سمعت عن مجموعة عمل تطوعي، من المتقاعدين، كانوا يسعون إلى النزول إلى المدارس من أجل حل مشكلة «العمالة» التي تحدث كل سنة دراسية تقريباً، والعمل من أجل انهاء الجدل القائم بين المعلمين والوزارة عمن المتسبب في هذه الفوضى ؟
هنا يصبح التطوع حلاً للمشكلة بدلاً من الغوص في تفاصيلها، ويرى المتطوع «أبناءنا» بدلاً من أن يرى «الإجراءات والكتب والعقود» فيشمر صاحبه عن سواعده ويعمل.
تشير الدراسات أن إحدى أهم دعائم «العلاقات التراحمية» في الكويت وبين الكويتيين هو التطوع، وربما يكمن تراجع مهارات الاجتماع الإنساني بشدة وبسرعة لحل كثير من مشاكلنا بسبب النزوع نحو معاملة «ازماتنا» باعتبارها موضوعات للاستهلاك والحكم عليها من خلال «على من تقع المسؤولية» وكأن الموضوع لا يعنينا ؟
شجعت دعوة الرئيس الأميركي جورج بوش، في العـام 2002م المواطنين الأميركيين على أن يهبوا على الأقل عامين من حياتهم للتطوع لخدمة مجتمعاتهم المحلية، أو المجتمـع الأميركي بصفة عامة أو على المستوى العالمي، ما أدى إلى تشجيع العمل التطوعي وزيادة أعداد المتطوعين، وحسب المؤسسة الوطنية للخدمات الاجتماعية بالولايات المتحدة الأميركية، فقد ساعد ذلك على زيادة عدد المنخرطين في العمل التطوعي في الولايات المتحدة، وأدى إلى زيادتهم بنسبة (12 في المئة) في الفترة بين 2002 و2005م، حيث يبلغ عدد المتطوعين ما يزيد على 65 مليون أميركي.
لقد أصبح من الضروري جداً، تنظيم وترتيب وتنفيذ استراتيجية العمل التطوعي داخل الكويت، لما له من فوائد اجتماعية على مستوى الفرد والأسرة والعلاقات الاجتماعية والرعاية والمساعدة المتبادلة، ونسج خيوط الالتزامات الإنسانية وتثبيت الروابط وتعزيزها والتعايش والاندماج، وما له من فوائد مؤسسية على مستوى انتاجية الموظفين وترجمة الحقوق إلى واجبات، وسد الثغرات، وفتح آفاق، وتقليل أضرار، وما له من فوائد على الدولة والناتج الاقتصادي وتعزيز دور الفرد في تحقيق رؤية الكويت 2035م عبر التطوع والمبادرات.
تسير المملكة العربية السعودية بخطى واسعة في هذا المجال، وكذلك الإمارات العربية المتحدة، وتسعى سلطنة عمان إلى تطوير وإعادة تشكيل القوى التطوعية لدعم الاقتصاد.
إن صناعة الخطاب التطوعي والسير وفق ثقافة تطوعية وتكوين إدارات للتطوع والمبادرات داخل المؤسسات وتدريب وتأهيل المتطوعين والتوجه نحو التطوع التخصصي والاحترافي، وصناعة الأدلة والبرامج كل ذلك أصبح يندرج تحت اسم صناعة التطوع الذي دخل في حساب الناتج القومي لكثير من دول أوروبا.
مازال التطوع في الكويت «موسمي» ويعتمد على الفزعة وإدارة الأزمات وتنظيف المخلفات، ودخل أخيراً لتنظيم «الأعراس الديموقراطية»، وهو رغم أهميته إلا أنه يحتاج إلى مزيد من التطوير والابتكار على الأرض، والعمل والتنسيق بين المؤسسات والقطاع الخاص والمجتمع المدني.
ظهرت انواع جديدة من التطوع مثل «التطوع الرقمي»عبر الإنترنت، وظهرت برامج تدريبية للعمل عليه، وهو مجهود يشكر القائمون عليه.
التطوع ليس مضيعة للوقت، ولا قوة ناعمة نتفاخر بها وبإنجازاتها في الخارج، ولكنه حل لمشاكل وطنية وزيادة لإنتاجية اقتصادية وفتح لإمكانية بشرية، وتوسيع مساحات جديدة في الكويت. وكل ما لم يُذكر فيه اسم الله...أبتر.
Moh1alatwan@