No Script

مجرد رأي

الإمارات المتجدّدة في عيدها...

تصغير
تكبير

يصح القول إنه كلما تمضي الأيام يتآكل العديد من مقومات القوة في مسيرة دول عدة لدرجة الشيخوخة أحياناً، نزولاً عند سُنن الحياة، ومن تلك الصور البارزة ما مرّت به اليونان أقدم حضارة عظيمة وأول حضارة متعلّمة في أوروبا.

لكن من الواضح أن دولة الإمارات العربية تعاكس هذا الاتجاه لحد كبير، فلا يعد سراً أنه مع كل عيد وطني يتجدد شباب الإمارات، لترسخ مكانتها المتقدمة خليجياً وعربياً عاماً تلو الآخر، كدولة مركز تؤثر بثقافتها في الآخرين، حتى باتت مضرباً للمثل في الحداثة والاستقرار واستقطاب أنظار العالم إليها، بخلاف دورها المحوري في العديد من القضايا الإقليمية.

صادف يوم الجمعة الماضية اليوم الوطني الإماراتي الذي يوافق الثاني من ديسمبر كل عام، وتحتفل فيه دولة الإمارات العربية المتحدة بذكرى قيام اتحادها الذي تأسس عام 1971، لتؤكد من جديد أنها واحدة من الدول الأكثر استقراراً على مستوى العالم في التاريخ الحديث، إضافة إلى ريادتها في مجالات الاقتصاد والاستقرار الاجتماعي والأمن.

وربما لا يجافي الموضوعية القول إن الإمارات من الدول الرائدة خليجياً وعربياً في صناعة التحول، وقيادته، ولا تقتصر خطواتها لذلك ثقافياً وحضارياً ومجتمعياً، بل ومالياً أيضاً لتحل في مقدمة الدول النفطية التي فطنت إلى نعمة النفط، والعمل على تفادي نقمته.

وبالطبع لم يأت ذلك ارتجالياً بل جاء وفقاً لإستراتيجية أعدتها مبكراً، أفلحت من خلالها في صياغة مستقبلها كدولة تستهدف تنمية مستدامة، بمسارات تنموية واضحة ومحددة، لتنجح مع ذلك في مواجهة جميع التحديات المحلية وأعقد الأزمات العالمية المالية والجيوسياسية التي برزت خصوصاً في السنوات الأخيرة، إذا يبدو أنها تنبأت بها ضمن قراءة حكيمة لصيانة مستقبلها، فأمنت مخاطر تداعياتها لحد كبير مدفوعة بمحركات اقتصادية أقوى للنمو، فتفوقت على غيرها حتى من الدول الكبرى الأكثر قدماً.

فمن جهة النعمة يدرك الجميع دور الذهب الأسود في إحداث تغيير جوهري في حياة شعوب الخليج، اجتماعياً واقتصادياً وثقافياً، لكن الإمارات وفي مقدمتها دبي بدأت مبكراً في صياغة مسارات نوعية لقيادة ميزانياتها بمضامين تنموية واستثمارية تكفل تنوع مصادر دخلها، ما مكنها بناء مصدات ثروة ودخل إضافي حمتها من الوقوع في فخ الاعتماد الأحادي على النفط كمصدر رئيس للدخل.

وربما يكون مفيداً هنا استذكار الأهمية الاستثمارية والاقتصادية التي يلعبها جهاز أبوظبي للاستثمار الذي حافظ على ترتيبه الرابع في قائمة أكبر 10 صناديق سيادية عالمياً، حسب آخر تصنيف لمؤسسة (SWF Institute) المتخصصة في دراسة استثمارات الحكومات والصناديق السيادية، بعد أن ارتفعت أصول الصندوق بقيمة تقارب 50 مليار دولار، لتصل إلى نحو 700 مليار دولار وجاءت مؤسسة دبي للاستثمار في المرتبة الـ11.

الخلاصة:

بعيداً عن النهضة الحضارية والاقتصادية التي شهدتها الإمارات على مدار الـ51 عاماً الماضية لطالما اشتهرت دولة الإمارات العربية المتحدة عامةً وإمارة أبوظبي خاصةً بتقديم العديد من المساعدات للدول النامية ودعمها اقتصادياً ولوجستياً من خلال صندوق أبوظبي للتنمية الذي لعب دوراً مميزاً في مساعدة تلك الدول من مختلف النواحي.

وإلى ذلك، لا يسعنا في هذه المناسبة، ووسط مشاركة الكويت لأشقائنا احتفاء بعيدهم الوطني إلا القول «دامت الإمارات قيادةً وحكومةً وشعباً منارةً خليجية وعربية وعالمية».

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي