافع عن الأرض والعرض والناس بتوهب للقضية عمرها... وعدو جبار كبل البلد بالمستوطنات واستباح أرض الناس ودمها... وكان بيت حنين ضمن مخطط الأراضي اللي ناويين ضمها... !!
مريم كانت زي ناس كتير بتعيش في المناطق العشوائية... وأبوها كان باني بيت قديم بشوية خشب على حبة طوب على أسياخ حديدية... وده بالطبع كان تحت سمع وبصر السادة مسؤولي الجهات المحلية... اللي سمحوا للناس تبني وتتجاوز تحت بند الطناش والفساد والمحسوبية ... ناس محتاجة تلم لحمها ومحليات بقرارات فاسدة بعيدة عن المسؤولية... تفتكر ايه حتكون معادلة الفقر مع الفساد وايه تتوقع من التركيبة دية... ؟؟ طبعاً حتلاقي أشباح بيوت وبنايات بأساسات وهمية... لكن اللي حصل ان السادة في المحليات اكتشفوا وجود عيب خلقي في البيوت ومخالفات هندسية... والنتيجة انذار بالاخلاء مع خالص الود والتحية... لكن تفتكر ايه حيكون الحل مع ضيق الحال زائد المشكلة الاسكانية... طبعاً أبومريم مضطر ينسى انذار الاخلاء وافتكرها مداعبة حكومية... وراح واتلهى في أكل عيشه وتدبير مصاريف مريم واخواتها في الدنيا الصعبة ديه... !! أبناء صهيون راحوا على بيت حنين في جنين وحاوطوه... وجابوا الجرارات وجنودهم ناويين يحطموه... وبمنتهى الجبروت والبرطعة الهمجية راحوا وقصفوه... وفي لحظة غدر وبمنتهى العدوانية دمروه... وعلشان يسرقوا الأرض مش مهم دم الناس يسفحوه... ولا يهمهم كمان برصاصهم كم واحد دبحوه... الله يلعن الذل عالخنوع على اللي بدعوه... !!
الخلاصة إن البيت اختفى وجواه حنين... من غير انذار قتلوها ولاد الأبالسة المجرمين... قتلوها علشان لا ليها دية ولا ثمن ولا حد حيسأل دمها عند مين... يعني باختصار شديد وبكل الأسى ماتت حنين... !!
في يوم مالوش شمس مريم كانت بتلعب في الحوش وحدها... فجأة لقينا بلدوزر الازالة ماشي بيجري على أرضها... لأن بيتهم قديم ولا ليها ضهر ولا حد يدافع عنها... ولا ليها قريب من الهوامير حيقدر يرجّع حقها... وكمان أبوها راجل غلبان لا كان يعرف حد في المنظومة الحزبية ولا حتى يعرف وظيفتها وشكلها... وفجأة وبدون انذار هجم البلدوزر على بيت مريم وهي ملهية في لعبها... راحوا وهدموا البيت عليها من غير ما يتأكدوا وراحت في غيبوبة بعد ما كسّروا عضمها... !!
هي دي حكاية حنين من فلسطين ومريم الطفلة المصرية... اللي هدموا بيوتهم عليهم برصاص اليهود أو بجبروت مسؤول في مركز الشروق بالإسماعيلية... نفس الهوان والذل والاستهانة بالنفس البشرية... تقدر تقوللي ايه الفرق بين الطفلة دي والطفلة دية... لو اتفق أهل فلسطين تفتكر كانوا حيتعرضوا للتهجير والابادة الجماعية... ولو مريم كانت عايشة في التجمع أو الشيخ زايد أو مارينا الساحلية... ياترى صاحب قرار الازالة كان حيقدر يقرب منها ويتحمل المسؤولية... ياترى مين اللي حيتحمل ذنبهم ومين اللي حيدفع الدية... !!
حكاية مريم وحنين درس وعبرة للملايين... وقصة بتوصف أسلوب التعامل الفظ المهين... مفيش فرق بين صهيوني مستبد ومسؤول محلي بيقهر المواطنين... ياترى حتحاول معانا نرجع حق مريم وحنين... وللا حنعمل زي الولايا ونروح ندعي على اللي بيقهرنا ويذلنا ونقول آمييين... !!
[email protected]
كان ياما كان في سالف العصر والاوان... واحد من بر مصر راجل مسكين غلبان... يروح شغله طول اليوم ويرجع في الآخر تعبان... لكن كان ولا همه شغل ولا تعب ولا عمره كان ندمان... كان لما يشوف ولاده يفرح وينسى ويحس انه إنسان... وكان له بنت اسمها مريم ليها محبة خاصة في قلبه ومكان... كان بيحب كل أولاده وحامد عليهم الخالق الرحمن... لكن مريم بالذات كانت بالنسبة له واحة وراحة وأمان... !!
هناك على الحدود التانية قبل الجدار قامت الغارة على الأهالي المساكين... مدافع وقنابل ورصاص ما تعرفش جاية منين وللا منين... لكن تلاقي رجالة وستات وأطفال قدام النار والجبروت بالعزيمة والارادة صامدين... عن أرضهم وبيوتهم بيدافعوا وعلى الصمود متحدين... سيناريو الظلم كان بيتكرر كل يوم وهم ياعيني مقهورين... تخيَّل في كل الظروف دي اتولدت طفلة بريئة اسمها حنين... بنت عادية زي كل البنات من اسرة مطحونة عاشوا ضد الاحتلال مقاومين... في بلدة صغيرة لكن عويصة على اليهود المغتصبين... مكتوبة بحروف من نور واسمها عالخريطة جنين... !!
مريم كانت فرحة البيت وعين أبوها وأمها... والبسمة اللي بتخلي أبوها ينسى همه وشقاه ساعة ما يسمع ضحكها... كانت هي واخواتها الشيء اللي بيخلي الاسرة تنسي قسوة الدنيا وذلها... خلاص مفيش غير الضنا إللي يزيل من الحلق مرها... !! حنين بنت لطيفة ظريفة والكل كان بيحبها... وكانت بتسمع عن ألعاب الاطفال والفسحة في الملاهي زي البنات في عمرها... وبتشوف مجازر اليهود وبطشهم وطمعهم في الأرض وبيت أهلها... وشافت كل يوم شهيد سواء أخوها أو عمها... الكل كان بيدافع عن الأرض والعرض والناس بتوهب للقضية عمرها... وعدو جبار كبل البلد بالمستوطنات واستباح أرض الناس ودمها... وكان بيت حنين ضمن مخطط الأراضي اللي ناويين ضمها... !!
مريم كانت زي ناس كتير بتعيش في المناطق العشوائية... وأبوها كان باني بيت قديم بشوية خشب على حبة طوب على أسياخ حديدية... وده بالطبع كان تحت سمع وبصر السادة مسؤولي الجهات المحلية... اللي سمحوا للناس تبني وتتجاوز تحت بند الطناش والفساد والمحسوبية ... ناس محتاجة تلم لحمها ومحليات بقرارات فاسدة بعيدة عن المسؤولية... تفتكر ايه حتكون معادلة الفقر مع الفساد وايه تتوقع من التركيبة دية... ؟؟ طبعاً حتلاقي أشباح بيوت وبنايات بأساسات وهمية... لكن اللي حصل ان السادة في المحليات اكتشفوا وجود عيب خلقي في البيوت ومخالفات هندسية... والنتيجة انذار بالاخلاء مع خالص الود والتحية... لكن تفتكر ايه حيكون الحل مع ضيق الحال زائد المشكلة الاسكانية... طبعاً أبومريم مضطر ينسى انذار الاخلاء وافتكرها مداعبة حكومية... وراح واتلهى في أكل عيشه وتدبير مصاريف مريم واخواتها في الدنيا الصعبة ديه... !! أبناء صهيون راحوا على بيت حنين في جنين وحاوطوه... وجابوا الجرارات وجنودهم ناويين يحطموه... وبمنتهى الجبروت والبرطعة الهمجية راحوا وقصفوه... وفي لحظة غدر وبمنتهى العدوانية دمروه... وعلشان يسرقوا الأرض مش مهم دم الناس يسفحوه... ولا يهمهم كمان برصاصهم كم واحد دبحوه... الله يلعن الذل عالخنوع على اللي بدعوه... !!
الخلاصة إن البيت اختفى وجواه حنين... من غير انذار قتلوها ولاد الأبالسة المجرمين... قتلوها علشان لا ليها دية ولا ثمن ولا حد حيسأل دمها عند مين... يعني باختصار شديد وبكل الأسى ماتت حنين... !!
في يوم مالوش شمس مريم كانت بتلعب في الحوش وحدها... فجأة لقينا بلدوزر الازالة ماشي بيجري على أرضها... لأن بيتهم قديم ولا ليها ضهر ولا حد يدافع عنها... ولا ليها قريب من الهوامير حيقدر يرجّع حقها... وكمان أبوها راجل غلبان لا كان يعرف حد في المنظومة الحزبية ولا حتى يعرف وظيفتها وشكلها... وفجأة وبدون انذار هجم البلدوزر على بيت مريم وهي ملهية في لعبها... راحوا وهدموا البيت عليها من غير ما يتأكدوا وراحت في غيبوبة بعد ما كسّروا عضمها... !!
هي دي حكاية حنين من فلسطين ومريم الطفلة المصرية... اللي هدموا بيوتهم عليهم برصاص اليهود أو بجبروت مسؤول في مركز الشروق بالإسماعيلية... نفس الهوان والذل والاستهانة بالنفس البشرية... تقدر تقوللي ايه الفرق بين الطفلة دي والطفلة دية... لو اتفق أهل فلسطين تفتكر كانوا حيتعرضوا للتهجير والابادة الجماعية... ولو مريم كانت عايشة في التجمع أو الشيخ زايد أو مارينا الساحلية... ياترى صاحب قرار الازالة كان حيقدر يقرب منها ويتحمل المسؤولية... ياترى مين اللي حيتحمل ذنبهم ومين اللي حيدفع الدية... !!
حكاية مريم وحنين درس وعبرة للملايين... وقصة بتوصف أسلوب التعامل الفظ المهين... مفيش فرق بين صهيوني مستبد ومسؤول محلي بيقهر المواطنين... ياترى حتحاول معانا نرجع حق مريم وحنين... وللا حنعمل زي الولايا ونروح ندعي على اللي بيقهرنا ويذلنا ونقول آمييين... !!
[email protected]