في الواجهة / ... اقتراح لكي لا تتكدّس مسؤوليات «الخطة الخمسية» على «هيئة الاستثمار»

«الهيئة العامة للمشاريع التنموية»

u0627u0646u0637u0644u0627u0642 u0627u0644u0645u0634u0627u0631u064au0639 u064au0632u064au062f u0627u0644u0639u0645u0644... u0648u0627u0644u062du0630u0631 (u062au0635u0648u064au0631 u0623u0633u0639u062f u0639u0628u062fu0627u0644u0644u0647)
انطلاق المشاريع يزيد العمل... والحذر (تصوير أسعد عبدالله)
تصغير
تكبير
 | كتب رضا السناري |

ستعطي الخطة التنموية الخمسية، المتوقع إقرارها من مجلس الأمة في المداولة الثانية الأسبوع المقبل، إشارة الانطلاق لعمليات تأسيس عشر شركات مساهمة ستطرح للاكتتاب العام، منها أربعة على الأقل خلال العام الحالي.

قد يكون هذا الجانب من الخطة أكثر ما يعني الهيئة العامة للاستثمار، لكونها الجهة التي ستتملك حصة الحكومة في تلك الشركات أو في معظمها، ما يعني أن عليها أن تتحضر ليكون لها ممثلون في عشرة مجالس إدارات لعشر شركات كبرى جديدة، ومتابعة الكبيرة والصغيرة في تلك الشركات، ليس حرصاً على المال العام فقط، بل على أموال المواطنين الذين اكتتبوا بحصص صغيرة.

هذا الدور الذي تضطلع به الهيئة يبدو وكأنه من طبيعة الأمور في الكويت، إلى درجة أن أي شركة جديدة يجري التداول بطرحها يتبادر إلى الذهن أن 24 في المئة من رأسمالها سيخصص للهيئة العامة للاستثمار. ولذلك أسباب منها:

1 - التاريخ الطويل الناجح للهيئة في القيام بهذا الدور، من «بيتك» إلى «الصناعات» و«زين» و«أجيليتي» و«الوطنية للاتصالات»، وسواها من أكبر الشركات القيادية، ثم إلى التجارب الأحدث في تأسيس البنوك والشركات، لا سيما «فيف» (الاتصالات الثالثة) وبنك بوبيان وأخيراً بنك وربة.

2 - تجمع الهيئة العامة للاستثمار بدورها بين عنصرين ضروريين؛ الملكية العامة بما تمثل من تجاوز للمصالح الخاصة والفوبيا الكويتية الدائمة من «التنفيع» من جهة، والدينامية الشبيهة بحركة القطاع الخاص الأكثر براغماتية وسرعة، والأقل بيروقراطية.

3 - النجاح الاستثماري للهيئة عموماً، سواء في الداخل أو الخارج، والنظرة إليها من المؤسسات الدولية والمحلية على أنها واحداً من أكثر الصناديق السيادية كفاءة وتحقيقاً للعوائد في مختلف الظروف.

4 - النظرة إليها على أنها تمثل حقوق صغار المساهمين في الشركات المؤسسة حديثاً وليس فقط ملكية الدولة، خصوصاً في المراحل الأولى حين لا يكون إلى جانب المساهم الاستراتيجي في الشركة من القطاع الخاص إلا الهيئة العامة للاستثمار.

لكن التفويض ليس مطلقاً، ففي كثير من الأحيان تتصاعد الأصوات اعتراضاً أو نقداً على ما تقوم به الهيئة، خصوصاً من السياسيين، ما يجعل الهيئة في توجس دائم، كما لو أنها تسير في حقل ألغام. ويزداد الحقل وعورة حين تواجه الشركات التي تساهم فيها الهيئة مشكلات مالية أو خسائر أو نزاعات بين المساهمين، على نحو ما حصل في بنك بوبيان، قبل أن يستتب الوضع بدخول «الوطني» مساهماً أكبر.

حتى الآن، نجحت الهيئة، حتى في أكثر المناسبات حساسية، في الإثبات أنها كانت أبعد نظراً، خصوصاً في المثال الأخير حين باعت حصتها في بنك بوبيان، إذ ثبت لاحقاً كم استفاد البنك ومساهموه الصغار من الخطوة.

الآن، يدرك قياديو الهيئة العامة للاستثمار جيدا ان الخطة الخمسية ستدخلهم أكثر إلى مربع الضوء مجدداً. فمع قيامها، كما هو معتاد، بتغطية غالبية المساهمات الحكومية في الشركات المساهمة التي ستطرح ضمن الخطة، ان لم تكن جميعها، تتوافر للهيئة مزايا عديدة، لعل أهمها اثنتان:

أولاً - انها تمثل فرصة للدخول في استثمارات مجزية لا يقل عائدها عن 16 في المئة بحسب دراسات الجدوى، كما سبق أن أشار نائب رئيس مجلس الوزراء للشؤون الاقتصادية أحمد الفهد. وتكفي الملاحظة أن شركات القطاع الخاص ستتنافس على الفرص نفسها لكن بتكلفة أعلى من خلال المزايدة العامة، ما يعني أن عائد الهيئة سيكون أعلى بكثير من العائد المرتفع المتوقع للقطاع الخاص.

ثانياً - أن تلك الشركات الجديدة تمثل فرصة للتحول باستثمار الأموال العامة من الأسواق الخارجية، وبعائد أعلى بكثير مما توفره تلك الأسواق من فرص، وبمخاطر أقل. مع العلم أن هذا الهدف هو واحد من الأهداف الاستراتيجية للهيئة، بحيث تصبح استثماراتها محفزاً للتنمية وشريكاً فيها.

لكن مساهمة الهيئة في عشر شركات كبرى جديدة في وقت قصير يرتب عليها مسؤوليات كبيرة، يجدر النظر فيما إذا كانت الإمكانات الإدارية والبشرية المتوافرة للهيئة كافية للقيام بها. وربما تكون «هيئة الاستثمار» غير سعيدة بما سيلقى على عاتقها، لأن من شأن مساهماتها ان تطلق نقاشا حول دورها في إدارة هذه الشركات، وما يتعين عليها توفيره من هامش حرية للقطاع الخاص المساهم، وفي النهاية لن تسلم كالعادة من النقد حول مسؤوليتها في حال الاخفاق.

ما البديل؟

محصلة الكلام السابق سؤال يتردد همساً في بعض الأروقة: هل من الحكمة أن تترك تلك المساهمات في تنفيذ الخطة الخمسية جميعها للهيئة أم أن من الافضل إشراك جهات أخرى؟

في الجواب على ذلك، يقترح البعض إنشاء جهاز يطلق عليه اسم «الهيئة العامة للمشاريع التنموية» ليمثل الملكيات الحكومية في الشركات المطروحة، على أن تتم تغطية رأسمال هذه الهيئة من خلال الميزانية العامة للدولة، علما بأن رساميل هذه الشركات المصرح به لن يكون كله مدفوعا في السنوات الأولى من تنفيذ الخطة.

ويرى أصحاب هذا الاقتراح أن هذه الصيغة أفضل لتسهيل عملية المحاسبة، وهو نموذج عمل عام تعمل به جميع الحكومات الناشئة تقريبا عندما تقرر خططا تنموية، واقرب هذه البلدان المملكة العربية السعودية، التي أسست هيئة مستقلة لمتابعة مشاريع التنمية.

ويقترح هؤلاء أن يكون دور هذه الهيئة المستقلة بالاضافة إلى تغطية مساهمة الحكومة في البرنامج، الاشراف الفني والزمني على تنفيذ الخطة الخمسية، لا سيما وان عقدة العقد بالنسبة الحكومة عندما كانت تواجه مجلس الأمة ان خططها من دون جدول زمني تلتزم به.

وفي معرض سوق المسوغات لإنشاء مثل هذه الهيئة، يقدم مقترحوه بعض النقاط منها:

1 - تختلف طبيعة عمل الهيئة العامة للاستثمار عن طبيعة عمل الهيئة العامة للمشاريع التنموية، فلكل من الهيئتين قانون يحكم عملها، فطبيعة الدور الذي أسست من اجله هيئة الاستثمار استثمارية في المقام الأول، فهي جهة تسعى إلى الربح عن طريق الاستثمار، وهذا حق اصيل يتعين تحقيقه والمحافظة عليه تحت اي ظرف، والا يتعرض القائمون على الهيئة حسب قانون تأسيسها إلى المحاسبة بتهمة عدم القدرة على الحفاظ على المال العام، بعكس مسؤولية الهيئات المسؤولة عن مشاريع التنمية، والتعامل في نطاق المشاريع التنموية يختلف تماما عن التعامل في نطاق المشاريع الاستثمارية، مثل الفارق بين الهدف من تأسيس بنك استثماري وآخر للتنمية.

2 - على خلفية الدعوات المتكررة للحكومة لإعطاء فرصة للقطاع الخاص نمت ثقافة غريبة، تتلخص في انه عندما تساهم هيئة الاستثمار في شركة ما بجوار القطاع الخاص، وتحقق هذه الشركة نجاحات، يعزى الفضل في هذا الخصوص إلى القطاع الخاص، وعندما تخفق هذه الشركة نفسها في فترة لاحقة يوجه اللوم إلى الممثل الحكومي باعتباره عضوا خاملا، ولم يقم بدوره كما ينبغي، فهكذا جرت العادة في الكويت، ان يتم نسيان الدور الحكومي في المؤسسات إلى ان يتم تعثر ما، فيذكر الجميع دور الهيئة، والامثلة في هذا الخصوص متعددة واقربها بنك بوبيان وأزمته مع بنك الكويت المركزي وغيره من الشركات التي تساهم فيها الهيئة بحصة مؤثرة.

3 - طبيعة المشاريع التي يتضمنها البرنامج الحكومي ضخمة، وذات هيكل يضم تقريبا جميع القطاعات الاقتصادية، ومن ثم يحتاج إلى درجة كبيرة من التخصص في المتابعة، وكفاءات متنوعة للاشراف على التنفيذ، وهذا من الصعب تحقيقه على مستوى هيئة الاستثمار التي تنشغل معظم كوادرها بادارة أموال احتياطي الاجيال القادمة والاحتياطي العام.

4 - ليس صحيحا ان تمثل هيئة الاستثمار الدولة في جميع مساهماتها، اذ ان هكذا وضع من شأنه ان يمثل عبئا عليها. إذا هل يمكن تخيّل حجم المسؤوليات التي تترتب على الهيئة إذا شاءت تعيين أعضاء مجالس إدارة في عشر شركات مساهمة جديدة، ومقدار المسؤوليات التي ستلقى على عاتق هؤلاء الأعضاء إلى جانب مسؤولياتهم الحالية؟ ولذلك من غير المستبعد ان يكون الزام الهيئة بالتمثيل الدائم للحكومة بمثابة عامل ضغط على قطاعاتها الاصيلة التي من اجلها تأسست، وستستغرق وقتها في الدور التنموي، على حساب دورها الاستثماري.

 

297 مليون دينار /  قيمة مساهمة «الهيئة» في الشركات المدرج



ة تبلغ قيمة مساهمة الهيئة العامة للاستثمار في تسع شركات مدرجة 297.64 مليون دينار، كما في 18 يناير الجاري.

ومن بين تلك الشركات التسع شركتان تابعتان للهيئة تماماً، هما «الكويتية للاستثمار» بنسبة ملكية تبلغ 76.19 في المئة، و«المواشي» بـ51.55 في المئة، وأربعة بنوك وشركات «زميلة» هي: «بيتك» بنسبة 24.06 في المئة، و«اسمنت الكويت» بـ29.36 في المئة، و«زين» بـ24.61 في المئة، و«الوطنية للاتصالات» بـ23.54 في المئة.

وتبقى أصغر ثلاث مساهمات في بنك الخليج بنسبة 16.08 في المئة، والشركة الكويتية الصينية الاستثمارية التي أدرجت أخيراً بنسبة 15 في المئة، والشركة الخليجية للاستثمار البترولي بنسبة 9.6 في المئة (من خلال خدمة وعد للبيوع المستقبلية).

وتعد مساهمة الهيئة في «زين» الأكبر من حيث القيمة السوقية المطلقة بنحو 105.7 مليون دينار، تليها المساهمة في «بيتك» بنحو 55.4 مليون دينار، ثم «الكويتية للاستثمار» بنحو 42 مليون دينار، تليها الحصة في بنك الخليج بنحو 40.3 مليون دينار.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي