إثر اشتباكات أوقعت جرحى من الجانبين
الهند تتهم الصين بمحاولة «تغيير الوضع الحدودي القائم»
اتّهمت الهند، أمس، بكين، بمحاولة «تغيير الوضع القائم بشكل أحادي» عند الحدود المتنازع عليها بين الطرفين في الهيمالايا، بينما أعلن الجيش الصيني أن جنوداً هنوداً عبروا «بشكل غير شرعي» الحدود و«عرقلوا» القوات الصينية، وذلك بعدما أسفرت اشتباكات الأسبوع الماضي عن سقوط جرحى من الجانبين.
وتعد الحادثة الأكثر خطورة على الحدود بين الدولتين الآسيويتين النوويتين منذ العام 2020 عندما قتل 20 جندياً هندياً وأربعة جنود صينيين في مواجهات.
وقال وزير الدفاع الهندي راجنات سينغ، «في التاسع من ديسمبر 2022، حاولت قوات جيش التحرير الشعبي الصيني تغيير الوضع القائم بشكل أحادي عبر التعدي على خط السيطرة الفعلية في منطقة يانغتسي التابعة لقطاع تاوانغ».
واندلعت حرب بين الصين والهند في العام 1962 حول مسألة الحدود الطويلة المتنازع عليها بينهما.
ولفت سينغ إلى أن المواجهة، التي أعقبت مناورات عسكرية أميركية - هندية مشتركة قرب الحدود أثارت غضب بكين، أدّت إلى «إصابات في صفوف الجنود من الجانبين».
وتابع «نشب شجار في هذه المواجهة. منع الجيش الهندي بشجاعة جيش التحرير الشعبي الصيني من التعدي على أراضينا وأجبره على الانسحاب إلى مواقعه. وأصيب بعض الجنود من الجانبين في المناوشة».
وقال مصدر عسكري لـ «فرانس برس»، إن ستة جنود هنود على الأقل أُصيبوا.
وفي بكين، قال ناطق باسم جيش التحرير الشعبي، إن القوات الصينية «تعرّضت إلى عرقلة من الجيش الهندي الذي عبر بشكل غير شرعي خط (السيطرة الفعلية)».
وأضاف «كانت إجراءات الرد التي قمنا بها مهنية ووفق المعايير وقوية وتم تحقيق استقرار في الوضع على الأرض. حاليا، فُضّ الاشتباك بين الصين والهند».
وأضاف «طلبنا من الجانب الهندي بأن يسيطر بشكل مشدد ويضبط الجنود على الخطوط الأمامية وبأن يعمل مع الصين للمحاظة على السلام والهدوء على الحدود».
وفي وقت سابق أمس، أكد الناطق باسم وزارة الخارجية الصينية وانغ وينبين للصحافيين «على حد فهمنا، فإن الوضع الحدودي بين الصين والهند مستقر بالمجمل»، مضيفاً أن الطرفين «حافظا على حوار من دون عراقيل في شأن المسألة الحدودية عبر القنوات الديبلوماسية والعسكرية».
وأضاف «نأمل بأن يتحرّك الجانب الهندي في الاتجاه ذاته على غرار الصين وأن يلتزم بصرامة بروح الاتفاقات التي سبق أن توصل إليها الجانبان والتمسك معًا بالسلام والهدوء في منطقة الحدود بين الصين والهند».
- «مواجهة»
وأشار سينغ إلى أن القادة المحليين من الجانبين عقدوا اجتماعاً في 11 ديسمبر، ونوقش الحادث.
وأوضح أنه «لم يمت أي من جنودنا ولم يُصب أحد بجروح خطيرة».
وذكر المصدر العسكري أن «مواجهة» أخرى بين قوات هندية وقوات صينية وقعت في الأسبوع الأخير من نوفمبر في منطقة ديمشوك في لاداخ (شمال غرب)، بالقرب من مكان مواجهات يونيو 2020.
ولم يتّضح ما إذا نتج عن الحادثة هذه إصابات.
وتحدث المصدر العسكري عن تزايد لنشاط عسكري صيني في لاداخ، إلى جانب انتهاك «محتمل» للمجال الجوي من قبل القوات الجوية الصينية في المنطقة نفسها.
ويلي ذلك تدريبات عسكرية أميركية - هندية مشتركة أثارت غضب بكين الشهر الماضي في ولاية أوتاراخاند شمال الهند المتاخمة للصين.
وقال المصدر العسكري إن الجنود الصينيين رفعوا لافتة تعترض على التدريبات العسكرية.
وحتى قبل اشتباكات يونيو 2020، كانت الهند بدأت تتجه استراتيجياً إلى الغرب لتعميق التعاون الأمني مع الولايات المتحدة واليابان وأستراليا في منطقة آسيا المحيط الهادئ.
أصل الأزمة
ودارت على مدى الأعوام الماضية اشتباكات بسيطة بين القوتين الآسيويتين الكبيرتين على طول الحدود بينهما والممتدة على طول 3500 كيلومتر، خصوصاً في منطقة لاداخ المرتفعة في شمال الهند.
وفي 2017 وقفت القوات الهندية والصينية وجهاً لوجه على مدى 72 يوماً في قطاع استراتيجي من منطقة بوتان في الهيمالايا، ونجحت مفاوضات بتخفيف التوتر بين الطرفين.
وتدور نزاعات جغرافية عدة في قطاعات لاداخ (غرب) وأروناشال براديش (شرق)، ووقعت حرب خاطفة بين البلدين عام 1962، هزمت فيها القوات الهندية.
وترجع أولى فصول النزاع بين البلدين إلى العام 1947، حين استقلت الهند عن بريطانيا، وحصلت على هضبة واسعة شمال شرقي البلاد، اعتبرت الصين ان ملكيتها تعود لها.
وكان الهجوم الصيني على القوات الهندية عام 1962، المحطة الأبرز في هذا النزاع، حيث استولت على مرتفعات أقساي تشين التي تفصل بين البلدين.
وآخر مواجهة كبيرة كانت في 2017، حين بدأت الصين في شق طريق عسكري على تلة استراتيجية قرب حدودها تعرف بـ «هضبة دوكلام»، والتي تربط بين أراض صينية وهندية وبوتانية. وانتهت بتراجع قوات الأطراف كافة.