No Script

جودة الحياة

الانتحار... ليس حلاً

تصغير
تكبير

لا أدري لماذا أتوقف فجأة لأتساءل عن أسباب ودواعي القرار الكارثي، قرار انهاء الحياة بضربة واحدة حاسمة، عند مطالعة خبر انتحار شخص ما «شاب أو شابة أو حتى رجل كبير بالسن» بإلقاء نفسه من الطابق الرابع مثلاً أو إلقاء نفسه في مياه الخليج من أعلى الجسر أو شنق نفسه داخل غرفة مُظلمة في ظروف وملابسات يشوبها الاضطراب والغموض.

في الواقع ووفقاً للإحصاءات فقد ارتفعت معدلات الانتحار في العالم أجمع وبالأخص في بلادنا العربية لاسيما في أوساط الشباب في السنوات الأخيرة التي اتسمت باتساع نطاق استخدام شبكة الإنترنت، وليس نادراً في الوقت الراهن أن نسمع بانتحار شخص ما في الجوار أو أن نطالع هذه الأخبار المؤسفة على صفحات السوشيال ميديا مثلاً، وعلى صفحات الحوادث في الصحف اليومية وفي الوسائط والمنصات الإخبارية.

وبما أنني أكتب مقالة عن الانتحار يلزمني الاعتراف أن هذا ليس موضوعاً مغرياً للكتابة، ويقيني أن الانتحار ليس حلاً لأي أزمة، حالة مرضية أو مشكلة اجتماعية، فشل عاطفي أو دراسي، لأنه ببساطة فعل الهروب الجبان من مواجهة الواقع وجريمة في حق الحياة، ومعصية لله بإجماع الشرائع والأديان السماوية كافة، فالحياة هبة عظيمة من الله وليس للإنسان أن يستدعي أو يستعجل الموت لإنهاء حياته.

تتشكل الميول الانتحارية لدى الأفراد في كل المراحل العمرية من الظروف المحيطة والبيئة الاجتماعية الحاضنة، ويتربع الفقر والأمراض النفسية على قمة الأسباب المؤدية للانتحار فضلاً عن تعاطي المخدرات، فإذا كانت البيئة الاجتماعية تتسم بالفقر الكبير والبطالة واختلال التنمية وشيوع تجارة وتعاطي المخدرات، فإن هذه الأوضاع المختلة تزيد معدلات الإصابة بالأمراض النفسية كالاكتئاب الناتج عن انسداد الأفق وبؤس الحياة لقلة موارد الدخل للعيش في الحد الأدنى الذي يحفظ كرامة الإنسان، فالفقر من الأمراض التي تضعف العزيمة.

نمر بمراحل من الحياة فيها اليأس وتظللها العزلة والكآبة وفقدان الرغبة في العيش لأسباب قاهرة وخارجة عن ارادتنا كفقدان أم، أب، عائلة في حادث ما مثلاً، أو ترك الأوطان بفعل الحروب والنزاعات أو الإصابة بأمراض يصعب علاجها، فهناك علاقة وثيقة بين السلوك الانتحاري والصحة البدنية والعقلية وما يتعرض له الفرد من أزمات وأحداث وتجارب مؤلمة في حياته الشخصية، لكن في كل الأحول لا ينبغي أن نترك أنفسنا هكذا للظروف، لا ينبغي أن تكون تلك الظروف العارضة مدعاة للانتحار وكتابة نهاية تراجيدية للحياة، ففي أسوأ الأحوال ثمة أشياء، خطوات يمكن عملها لتفادي الخيارات العدمية البائسة التي تنفتح على السأم والفناء.

تختلف أسباب الانتحار والعوامل التي تقود لتلك النهاية المأسوية في بلدان العالم وقاراته ولكن النتيجة واحدة.

عندما تشعر باليأس وضيق الحال وأن الحياة لا تستحق العيش، تذكر دائماً بأن تلك المشاعر هي مشاعر موقتة والجأ بعد الله إلى الأشخاص المقربين لديك، وإن لم تجد فاطلب المساعدة من أصحاب الاختصاص، للتخلص والتحرر من الأسباب الكامنة وراء تلك المشاعر المدمرة، ولا تخجل ولا تتردد، فذلك سيساعدك في استعادة توازنك ونظرتك للأمور بشكل مختلف والذي بدوره سيحسن شعورك تجاه الحياة.

الانتحار ليس حلاً ولا مخرجاً من أزمة نمر بها، فالحياة جميلة نستحق أن نعيش جمالها.

ولا يأس مع الحياة مادام في العمر بقية.

Twitter: t_almutairi

Instagram: t_almutairii

Email: talmutairi@hotmail.com

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي