No Script

إطلالة

ريشي سوناك... ظاهرة قد تتكرّر

تصغير
تكبير

دخل ريشي سوناك التاريخ من أوسع أبواب بريطانيا العظمى حينما أصبح أول رئيس وزراء بريطاني من أصول اسيوية (هندية) مهاجرة إلى بريطانيا، ليصبح أول رئيس غير أبيض البشرة وبملامح هندية، يُقلّد بهذا المنصب الرفيع، ما دفع بجميع وسائل الإعلام أن تسلط الضوء عليه بشكل واسع.

وتبدأ القصة من جدته غير العادية السيدة بسراكشا، حيث كانت تعيش في كوخ صغير في تنزانيا وسط تجمع بنجابي صغير، وبعدها قرّرت عام 1966 بيع مسوغات زفافها لشراء تذكرة سفر بلا عودة إلى المملكة المتحدة تاركةً زوجها وأطفالها من أجل الهجرة، وبعد مرور عام من البقاء والعمل الجاد في مدينة Leicester الواقعة في انكلترا تمكنت من إحضار بقية أفراد عائلتها وبينهم أوشا، والدة ريشي، والتي أقنعتها والدتها أن التعليم الجيد هو الضمان لمستقبل واعد.

ولذلك استطاعت والدته الالتحاق بكلية الصيدلة بجامعة Aston ثم تزوّجت من طالب الطب زميلها يشبير، الذي ينتمي إلى الأصول الهندية أيضاً عام 1977، وبعدها قام الزوجان بتأسيس صيدلية في بريطانيا، فظلت تدير والدته هذه الصيدلية الوحيدة لسنوات طويلة حتى أنجبت من زوجها 3 أطفال، كان أكبرهم ريشي سوناك، في منطقة south Hampton.

ويقول ريشي إنه خلال فترة مراهقته كان يساعد والدته عن طريق توصيل الطلبات على دراجته إلى المنازل، وفي أثناء دراسته الجامعية كان يعمل نادلاً في أحد المطاعم، واختار في دراسته الاقتصاد في كلية لينكولن أوكسفورد، حيث عُرف بالذكاء والعبقرية في دراسته، فهو شاب غريب الأطوار والعاشق للعبة الكريكت والهوكي وكرة القدم معاً، إلى أن تخرّج في الجامعة بتفوق ما ساعده في الحصول على وظيفة مرموقة جعلته ينتقل للعيش في لندن، وبعد ثلاث سنوات وتحديداً في عام 2005 حصل على منحة دراسية لدراسة الماجستير في إدارة الأعمال في جامعة Stanford بولاية كاليفورنيا، وكان ريشي يبلغ سن الـ 24 عاماً حينما تعرّف على زميلته الطالبة أكشاتا مورتي، وابنة الملياردير نيارانا بورتي، والذي يطلق عليه بيل غيتس الهند صاحب شركة برمجيات شهيرة، وسادس أغنى رجل في الهند، إلى أن قرّر الشابان الزواج.

يقول ريشي سوناك إن زوجته قدّمت تضحيات كبيرة للارتباط بعد معارضة أهل زوجته له، حيث كان بالنسبة لها قصير القامة، ولهذا يعد سوناك أقصر رئيس وزراء بريطاني من حيث الطول بعد ويلسون تشيرشل.

وبعد مرور بضع سنوات من عمله المربح في صناديق التحوط انتقل ريشي سوناك مع زوجته الى سانتا مونيكا بلوس انجليس ليؤسسا شركة استثمارية تسمى فيلن بارتنر، وفي أثناء تلك الفترة قام الزوجان ببعض الأعمال التطوعية لحزب المحافظين، ولكن سرعان ما دخل سوناك عالم السياسة كلياً، فصعوده السياسي كان أسرع بكثير من رحلة كفاحه التعليمي حيث تحقق حلمه بسبع سنوات فقط منذ وصوله إلى ويست منستر عام 2015 كنائب برلماني عن حزب المحافظين، ثم بعد ذلك أصبح وزيراً في حكومة تريزا ماي، قبل أن يترقى إلى منصب وزير الخزانة في حكومة بوريس جونسون، اذ كان مؤيداً بارزاً له قبل أن يستقيل بدعوة ما أسماه بقضايا أخلاقية.

وكاد ريشي سوناك أن يترك السياسة تماماً بعد أن طالت الاتهامات زوجته بالتهرب الضريبي، ثم تسليط الإعلام البريطاني الضوء الزائد على ثروته وثرائه والحديث عن ملابسه باهظة الثمن في ظل معاناة الشعب البريطاني الاقتصادية، ولكن سرعان ما تراجع عن الفكرة حيث كان أبرز المرشحين لخلافة بوريس جونسون، ولكنه فشل بإقناع حزب المحافظين عند اختياره للسيدة ماري ليز تراس، وهي امرأة شغلت مناصب وزارية عدة ومنها منصب رئيس الوزراء وزعيم حزب المحافظين، وكانت عضوة في البرلمان عن جنوب غرب نورفوك، ثم وزيرة للخارجية من عام 2021 إلى 2022.

وها هو اليوم يصل ريشي سوناك إلى منصب رئيس الوزراء في بريطانيا العظمى في حديث تاريخي مجيد، وكذلك الأصغر سناً بين جميع من سبقوه منذ أكثر من 100عام، ليجد ابن الـ 42 عاما نفسه أمام تحديات اقتصادية كبيرة أسقطت سابقته ماري ليزا تراس في 45 يوماً فقط في منصبها بسبب تداعيات كثيرة أصبحت محل الخلاف داخل حكومتها وما السبيل في مواجهة الأزمة الاقتصادية التي تمر بها بريطانيا رغم وفائها بالوعود، إلا أن الظروف التي أحاطت ببريطانيا اليوم تستوجب أن يتحمل سوناك مسؤولية إعادة الاستقرار إلى البلاد بعد سنوات من المعاناة والاضطرابات السياسية والاقتصادية، مثل مسألة التضخم المرتفع والركود الاقتصادي حيث من المحتمل أن يتخذ ريشي سوناك القرارات الارتجالية الصعبة لإنقاذ عملية التضخم والأخطاء التي ارتبكها السابقون.

ولكل حادث حديث،،،

alifairouz1961@outlook.com

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي