شَجَبَ «اغتيالَ» الجندي الأيرلندي بـ «رصاصة حقد»
البطريرك الراعي: حان للدولة في لبنان وضْع يدَها على كل سلاح غير شرعي
- تقارير عن إصابة الجندي الإيرلندي برصاصتين في الرأس
ملأ الصوتُ العالي للبطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي «الهدوءَ الهادر» في لبنان المسكون بأزماتٍ «أخطبوطية» دَخَلَ التصدي لها ما يشبه حال «التنويم» في زمنِ أعياد نهاية السنة التي تحلّ مُثْقَلَةً بكل ندوب الانهيار المالي وتَداعي المؤسسات بفعل تعطُّل آليات الحُكم في ظل الفراغ الرئاسي.
وخرقت مواقف البطريرك الذي رَفَعَ السقف إلى أقصاه في مقاربته مثلث الاستحقاق الرئاسي، و«اغتيال» العنصر في الوحدة الأيرلندية العاملة في قوة «اليونيفيل»، ووضعية «حزب الله» وسلاحه، رتابةَ المشهد الداخلي الذي بالكاد «حرّكتْه» جريمة العاقبية (في الجنوب ضدّ اليونيفيل) والذي طغى على «مزاجه الشعبي» أمس نهائي مونديال قطر حيث تسمَّر اللبنانيون لمتابعة الصراع الكروي على النجمة الثالثة بين الأرجنتين وفرنسا وهل سيُحسم بـ «صياح» منتخب «التانغو» فرحاً بالفوز أم بتأدية «الديوك» رقصة الانتصار.
وجاء تناوُل الراعي الملف الرئاسي مدجَّجاً بمرارةٍ من التعطيل المتمادي لهذا الاستحقاق منذ نحو 3 أشهر، وسط غياب أي مؤشراتٍ لقرب الخروج من نفق الفراغ الذي بات يستولد احتقاناتٍ سياسيةً وطائفيةً وحتى أمنيةً في ضوء اشتداد الاختناقات المعيشية مع تحليق دولار بيروت فوق خط 44 ألف ليرة وتَسَيُّب الواقع الأمني خارج سياق الجرائم العادية الفردية وفق ما عبّر عنه «التجرؤ» على قتْل الجندي الايرلندي برصاصة أو اثنتين في الرأس في منطقة العاقبية، ناهيك عن رمزيات «الإشكال العقاري» بين محسوبين على حزب الله وأهالي بلدة رميش (الجنوبية ذات الغالبية المسيحية) والذي اعتُبر من خصومه أحد «متحوّرات» المشكلة مزمنة في بلدة لاسا (قضاء جبيل).
وفيما كان جثمان الجندي الأيرلندي يُنقل إلى بلاده أمس عبر مطار رفيق الحريري الدولي بعد مَراسم وداع أعقبتْ إخراجه من مستشفى حمود في صيدا (تأخّر بعض الوقت)، لم تكتمل الصورة حيال ملابسات الاعتداء ولا كيفية مقتل العنصر وانقلاب الآلية التي كان يقودها ومعه 3 من عناصر وحدته جُرحوا ولا سبب دخولها طريقاً فرعية عوض البقاء على الطريق الرئيسية، وسط معلومات نقلتْها محطة mtv عن أن لجنة التحقيق الايرلندية مع فريق من منظمة كاريبين التابعة للكتيبة الإيطالية في الجنوب قاموا بتشريح جثة الجندي (في مستشفى حمود) بحضور طبيب شرعي، وقد تبين أنّه أصيب برصاصتين في الرأس مع بعض الشظايا ما أدى إلى مقتله.
من هنا جاء بارزاً إعلان الراعي «لقد آلمنا للغاية اغتيال الجندي الإيرلندي. إننا نشجب وندين بأشدّ العبارات. وهذا الجندي الذي جاء إلى لبنان ليحمي سلام الجنوب، استشهد فيه برصاصة حقد اغتالته».
وقال: «هذه الحادثة المأسوية التي تشوّه وجه لبنان، تستوجب تحقيقاً شفافاً لبنانياً وأممياً يكشف الحقيقة ويجري العدالة. لقد حان الوقت، بل حان منذ زمن، لأن تضع الدولة يدَها على كل سلاح متفلت وغير شرعي وتطبّق القرار 1701 نصاً وروحاً لأن تطبيقه حتى الآن هو انتقائي واعتباطي ومقيَّد بقرار قوى الأمر الواقع، في ما الدولة تعضّ على جرحها، وعلى تقييد قدراتها لصالح غيرها».
وإذ اعتبر «أن كل ما يجري على الصعيد الرئاسي والحكومي والنيابي والعسكري في الجنوب وعلى الحدود، وتآكُل الدولة رأساً وجسماً، يؤكد ضرورة تجديد دعوتنا إلى الحياد الإيجابي الناشط، وإلى عقد مؤتمر دولي خاص بلبنان، يعالج القضايا التي تعيد إليه ميزته وهويته»، تطرق إلى الملف الرئاسي قائلاً: «كفوا، أيها السادة النواب ومَن وراءهم عن هذه السلسلة من الاجتماعات الهزلية في المجلس النيابي، والمحقِّرة في آن لكرامة رئاسة الجمهورية من جهة، وللإفادة من شغورها من أجل مآرب سياسية ومذهبية من جهة أخرى، فضلاً عن السعي إلى تفكيك أوصال الدولة والمؤسسات. عودوا إلى نفوسكم واعلَموا أن جماعة سياسية، حاكِمة بالأصالة أو بالوكالة، ومعارِضة بالأصالة أو بالوكالة، لابد من أن تسقط مهما طالت السنوات ما دامت تهمل إرادة الشعب وتعتبره كمية لا قيمة لها وحرفاً ساقطاً».
وأضاف في غمز من قناة مواصفات حزب الله «لرئيس يحمي ظهر المقاومة ولا يطعنها»: «أرسلكم الشعب إلى البرلمان لتنتخبوا رئيساً لا لتُحْدِثوا شغوراً. والله أعطاكم مناسبة تَجَلٍّ لتنتخبوا رئيساً في المهلة الدستورية، فحولتموها زمن تَخَلٍّ لا نعرف متى ينتهي، ووسيلة إهمال جديد لرغبة الشعب الذي يريد رئيساً يحمي ظهر لبنان وصدره لا ظهر هذا أو ذاك. فمتى كان ظهر الدولة محمياً، فظهر كل المكوّنات اللبنانية يكون محمياً. الشعب يريد رئيساً لا يخونه مع قريب أو بعيد ولا ينحاز إلى المَحاور؛ رئيساً يُطَمئنه هو ويحمي الشرعية لتضبط جميع قوى الأمر الواقع».
وتناول الراعي مسألة بلدة رميش، قائلاً «كنا ننتظر وفداً من أهالي البلدة الذين يشتكون من التعديات الحاصلة على أراضيهم وعمليات جرف وبناء إنشاءات تقوم بها جهات نافذة في المنطقة. إذ نأسف لما تتعرض له أراضي البلدة من تعديات في مزرعة سموخيا المحاذية للحدود الدولية من قبل عناصر قوى الأمر الواقع التابعة لأحد الأحزاب في المنطقة، نهيب بالأجهزة الأمنية القيام بواجبها في حماية أرزاق أبنائنا وطمأنتهم، وإزالة المخالفات فوراً وسحْب العناصر الغريبة عن البلدة، ووضع حد لكل الممارسات والتعديات التي تسيء الى العيش المشترك».
انتخاب مفتي مناطق في لبنان
شهد لبنان أمس انتخاب 6 مفتي مناطق لكل من طرابلس وعكار وزحلة وراشيا وبعلبك - الهرمل، وحاصبيا - مرجعيون.
واستُثنيت من عملية الانتخاب التي دعا إليها مفتي الجمهورية الشيخ عبداللطيف دريان، مناطق أخرى وبينها صور وصيدا وجبل لبنان.
وإذ أعلن دريان مع انطلاق الانتخابات وقوفه على مسافةٍ واحدة من جميع المرشحين، أكد رئيس الحكومة نجيب ميقاتي أثناء إدلائه بصوتهِ في انتخابات إفتاء طرابلس والشمال، أنّ «اليوم هو مناسبة لتجديد الثقة بالقيّمين على هذه الدار الجامعة»، مشدداً على أهمية «التنافس من أجل الخير حتماً».
وقال: «لا تدخلات سياسية ولا اصطفافات في هذه الانتخابات بأي شكل، وجميع المرشحين لهم منا كل المحبة والاحترام».
وفي حصيلة اليوم الانتخابي:
- فوز المفتي محمد طارق إمام بمنصب مفتي طرابلس والشمال.
- الشيخ أيمن الرفاعي - مفتي بعلبك الهرمل.
- الشيخ وفيق حجازي - مفتي راشيا.
- الشيخ حسن دلّي - مفتي مرجعيون وحاصبيا.
- الشيخ علي الغزاوي - مفتي زحلة والبقاع.
- الشيخ زيد محمد بكار زكريا - مفتي عكّار.
وبعد إعلان النتائج اعتبر دريان «ان ما حصل من انتخابات للمفتين رسالة واضحة لكل القوى السياسية، أن تسارع إلى انتخاب رئيس للجمهورية يجمع بين اللبنانيين ويلتزم الدستور والميثاق الوطني، وخصوصاً وثيقة الوفاق الوطني المعروفة باتفاق الطائف التي أخرجت لبنان من نفق النزاعات الى رحاب الوطن».
وختم «ندعو إخواننا وأبناءنا لمناسبة الأعياد الوطنية والدينية التي تطل على لبنان إلى التمسك بالوحدة الوطنية والتعالي عن المصالح الذاتية والدخول في رحاب الوطن وتنمية ثقافة المواطَنة، ليعود لبنان إلى جميع أبنائه سيداً حراً عربياً مستقلاً واحة حوار وتنوع وثقافة وطنية هادفة لبناء دولة المؤسسات والقانون».