No Script

ألوان

فرق بين دكتور و«دنبك»!

تصغير
تكبير

عجبتُ من الشعب الكويتي عندما تفاعل قبل سنوات قليلة في الديوانيات والبرامج التلفزيونية إضافة إلى وسائل التواصل الاجتماعي المتعددة حول الشهادات المزوّرة، وهي قضية قديمة تفاقمت مع الوقت لأننا لم نجد مَنْ عمل على محاربتها، فباتت تُصنف ضمن أمراض وآفات المجتمع المزمنة مثل المخدرات والفساد وعدم سيادة القانون والحصى المتطاير في الكثير من الطرق والقائمة تطول.

ولكنني مازلت أتمسك بالأمل بإيجاد الحلول الناجعة لتلك الآفة التي تفتك بجسد التعليم عندنا وبمستقبل التنمية للكويت الحبيبة، ولقد أسعدني قراءة خبر عبر الصحافة مفاده أن رئيس مجلس الأمة أحمد السعدون وضع على جدول أعمال الجلسة العادية ما ورد من لجنة شؤون التعليم والثقافة والإرشاد البرلمانية التركيز على تدهور التعليم والتحقيق في الوظائف والترقيات الإشرافية والشهادات العلمية المزوّرة وغير المعتمدة.

نعم إنها مبادرة مهمة من ممثلي الشعب وبالتنسيق مع الحكومة التي تنشد الإصلاح وإنقاذ ما يُمكن إنقاذه وان كان ذلك الأمر قد يدفعها إلى اتخاذ القرارات الصعبة اجتماعياً ولا بأس بذلك لطالما أنها قانونية وبالتالي هي عادلة.

والمسألة ليست حديثة فلقد تم الحديث عن سهولة الحصول على شهادة الثانوية العامة في دولة عربية شقيقة، ثم نافستها دولة عربية شقيقة أخرى في الحصول على شهادات التعليم العالي بدءاً بالبكالوريوس مروراً بالماجستير وانتهاء بالدكتوراه، وتطور الأمر لقيام بعض الدول من جنوب شرق آسيا لمنح شهادات عليا في تخصصات مختلفة، ونشط بعض الأفراد لفتح مكاتب للتنسيق مقابل حفنة من الدنانير، بل إن بعض الفيديوهات انتشرت عبر الواتساب وفضحت مسألة الحصول على شهادة بمقابل مادي.

والمسألة لم تتوقف على المواطنين فقط بل امتدت لتصل إلى الإخوة الضيوف الذين يشاركوننا المعيشة في الكويت، وحصل بعضهم على منصب، بل إن أحدهم حصل على شهادة من بلده (أون لاين) خلال فترة وجيزة ولم يتم التصديق على شهادته، وقد كان يعمل موظف استقبال! وأذكر أن أحدهم حصل على شهادتي الماجستير والدكتوراه من دولة أجنبية دون أن يسافر إلى تلك الدولة، علماً بأنه لا يجيد التحدث بلغة تلك البلد.

وما دفع بعض أهل الكويت للحصول على شهادة عليا بمقابل مادي هو المرض الاجتماعي للوجاهة في المجتمع حيث إن حرف الدال بات يدغدغ خلجات مجموعة من الناس متناسين أن هناك فرقاً بين دكتور وبين «دنابك» أكاديمي.

وهناك مَنْ حصلوا على شهادات لا يستحقونها مثل أحدهم الذي حصل على الماجستير من إحدى الدول، وعندما تتحدث معه تدرك أنه «ترللي».

وهناك فرق كبير بين شهادة الدكتوراه التي يتم شراؤها، وبين الدكتوراه الفخرية كما حصل عليها الكثير من الرؤساء والأدباء والفنانين، وكذلك حصل عليها الفلكي الراحل صالح العجيري، وعن نفسي فقد حصلت على أكثر من شهادة فخرية من جامعات عربية وأجنبية. والاشكالية الكبرى هي عندما يقوم شخص ما بالحصول على الدكتوراه بمقابل مادي والاستفادة من تلك الشهادة مادياً بصورة غير قانونية وهنا يجب محاسبة هذا الشخص مهما كانت مكانته الاجتماعية.

وأتمنى من الحكومة الحالية عبر وزير الشؤون الاجتماعية والعمل بمراجعة شهادات التعليم العالي دون استثناء، خاصة أولئك الذين استفادوا ماديا داخل وخارج الكويت عندما يشاركون في مؤتمرات خليجية وعربية ودولية، وهناك مبالغ مالية حصلوا عليها دون وجه حق.

وأدعو الله ألا يكون لدينا جرّاح أو طيار يحمل شهادة مزوّرة، لأن أرواح الناس ستكون على المحك أما بقية الوظائف والتخصصات يمكن تدارك الأمر عبر إجراءات تعرفها الحكومة التي تمتلك خبرة إدارية في التعامل مع تلك القضايا عبر تطبيق القوانين وتنفيذ الأحكام بعد صدورها دون تردد، عندها سيصدّق الناس ويشعرون بمصداقية الحكومة في الإصلاح ومحاربة الفساد بأشكاله كافة.

همسة:

مَنْ يحمل دكتوراه مزوّرة هو دنبك وإذا كانت امرأة فهي دنبوكة!

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي