ريكارد - فولر... «كل شيء في الزبدة»
منذ سبعينات القرن الماضي وحتى نهاية الثمانينات، كانت مواجهات ألمانيا وهولندا تشهد أحداثاً استثنائية، على غرار المباريات التي جمعت المنتخبين في نهائي مونديال 1974 وبطولة أوروبا 1980 ونصف نهائي «يورو 1988» ولكنها لم تخرج، في الغالب، عن الاطار الرياضي حتى في ظل «الحساسية» بين الشعبين والتي خلفتها الحرب العالمية الثانية.
كان الأمر مختلفاً في اللقاء الذي جمع المنتخبين في دور الـ 16 لمونديال إيطاليا 1990، ألمانيا المرشح القوي للقب والبطل لاحقاً، وهولندا حاملة كأس أوروبا من الأراضي الألمانية تحديداً.
خرجت هولندا بثلاثة تعادلات من الدور الأول، مع مصر وانكلترا وجمهورية ايرلندا وبعد التساوي في كل شيء مع الايرلنديين تأهل منتخب الطواحين كأحد أفضل الثوالث في المجموعات الست فكان الصدام مع «المانشافت» متصدر مجموعته.
بعد سلسلة من اللقاءات العاصفة في «يورو 1988» ثم تصفيات مونديال ايطاليا، كان منتظراً ان تخرج مواجهة «سان سيرو» في ميلانو عاصفة ولكن من دون فعل مشين كان تورط به نجم فريق المدينة «اي سي ميلان» الهولندي فرانك ريكارد وكان ضحيته مهاجم روما، الألماني رودي فولر.
البداية كانت عبر عرقلة قام بها ريكارد لفولر المنطلق في الجهة اليسرى نال على أثرها الأول انذاراً من الحكم الأرجنتيني خوان كارلوس لوستو هو الثاني له في البطولة ما يعني غيابه تلقائياً عن المباراة المقبلة لهولندا في حال تأهلها.
نهض فولر ولكن ريكارد قام بحركة غيرمتوقعة، قام بالبصق على رأس اللاعب الألماني الذي دخل معه في اشتباك كلامي، فيما تجاهل الحكم إشارات فولر الى ما قام به غريمه.
نفذ اندرياس بريمة الركلة الثابتة التي ذهبت الى الحارس الهولندي هانز فان بروكيلين وسقط فولر أرضاً بعدما حاول تفادي الاصطدام بالحارس ليقترب منه ريكارد الغاضب قام بجره من اذنه ثم ضغط على قدمه، قام فان بروكلين وشريك فولر في الهجوم الألماني، كلينزمان بمحاولة التهدئة ولكن الحكم قام باشهار البطاقة الحمراء لريكارد أولاً ثم لفولر.
في مقابلة مع مجلة «فور فور تو» المتخصصة، قال فولر: «بالطبع لم يكن ما فعله فرانك ريكارد لطيفًا ولكن المباراة كان يجب أن تستمر بالنسبة لي».
وأضاف: «ما زلت لا أفهم لماذا طردني الحكم، لقد أراد أن يجعل كلانا مثالاً حتى يهدأ الوضع ونجح بالفعل. كان هناك بعض التوتر بين لاعبين آخرين، فدائمًا ما تكون هناك مشكلة بين ألمانيا وهولندا».
وهما يخرجان من الملعب أعاد ريكارد الفعل المشين ذاته فيما أظهر فولر رزانة أكبر.
في نهاية المباراة، فازت ألمانيا 2-1، وواصلت طريقها نحو اللقب الثالث في تاريخها، فيما كانت المحطات التلفزيونية في بريطانيا وغيرها تسهب في عرض اللقطات المثيرة للقرف ما دعا النجم الانكليزي السابق راي ويلكنز الى القول خلال الاستديو التحليلي على قناة بي بي سي: «من فضلك قم بإيقاف تشغيل مقاطع الفيديو الآن لأن هذه فضيحة».
كان ما حدث أحد ألغاز تلك البطولة، ووفقاً للصحافي أولي هيس ليستينبيرغر، فإن اللاعبين لم يكونا غريبين تمامًا.
وكتب: «ريكارد كان يعرف فولر من إيطاليا وكان كلا الرجلين يحترم بعضهما البعض».
لم يكشف النجم الهولندي عن دوافع فعله غير المتوقع، الا بعد خمسة أشهر، عندما لعب ميلان مع روما، يومها اعتذر ريكارد وقال إنه فقد عقله، موضحًا أنه تعرض لضغوط عاطفية، بعد أن انفصل عن زوجته قبل وقت قصير من كأس العالم.
وفي وقت لاحق أظهر نزاهة كبيرة عندما أكد بأنه يقبل كل اللوم عن الحادث واستبعد ما تردد بأن فولر ربما أهانه أو أساء إليه عنصريًا. وقال في ذلك اليوم كنت مخطئاً، لم يكن هناك إهانة، لطالما كنت أحترم رودي فولر كثيرًا، لكنني أصبحت هائجاً عندما رأيت البطاقة الحمراء، تحدثت معه بعد المباراة واعتذرت، أنا سعيد جدًا لأنه قبل، ليس لدي أي شعور سيئ تجاهه الآن.
بعد سنوات قدم الثنائي إعلانًا مضحكًا للغاية معًا.
كان الإعلان المعني عن الزبدة وظهر كل من الرجلين بابتسامات عريضة.
قال فولر: «أتت شركة زبدة هولندية بفكرة مصالحة عامة تحت شعار (كل شيء في الزبدة مرة أخرى)، وهو مثل ألماني يعني أن كل شيء على ما يرام مرة أخرى».
وأضاف:«تم التبرع بالرسوم من قبل كلانا للأعمال الخيرية، وإلا ما كنت لأشترك فيها».
اعتبر الاعلام ان فولر أُهين ولكنه استعاد كرامته بطريقة مسلية.