طهران تدين «الإدمان الغربي» على العقوبات

إضراب في إيران بذكرى «القمع الدامي» لاحتجاجات 2019

صورة تداولتها مواقع إيرانية للإضراب أمس
صورة تداولتها مواقع إيرانية للإضراب أمس
تصغير
تكبير

باريس، طهران - أ ف ب - أغلقت المتاجر في مختلف أنحاء إيران، أمس، بعدما دعا منظمو الاحتجاجات على وفاة مهسا أميني إلى التظاهر لمناسبة مرور ثلاثة أعوام على حملة قمع دامية خلال احتجاجات نُظمت جراء ارتفاع أسعار الوقود.

ويُتوقع أن تعطي الدعوة لإحياء ذكرى قتلى 2019 زخماً جديداً للاحتجاجات التي تشهدها إيران منذ شهرين إثر وفاة أميني بعدما احتجزتها «شرطة الأخلاق» لعدم التزامها اللباس الصارم في الجمهورية الإسلامية.

ودعا ناشطون شباب للنزول إلى الشوارع في الأهواز وأصفهان ومشهد وتبريز، من بين مدن أخرى منها طهران.

وقالوا في نداء عبر الإنترنت «سنبدأ من المدارس الثانوية والجامعات والأسواق وسنواصل التجمعات التي تركّز على الأحياء للانتقال إلى الساحات الرئيسية في المدن».

وأغلقت المتاجر في البازار الكبير الشهير في طهران وكذلك في مدن كرمان ومهاباد ورشت وشيراز ويزد، وفق مقاطع فيديو نشرتها قناة 1500تصوير على وسائل التواصل الاجتماعي.

وفي مقطع فيديو آخر على الإنترنت، سُمع المتظاهرون يهتفون «الموت للديكتاتور» في محطة مترو في طهران.

وفي فيديو آخر شاركته 1500تصوير، شوهد عمال الصلب المضربون يتجمعون في موقف للسيارات في مدينة أصفهان التاريخية. ولم تتمكن «فرانس برس» من التحقق على الفور من صحة مقاطع الفيديو.

وذكرت جمعية هنكاو لحقوق الإنسان ومقرها أوسلو، أن الإضراب عن العمل سُجّل في معظم أنحاء إقليم كردستان، مسقط رأس أميني، في غرب إيران، ومن بينها بانيه وديفاندريه وكامياران وماريفان ومدينة سنندج.

احتجاجات 2019 الدامية

وتأتي الدعوة إلى الاحتجاج، لإحياء الذكرى الثالثة لبدء تحركات «ابان الدموي» - أو نوفمبر الدامي - عندما أدت الزيادة المفاجئة في أسعار الوقود إلى احتجاجات دامية.

وشهدت أيام الاضطرابات منذ 15 نوفمبر في ذلك العام، مهاجمة مراكز الشرطة ونهب متاجر وإحراق مصارف ومحطات وقود بينما لجأت السلطات إلى قطع الاتصال بالإنترنت مدة أسبوع.

وأعلنت منظمة العفو الدولية أن ما لا يقل عن 304 أشخاص قتلوا في الاضطرابات التي سرعان ما امتدت إلى أكثر من 100 بلدة ومدينة في أنحاء الجمهورية الإسلامية.

وأفاد فريق من المحامين الدوليين في إطار ما سُمي «محكمة ابان» التي عُقدت في لندن هذا العام، أن أدلة جمعها خبراء تشير إلى أن العدد الفعلي للقتلى قد يكون أكبر بكثير وقد يصل إلى 1515.

وتقف مجموعات من الشباب التي لا تكشف عن أسمائها وراء الدعوات الأخيرة إلى الاحتجاج منذ وفاة أميني في 16 سبتمبر.

وذكرت منظمة حقوق الإنسان الإيرانية ومقرها أوسلو، أمس، أن قوات الأمن قتلت 326 شخصاً على الأقل حتى تاريخه في حملة القمع المستمرة ضد الاحتجاجات.

وتصاعدت حركة الاحتجاج بسبب الغضب من قواعد اللباس المفروضة على النساء، لكنّها تطورت إلى حركة واسعة ضد حكم رجال الدين القائم في إيران منذ الثورة الإسلامية عام 1979.

ولم تُسجّل التحركات تراجعاً رغم استخدام النظام الإيراني «القوة المميتة»، لمواجهة ما تقول جماعات حقوقية إنهم متظاهرون سلميّون إلى حد كبير وحملة اعتقالات جماعية استهدفت ناشطين وصحافيين ومحامين.

- عيون العالم على إيران

ومن بين هؤلاء، الناشط البارز في مجال حرية التعبير حسين رونقي الذي أفاد القضاء الإيراني، أمس، بأنه أعيد إلى السجن بعد نقله إلى المستشفى.

وهناك قلق في شأن صحة رونقي البالغ 37 عاماً والذي بدأ إضراباً عن الطعام بعد سجنه في سجن إيوين في طهران يوم 24 سبتمبر.

وفرض الاتحاد الأوروبي وبريطانيا الاثنين، عقوبات على أكثر من 30 من كبار المسؤولين والمؤسسات الإيرانية بسبب حملة القمع. واستهدفت عقوبات الاتحاد الأوروبي وزير الداخلية أحمد وحيدي وقائد القوات البرية كيومرث حيدري من بين أولئك الذين اعتبرت أنهم مسؤولون عن قمع التظاهرات.

كما وضع أربعة من أفراد وحدة الشرطة التي احتجزت أميني على «القائمة السوداء».

ومن بين الكيانات المستهدفة قناة «برس تي في» الحكومية التي اتُهمت ببث «اعترافات قسرية لمعتقلين».

وأشادت الولايات المتحدة بالإجراءات الأوروبية، وأكدت أن «أنظار العالم على إيران».

كما أدانت الحكومة الأميركية الضربات الصاروخية التي شنّتها إيران الاثنين ضد مواقع لفصائل معارضة كردية متمركزة في العراق تتهمها الجمهورية الإسلامية بتأجيج ما تسميه «أعمال شغب».

وهدّدت إيران التي اتهمت الولايات المتحدة وحلفاءها بالوقوف وراء الاضطرابات بالرد.

وقال الناطق باسم وزارة الخارجية ناصر كنعاني «على ما يبدو، أدى الإدمان على العقوبات إلى عزل العقلانية والجدية لدى الأطراف الأوروبية».

وأضاف أن إيران «ستتخذ الإجراءات المتبادلة والفاعلة بحكمة وقوّة وبناء على المصالح الوطنية تجاه مثل هذه الممارسات غير المجدية وغير البناءة، وتحتفظ بالحق في الرد» على العقوبات الأوروبية والبريطانية.

خاتمي يعتبر أن قلب نظام الحكم «غير ممكن وغير مطلوب»

اعتبر الرئيس السابق الإصلاحي محمد خاتمي، أن قلب نظام الحكم في إيران «غير ممكن وغير مطلوب»، داعيا الى إعادة بناء «الثقة المفقودة» بين السلطة وشريحة من المجتمع.

يأتي ذلك في وقت تشهد إيران منذ 16 سبتمبر احتجاجات أعقبت وفاة الشابة مهسا أميني (22 عاما) بعد ثلاثة أيام من توقيفها من قبل «شرطة الأخلاق» لعدم التزامها القواعد الصارمة للباس في الجمهورية الإسلامية.

وقضى العشرات، بينهم عناصر من قوات الأمن، على هامش الاحتجاجات التي تخللها رفع شعارات مناهضة للسلطات واعتبر مسؤولون جزءا كبيرا منها «أعمال شغب». ووجّه القضاء تهماً لأكثر من ألفي موقوف على خلفية التحركات.

وتعد هذه التحركات من الأوسع التي تواجه السلطات في الجمهورية الإسلامية منذ قيامها في العام 1979 بعيد انتصار الثورة واسقاط نظام الشاه.

ورأى خاتمي إن قلب نظام الحكم «غير ممكن وغير مطلوب، الا أن استمرار الوضع الحالي سيؤدي لانهيار اجتماعي»، وذلك في تصريحات نشرتها صحف إصلاحية مثل «اعتماد» و«سازند» أمس.

واعتبر خاتمي الذي تولى رئاسة الجمهورية بين 1997 و2005 وعرف عهده خطوات انفتاح سياسية واجتماعية، إن «السبيل الأقل كلفة والأكثر فائدة لإعادة بناء الثقة المفقودة من قبل شريحة مهمّة من المجتمع، يمرّ عبر تصحيح ذاتي من النظام السياسي أكان لجهة تركيبته أو لجهة تصرفه».

وحضّ على «ضمان استقرار وأمن البلاد بحضور ومساهمة الشعب نفسه»، معتبراً أن «جذور الأحداث المؤسفة يجب أن يتم البحث عنها في الداخل، وهي ثمرة آلية تشوبها أخطاء وطريقة حوكمة خاطئة».

وسبق لمسؤولين إيرانيين أن رأوا أن «أعداء» الجمهورية الإسلامية تتقدمهم الولايات المتحدة، ضالعون في «أعمال الشغب» بهدف «زعزعة استقرار» البلاد.

وشدد خاتمي على أهمية «الاقرار بحقوق الشعب واحترام الحريات الأساسية، خصوصا ممارسة حقوق المواطنة لأن الشعب هو من توجهات وقوميات (..) وحتى ديانات مختلفة»، مشيدا بأنه «على رغم محاولات الخارج، لم يتخذ الاحتجاج بعدا قوميا، دينياً، أو انفصالياً».

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي