No Script

قيم ومبادئ

أسباب السقوط السياسي!

تصغير
تكبير

في الكويت لم يعُد لدينا كما يُقال - معارضة رشيدة - كما لم يعُد لدينا حراك سياسي، وحالنا في ذلك كحال بقية الدول العريقة في الخلافات والثورات، وزوال الاستقرار بسبب الأحزاب ومصالحها التي ضاعت معها هيبة الدولة واختل النظام العام وانخرم القانون... ولكن ما هي أهم الأسباب التي أدت بنا إلى هذه الحال؟ الأسباب كثيرة ومتنوعة ومنها ما هو عميق ومنها ما هو ظاهر ومنها بسيط ومنها معقد ومركّب، ولعل فساد الأخلاق عامل مشترك يجمعها جميعاً حيث أصاب هذا البلاء بعض الزعماء وظن هؤلاء أن الأمة خُلقت لهم أن يفعلوا بها ما يشاؤون وترسّخت فيهم هذه القناعة مع الزمن حتى إذا حاول إنسان أن يقيمهم على الجادة بطشوا به ليكون عِبرة لغيره!

وتابع هؤلاء أشباه العلماء المتزلفون للسلاطين المتقلبون في نعمائهم وافتُوهم بجواز قتل ذلك الناصح الأمين بحجة أنه شق عصا الطاعة وفارق الجماعة!

وبين انحراف بعض الزعماء وبعض العلماء، نجد البيئة الحاضنة والفضاء المفتوح الذي أتاح لأجيال الشباب الولوج إلى الشأن العام والإدلاء بآرائهم التي لا تستند إلى دليل ومع ذلك تجده ينافح عنها ويكافح وكأنه في ميدان نزال ومبارزة ولا يتكلم بعقل صحيح ولا نص صريح بل بمجرد الرأي والهوى!

فأصبحت هذه السمه الغالبة على جيل الشباب التي دخلت عالم الاتصالات - العالم الافتراضي - من غير تحصين ولا تربية كالتي تربى عليها الجيل الأول المؤسس، وبالتالي لم يكن يتوقع أن تسير الحياة السياسية والاجتماعية على المستوى الرفيع ذاته الذي سارت عليه في العهد الأول.

وزاد الطين بلّةَ أن الشباب لم يجدوا أمامهم قدوة في العمل السياسي ليسيروا خلفها حيث تساقط الرموز الواحد تلو الآخر، وتعدّدت الأسباب والسقوط واحد، فخلت الساحة من المخلصين إلا ما ندر وأصبح القسَم النيابي مجرد كلمات تلوكها الألسنة وصور تلتقطها الكاميرات لتزين بها صدور الصحف وليس لهذا القسم أثر في الأقوال والأعمال!

وأما ثالثة الاثافي - كما يُقال - فسنجد الأحزاب السياسية الإسلامية - إن جاز لنا التعبير - فقد انكفأت على نفسها في نظام شمولي فردي شديد المركزية، دخل في حلقات لا تنتهي من القمع لمعارضيه بكل اتجاهاتهم سواء كانوا داخل الحزب أو خارجه، فلم يكن منتظراً من نظام من هذا النوع أن يترك مجالاً لأي منشط ثقافي أو حراك سياسي أو حتى اجتماعي أن ينشأ خارجه ويترك له فرصة للنمو المستقل عنه!

فكل ما هو خارجه هو في صراع وجودي محتم معه حتى يُنهيه أو يحتويه! ولم يبق من رموز شيوخ التنظيم إلا مَنْ كان مراهقاً فترة نشوء الأحزاب الإسلامية مطلع القرن التاسع عشر؟ وهذه الشريحة لم تتلق العلوم الشرعية بل درست العلوم الإنسانية أو الهندسة والطب وبعدها اطلعت على العلوم الشرعية، وبعدها بدأت بتوجيه الناس إلى القبلة التي تُناسب رأي التنظيم والحزب!

ومن هنا دخلت الدعوة الإسلامية إلى منحى جديد... ومن هنا أيضاً ضعف لدى الشباب استشعار المسؤولية مع اعتقاد البعض أن في الساحة ما يكفي ولا حاجة للعمل والنهوض من جديد، مع انصراف اهتمامات الشباب إلى السياحة والسفر والاستراحات والمزارع والجواخير يقضون بها جُل أوقاتهم مع شعور البعض بالفشل والانهزامية والضعف أمام تيارات الفساد حتى تطرّق الإحباط إلى النفوس.

كما أن المضايقات التي يتعرّض لها بعض الدعاة في حقل الدعوة مع تلقي الصدمات المتتالية فربما كان ذلك سبباً في تنحي البعض وإيثاره السلامة، فينطوي على نفسه ويترك الدعوة بالكلية، ولا يفوتني أن أذكر تقصير المنظّرين للحزب والمسؤولين في الجماعة عن تحفيز الشباب وإقناعهم بأهمية العمل الدعوي والتواصل الاجتماعي مع فتح الآفاق أمامهم للولوج إلى ميدان العلم والعمل الفسيح، كل على حسب حاله، كل هذه التراكمات ولّدت شعوراَ لدى الشباب بعدم الرغبة والاستعداد لأنه يُناط به عمل أو يتحمل مسؤولية لا عجزاً ولكن تهاوناً وكسلاً.

وبالنهاية، ويُمكن أن يقال «وعلى نفسها جنت براقش»!

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي