مصارف لبنان تردّ على اتهامها بعرقلة التشريعات المالية

تصغير
تكبير

حفلت مطالعةٌ تم تعميمها امس تحت عنوان فرضيات وحقائق، بردود قانونية وإجرائية على الاتهامات المتوالية بحق المصارف اللبنانية ومواقف جمعيتها إزاء عدد من مشاريع القوانين الخاصة بالقطاع المالي، والتي تشكل بمجموعها المسار القانوني لمقاربة الأزمات العاتية، وتستجيب لحزمة الشروط التشريعية التي يطلبها صندوق النقد الدولي.

ورغم المواربة في إلصاق الصفة الرسمية بالمطالعة والاكتفاء بصيغة توقيعها من قبل أمين عام جمعية المصارف اللبنانية الدكتور فادي خلف وعلى مسؤوليته الشخصية، فقد بدا واضحاً تطابق المضمون مع أحاديث ومداخلات كبار المصرفيين في الاجتماعات المعلنة وغير المعلنة مع أركان السلطتين التشريعية والتنفيذية، وايضاً مع بعثة صندوق النقد وموفديه إلى بيروت.

في الفرضية الاولى، ورداً على تبرع البعض بالقول إن المصارف تعارض مشروع قانون «الكابيتال كونترول» كونها تريد متابعة التحاويل إلى الخارج، تُبَيِّن المطالعة «أن أي تحاويل مستقبلية للخارج لا يمكن أن تكون لمصلحة المصارف التي يتم تقييم استمراريتها حالياً من الهيئات الرقابية والجهات الدولية بما تمتلكه من سيولة بالعملات الأجنبية النقدية. بالتالي، إن أي تحاويل للخارج ستُضعِف دون أدنى شك سيولتها بالعملات الأجنبية وتهدد استمراريتها، ما يجعل هذا التحليل ساقطاً حكماً».

واستتباعاً، في شأن إشاعة ان المصارف لا تملك ما يكفي لدفع ألف دولار شهرياً لكل مودع والمذكورة في المادة السادسة من مشروع القانون، يجيب انه «قد لا تتوافر السيولة الكافية حالياً لدى غالبية المصارف لدفع ألف دولار كحد أقصى، انما ما قد يشكل نقطة تلاقي للمصارف هو متابعة تطبيق التعميم 158 بحسب معادلة دفع 800 دولار، نصفها بالليرة والنصف الآخر بالدولار النقدي على أساس 200 دولار يؤمنها المصرف المركزي و200 دولار تؤمنها المصارف من سيولتها».

وحول تأييد المصارف للقانون بهدف حماية نفسها من الدعاوى، يورد خلف «في ما يختص بالمادة 12 من مشروع القانون والتي تُعنى بالإجراءات القضائية، فالجواب يأتينا من واقع الدعاوى الحالية، حيث أن قلة من كبار المودعين المقيمين في الخارج هم من يربحون الدعاوى ضد المصارف فيجففون سيولتها المفروض توزيعها بالتساوي على كافة المودعين عبر التعميم 158. إن ترك قلة من المودعين غير المقيمين يستأثر بحقوق صغار المودعين الذين لا قدرة لهم على تحمل تكاليف الدعاوى في الخارج، هو الاستنسابية بعينها، حتى أضحى من الأصح تسميتها بدعاوى كبار المودعين ضد صغار المودعين».

وعن الترويج المتعمّد بأن لا مصلحة للمصارف بالمضي بمشروع قانون إعادة التوازن للقطاع المالي أو بقانون إعادة هيكلة القطاع المصرفي كونها تفضل الإبقاء على الوضع الحالي بهدف إستنزاف الودائع على مر السنين، تلاحظ المطالعة «إن هذا الكلام يفتقد للدقة كون الأرقام تؤكد العكس. إذ ان الانخفاض الذي شهدته الودائع بالعملات الأجنبية بنحو 27 مليار دولار منذ بداية الأزمة يعود بمعظمه الى تسديد جزء كبير من التسليفات بشيكات وتحاويل مصرفية. أما وقد تقلصت التسليفات الى نحو 12 مليار دولار، فان انخفاض الودائع سينحصر مستقبلاً بالسحوبات والتي قد لا تمثل أكثر من 2 إلى 3 مليار دولار سنوياً. بالتالي إن أي تذويب مفترض للودائع سيستغرق ما لا يقل عن 30 عاماً».

أما عن شطب الودائع في حال حصوله، فسيكون هدفه الأول والأخير، بحسب امين عام جمعية المصارف اللبنانية، تملص الدولة من التزاماتها تجاه المصارف بطريقة غير مباشرة، مع ما يعنيه ذلك من وضع المصارف في مواجهة مع مودعيها. وستقف يومها الدولة ومؤسساتها، كما هي الحال اليوم، موقف المتفرج على صراعٍ تسببت هي به ضمن القطاع الخاص. إن أفضل تشبيه يصح تصويره في هذا السياق، هو ذلك السائق المتهور الذي تَسَبَّبَ بحادث اصطدام بين باقي السيارات فيما لاذ هو بالفرار وراح يتفرج من بعيد على الضحايا، موَجِّهاً سيارات الإسعاف وفارضاً نفسه حكماً في توزيع المسؤوليات".

وترى المصارف في صندوق استعادة الودائع «حلاً من الحلول الممكنة، على أن لا تعود وتُلقى على عاتقها النسبة الأكبر من تمويل هذا الصندوق، فيما تتحمل الدولة نسباً ضئيلة من التمويل عبر مساهمات بمداخيل افتراضية أكثر منها واقعية. إن الدولة إستهلكت 62.67 مليار دولار من أصل فجوة قدرها 73 ملياراً، أي 86 في المئة من الفجوة.

وبالتالي عليها أن تساهم بنفس النسبة في تغذية صندوق استعادة الودائع بطرق عدّة ومنها على سبيل التعداد لا الحصر الشراكة مع القطاع الخاص، كما وتخصيص قسم من الموارد النفطية المتوقعة. ما هو عدا ذلك لا يعدو كونه عملية تملص للدولة من مسؤولياتها في هدر أموال المودعين ومخالفة واضحة للمادة 113 من قانون النقد والتسليف التي تُلزِم الدولة بتغطية خسائر مصرف لبنان كاملة».

بالنتيجة، تؤكد المطالعة «ان الحل والربط هو في يد المجلس النيابي، فلا الحكومة ولا مصرف لبنان ولا المصارف لهم الكلمة الفصل في هذا المجال. اما أهمية الاتفاق فهي في الإصلاحات البنيوية المطلوبة من صندوق النقد والتي لن تكون فاعلة إذا لم تعالج على وجه الخصوص مكامن الهدر والفساد وتَرَهُّل القطاع العام، بالإضافة إلى ضبط المرافق العامة والحدود».

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي