No Script

رؤية ورأي

مونديال قطر والكليّات التطبيقيّة

تصغير
تكبير

في عام 2010، انتزعت قطر حقوق تنظيم بطولة كأس العالم الحالية بعد فوز عطائها على عطاءات الولايات المتحدة الأميركية وكوريا الجنوبية واليابان وأستراليا. لاشك أن النتيجة كانت مفاجئة ولكنها لم تكن وليدة صدفة، لأنها تحقّقت بفضل مجموعة من العوامل، كان من بينها شمولية وكمال خطة الإعداد للبطولة التي قدّمتها قطر، واحتضنها معظم أعضاء اللجنة التنفيذية في الاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا» الراغبين في تنظيم البطولات الدوليّة في دول ولدى شعوب لم يسبق لها تنظيم البطولة – كما حصل في اختيار قارة أفريقيا لتنظيم البطولة للمرة الأولى في 2010 – فرجّح عطاء قطر كأوّل دولة إسلامية أو عربية أو شرق أوسطية.

أتذكر أنني قبل قرابة 12 عاماً، خلال الأشهر اللاحقة لإعلان فوز قطر بتنظيم بطولة 2022، كنت أستشهد كثيراً بالطموح الكبير والهمّة العالية لدى القطريّين، حين تبنّوا رؤية تنظيم البطولة وحين أعدوا وقدّموا عطاء التنظيم إلى «فيفا». حيث كنت أوظّف هذا الاستشهاد لتسويق فكرة طموحة يُسمح بموجبها لكليّات الهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب الدخول في شراكة استثماريّة تدريبية مع القطاع الخاص.

بموجب هذه الشراكة يُسمح لكلية الدراسات التكنولوجية – على سبيل المثال – التعاقد مع احدى الكراجات والورش المرموقة لإصلاح وصيانة السيارات، للاستثمار في كراج إصلاح سيارات بكامل تجهيزاته الحديثة، تابع للكلية ومرخّص لممارسة النشاط التجاري من قبل وزارة التجارة والصناعة والجهات الحكومية المعنية الأخرى، يقدّم خدماته للزبائن بمقابل مادي يُحدّده المستثمر، وفي الوقت ذاته يتدرّب فيه طلبة برنامج تكنولوجيا ميكانيكا السيارات، ثم بعد تأهيلهم يعملون فيه بنظام الأجر الرمزي مقابل العمل بنظام الساعات، لعدد إجمالي من الساعات معيّن في وثيقة وصف البرنامج الأكاديمي. كما يستقبل الكراج المشاركين في دورات ميكانيكا السيارات التدريبية التي تنظمها الكلية أو عمادة خدمة المجتمع والتعليم المستمر بالهيئة.

واليوم، بعد أن نجح القطريّون في الإعداد للبطولة، وأفلحوا في حظر بعض الممارسات المنبوذة في ملاعب البطولة وفي محيطها، وأحسنوا عرض حفل الافتتاح، وأجادوا تنظيم المباريات على مدى الأيّام السابقة، وبعد تمنّياتي لهم بالتوفيق في تنظيم المباريات والفعاليات المتبقّية إلى نهاية البطولة، أجدّد الدعوة إلى تبني فكرة الشراكة الاستثمارية التدريبية بين الكليات التطبيقية وبين القطاع الخاص.

فسوق العمل لخريجي العديد من برامج الكليّات التطبيقية، ولمعظم خريجي مؤسسات التعليم العالي بشكل عام، يُعاني من بطالة مقنّعة متزايدة في التخمة، بدرجة بدأت تنخر في أدوات ضبط جودة التعليم وتشل آليّاتها. فالعديد من البرامج الأكاديمية، المعتمدة والتي في طور الاعتماد من قبل مؤسسات دولية للاعتماد الأكاديمي، تُعاني من صعوبات في إيجاد خريجين مستجدّين يمارسون المهام الوظيفية التي تأهّلوا لممارستها.

هؤلاء الخريجون المستجدون الحجر الأساس في منهجية وآلية تقييم كفاءة مخرجات البرامج الأكاديمية. حيث يلتقي – بشكل دوري – الأكاديميون القائمون على الضبط المتواصل لجودة البرامج الأكاديمية مع المسؤولين المباشرين عن هؤلاء الخريجين، لاستشفاف كفاءتهم في أداء مهامهم الوظيفية وفي الالتزام بقواعد أفضل السلوك والممارسات.

لذلك، تقييم كفاءة مخرجات العديد من البرامج الأكاديمية مبنيّ على أجوبة افتراضية (ماذا لو عمل الخريج) من قبل المسؤولين المباشرين عن الخريجين الجُدد أو أجوبة منتهية الصلاحية عن خريجين قدامى. وكلاهما يشوّش ويضلّل، بل يجهض مساعي التقييم والتقويم السليم للبرامج الأكاديمية.

وهنا تأتي إحدى مزايا الدعوة إلى خلق شراكة استثمارية تدريبية مع القطاع الخاص في سوق العمل، حيث إنها سوف تسمح بتقييم كفاءة الطلبة المتوقع تخرجهم من قبل مسؤوليهم المباشرين في مواقع التدريب ومن قبل العملاء المستفيدين بشكل مباشر من أعمال الطلبة.

إنجاز القطريين عظيم، يفترض أن يُجدّد الأمل والهمّة فينا نحن الكويتيين جميعاً، كل من موقعه... «اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه».

abdnakhi@yahoo.com

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي