رغبة الأرجنتين تصطدم بخبرة كرواتيا في أولى مواجهتي نصف النهائي
...مفترق طرق
- وصيفا النسختين الأخيرتين يحلمان بمواصلة المشوار
- الـ «تانغو» يعتمد على وقوف الجميع خلف تألّق «البرغوث»
بعد حلولها وصيفاً لبطل العالم 2018، ظنّ الجميع أن ما تحقّق كان عبارة عن ضربة حظ استفادت منها كرواتيا للوصول إلى هذه المركز المفاجئ، إلّا أن ما حصل في بطولة كأس العالم لكرة القدم 2022 في قطر، أكد للجميع أن هذه الدولة الصغيرة، تجني ثمار خططها وثباتها وخبرة مخضرميها بأحسن طريقة.
من جهتها، وبعدما حلّت في المركز الثاني في مونديال 2014 في البرازيل، أظهرت الأرجنتين أمام جميع العالم، أنها باتت جاهزة لمعانقة الذهب، بفضل خبرة وقدرات لاعبيها وتغيّر طريقة لعبهم في الـ «تانغو» بعد سلسلة من الانتقادات الموجّهة لهم بأن أداءهم الوطني يقلّ بأضعاف عما يقدمونه مع أنديتهم.
اليوم، يقف المنتخبان على مفترق طرق في مواجهتهما الثالثة، أمام مواصلة المسيرة في المونديال القطري، وبلوغ أحدهما المباراة النهائية في 18 الجاري، خلال اللقاء الأول في الدور نصف النهائي على استاد «لوسيل».
وترتدي الموقعة أهمية أكبر بكثير بالنسبة للمنتخبين، لأن بطاقة النهائي على المحك، حيث يسعى ميسي إلى تكرار سيناريو 2014 حين قاد بلاده الى المباراة الختامية للمرة الخامسة في تاريخها بعد 1930 و1978 و1986 و1990، على أمل أن ينجح في تعويض ما فاته قبل 8 أعوام حين سقط أمام الألمان بهدف نظيف.
اللقب الأسمى
وبالنسبة ميسي (35 عاماً)، الذي أظهر أمام هولندا غضباً غير مألوف في مسيرته، ما يؤكد حجم اندفاعه لتحقيق حلم منح بلاد ه لقبها الأول منذ 1986 والثالث في تاريخها، فإن الـ «تانغو» بين أفضل 4 منتخبات في المونديال، لأنه أظهر مباراة بعد أخرى أنه يعرف كيف يلعب بالكثافة والرغبة في القتال والتركيز نفسهما، حيث يركض الجميع على الرغم من المعاناة والتعب، من أجل كل هؤلاء الناس الذين يرافقونه في الدوحة.
ويعتمد المنتخب الأرجنتيني بشكل كبير على قدرات ميسي الفردية، سواء في تمرير الكرات الحاسمة، كما فعل في اللقاء الأخير أمام هولندا في ربع النهائي (4-2 بركلات الترجيح بعد التعادل 2-2 في الوقتين الأصلي والإضافي) لحظة تمرير كرة الهدف الأول لناهويل مولينا، أو في التسجيل واقتناص الأهداف بحرفية.
ولطالما أُخِذَ على أفضل لاعب في العالم 7 مرات، الذي رفع رصيده في النسخة الراهنة إلى 4 أهداف، وأصبح ثاني أرجنتيني يسجّل 4 أهداف في نسختين مختلفتين بعد غابريال باتيستوتا، إذ سبق له أن أحرز العدد نفسه في مونديال 2014، أنه عجز لأعوام طويلة عن نقل تألقه على صعيد الأندية الى المنتخب، لكنه نجح أخيراً في فك النحس الذي لازمه بإحراز لقبه الأول بألوان بلاده من خلال الفوز بـ «كوبا أميركا» 2021، في وقت، كما حال اللاعبين كافة، تبقى كأس العالم الحلم الأسمى له.
ويُعاون «البرغوث» مجموعة من النجوم الذين يقاتلون من أجله، بحسب ما صرّح عدد منهم، وعلى رأسهم رودريغو دي بول، الذي يعتبر «رمانة الميزان» في وسط الملعب، وإنزو فرنانديز المتألق أخيراً، والهداف جوليان ألفاريز، على أمل أن يستعيد لاوتارو مارتينيز حسّه التهديفي ليساهم في استمرار مسيرة المنتخب الأرجنتيني نحو النهائي.
ورفض مدرّب المنتخب الأرجنتيني ليونيل سكالوني المقارنة بين الخسارة القاسية أمام كرواتيا في دور المجموعات عام 2018 والمواجهة المرتقبة اليوم، متوقعاً مباراة صعبة ضد فريق جيد، ضد فريق بكل ما للكلمة من معنى، يلعب ممجموعة وسيجعل الأمور صعبة.
وعن قيادة ميسي في ما سيكون غالباً النهائيات العالمية الأخيرة له، أفاد سكالوني «سنرى ما إذا كان سيواصل اللعب أم لا، وما إذا كان بإمكاننا الاستمرار في الاستمتاع بمشاهدته يلعب كرة القدم، وبلدنا بأكمله يدعمنا لكن الطريق مازال طويلاً. نحتاج الى التركيز بالكامل على مباراة الغد، ستكون مباراة صعبة».
خارج التوقعات
ويأتي اللقاء على وقع دخول كرواتيا نادي الأربعة الكبار للمرة الثانية توالياً، بعدما دخلت نهائيات النسخة الـ 22 وهي خارج التوقعات، لاسيما أن معظم نجومها الذين قادوها الى نهائي عام 2018 تقدموا في العمر، وعلى رأسهم القائد المخضرم لوكا مودريتش (37 عاماً)، الذي شبّه بناديه ريال مدريد الإسباني في الحمض النووي القتالي، معتبراً أن فريقه في «سانتياغو برنابيو» يحارب حتى النهاية، وأن «المنتخب يقوم بذلك أيضاً».
ويقف المنتخب الشجّاع وقائده، الذي حقّق رقماً ظل غائباً عن كأس العالم لمدة 24 عاماً، بعدما بات أكبر لاعب خط وسط يبدأ أساسياً في مباراة في ربع النهائي للحدث العالمي، منذ الألماني لوثار ماتيوس في مونديال 1998 ضد كرواتيا بالذات، بين ميسي وفرصته الأخيرة لمنح بلادها اللقب.
وخالف الكروات بقيادة المدرب زلاتكو داليتش التوقعات وقادوا المنتخب المُكنّى بـ «فاتزيني»، وتعني الحارقون أو الناريون، الى نصف النهائي الثالث في 6 مشاركات بعدما عرفوا كيف يديرون مباراتي ثُمن وربع النهائي، بروح قتالية عالية سمحت لهم بتعويض تخلّفهم أمام اليابان ثم أمام البرازيل في الوقت الإضافي، قبل أن يحسموا الأمور بركلات الترجيح بفضل الحارس المتألق دومينيك ليفاكوفيتش.
وبالنسبة الى داليتش، فإن الشجاعة كانت مفتاح وصول كرواتيا إلى هنا، متعهّداً بأنها «ليست النهاية» وفريقه لن يتوقف عند إنجاز بلوغ نصف النهائي للمرة الثانية توالياً لأن «هذه هي كرواتيا الكبرياء، والشجاعة، والإيمان والوطنية».
5 مواجهات
يعود المنتخبان الأرجنتيني والكرواتي بالذاكرة الى مونديال 2018 حين تواجها في دور المجموعات، ووقتها حقّقت كرواتيا فوزاً ساحقاً بثلاثية نظيفة سجلها أنتي ريبيتش ومودريتش وإيفان راكيتيتش. وعندما وصلت كرواتيا الى نصف النهائي عام 1998 في مشاركتها المونديالية الأولى بعد الاستقلال عن يوغوسلافيا السابقة، تواجهت أيضاً مع الأرجنتين، لكن النتيجة كانت حينها لصالح ألـ «بيسيليتسي» بهدف سجله إيكتور بينيدا في دور المجموعات.
وبخلاف لقاءي المنتخبين في كأس العالم، فقد التقيا في 3 مباريات ودية، حيث فاز كل منهما في مباراة، فيما فرض التعادل السلبي نفسه مرة واحدة.
مهمّة صعبة
لن تكون مهمّة كرواتيا سهلة بالتأكيد، إذ إن جرّ رجال المدرب الأرجنتيني ليونيل سكالوني الى ركلات الترجيح، قد لا تثمر لأن أبطال العالم مرتين يملكون في صفوفهم سلاحاً مماثلاً للحارس الكرواتي دومينيك ليفاكوفيتش هو إيميليانو مارتينيز، في حين أنه وخلال مبارياته الخمس السابقة التي خاضها في مونديال 2022، أحرز منتخب كرواتيا 6 أهداف، فيما سكنت شباكه 3، ويبدو هجومه أضعف نسبياً من الأرجنتين، التي أحرزت 9 أهداف في المسابقة، ولكن دفاعه أقوى من راقصي الـ «تانغو»، الذي استقبل 5 أهداف.