انتهينا بالأمس الى بلد الحرائق، وسنكمل اليوم حديث وزير الإعلام والحرائق وقانونه، الذي سيحول البلد الى محكمة تفتيش كبيرة، سكمل حيديثي عن فقرتين في القانون الذي سيؤثر كما قلت، حتى على بائعي الفلافل!
1 - قانون «معاقبة المطبعة، التي تطبع أي ورقة قبل الحصول على موافقة وزارة الإعلام» بحجة ان البعض طبع منشورات مسيئة دون إذن الوزارة! ولمن لم يستوعب الموضوع سأوضح ماذا يعني:
يعني ان أي مرشح برلماني، او بلدي، أو حتى مرشح مجلس اباء، لن يطبع أي دعوة او نشرة او صورة دون موافقة مسبقة من وزارة الاعلام!
ويعني ان اي مؤلف رواية، شعر، قصص أطفال، كتاب طبخ... لن ينشر ويطبع كتابه قبل قراءة وزراة الاعلام لما كتب!
ويعني ان القوائم الطلابية في الجامعات والكليات لن تنشر اي نشرة، او صورة، او بوستر، دون موافقة مسبقة من وزارة الاعلام!
ويعني، انه لن تستطيع اي مؤسسة تجارية، او جمعية نفع عام، او مبرة خيرية، من نشر او طباعة اي نشرة او مجلة الا بموافقة مسبقة من وزارة الاعلام..!
ويعني انه لن يستطيع حتى صاحب مطعم فلافل طباعة اعلان عن مطعمه لتوزيعه على السيارات، دون ان تراجع وزارة الاعلام ما كتبه عن فلافله!
ولن يستيطع اي مواطن ان يطبع دعوة عرس او حتى عزاء الا بموافقة الوزارة!
وباختصار لن يضع اي «بني ادام» قدمه في اي مطبعة الا بعد حصوله على اذن مسبق، من الوزارة الكريمة، مختمومة بختم الوزير!
2 - هل تتصورون ان الأمر يقف عند هذا الحد، القانون، ادخل «خشمه» حتى في خصوصيات الناس، حيث سينضم المدونات وكل ماينشر في النت، وما ينشر في المسجات، باعتبارها اداة اعلامية وليست ادوات، ومواقع خاصة!
ماذا يعني هذا؟، سأشرح لكم يا شعب ماذا يعني:
يعني لو انشأت مدونة وكتبت مذكراتك، وآراءك عن الحكومة، او النواب، او دولة زرتها ولم تعجبك، ستحيلك الوزراة الى النيابة فورا اذا شعرت انك اسأت الى الوزير او البلد الذي زرته!
يعني لو كان عندك موقع في «الفيس بوك» فإن هذا الموقع وماينشر فيه يقع تحت طائلة قانون المطبوعات، وتحاكم وتجرجر للمحاكم مثلا لو كتبت منتقدا منتخب كرة دولة شقيقة!
لو ارسلت ايميلا، عن موضوع معين نشر في الصحافة او منع نشره، او صورا، وأفلاما، واغاني... فإن هذه كلها خاضعة لقانون المرئي والمسموع!
ويعني ان نشر اي خبر في المسج، او نكتة، او تعليق... ايضا يعتبر ضمن المرئي والمسموع، فالنكتة الخارجة مثلا التي قد ترسلها لصديق، قد تتحول الى جريمة خدش حياء عام لنشر مواد مخلة عبر وسيلتك الاعلامية وهو موبايلك، ويعني ان الكل سيكون تحت المراقبة في هذا البلد، ومرشحا دائما لتحول إلى النيابة، ويعني ان الشعب كله سينام في المخافر!
هذا يا قوم قانون وزير الاعلام والحرائق... ولا حل لكم سوى حرق القانون وحامله، وبائعه، وشاريه، ومؤيده!
جعفر رجب
[email protected]