No Script

«تجربتي في المشروعات السياحية وحكايات أخرى» يوثق بالمعلومة والقصة والصورة قطار الكويت الترفيهي

... أكثر من «تاريخ» لمحمد السنعوسي

تصغير
تكبير

«لكي نكون منصفين، العراقيل لم تواجهني وحدي، بل واجهت الكثيرين غيري، وستظل تواجه كل من يحمل مبادرات وأفكاراً شجاعة غير مسبوقة».

لعلّ هذه المقولة التي دوّنها الإعلامي القدير محمد ناصر السنعوسي في صفحات كتابه الجديد «تجربتي في المشروعات السياحية وحكايات أخرى»، لخّصت كل ما جاء في الكتاب الذي يوثّق بالمعلومة والقصة والصورة، قطار الكويت السياحي والترفيهي، ليسجل من خلاله تأريخاً شاملاً ليس لرحلته - السياحية - فحسب، بل لتاريخ السياحة والترفيه عموماً في الكويت.

يقول السنعوسي في مقدمة الكتاب الذي يقع في 342 صفحة: «إن أرشيفنا الوطني يفتقر إلى الإلمام الكامل بالجانب التاريخي وبالمنجز الحضاري لهذا المجال (السياحة والترفيه).

صحيح أن هناك إصدارات تحدثت عن بعض الجوانب مثل الألعاب الشعبية أو الحزاوي والألغاز أو رحلات البر أو الفن الشعبي أو مظاهر الترفيه المعاصرة التي انحصرت - بكل أسف - في التسوق بمجمعات تجارية، إلا أن جمع كل نشاط السياحة والترفيه من أطرافه وبكل تفاصيله ظل غائباً»، مضيفاً «بل والأكثر من ذلك - أو الأسوأ - أنني لم أجد - حتى لدى الجهات صاحبة الشأن والاختصاص - توثيقاً شاملاً لكل مرفق من مرافق المشروعات السياحية».

لم يغب عن السنعوسي كيف بدأت وسائل الترفيه، فعاد بعجلة القطار إلى أول سكته، متناولاً في كتابه وسائل الترفيه قديماً، ثم بداية تأسيس بنية تحتية لها علاقة بالسياحة والترفيه، مثل: وسائل السفر والانتقال، والفنادق، والسينما، والحدائق... وغير ذلك.

ثم ينتقل الكتاب إلى رصد الجهود التأسيسية لنشاط السياحة والترفيه، والمبادرات الأولى، وكيف تطورت. وفي الجزء المخصص لشركة المشروعات السياحية، يتناول جوانب تأسيسها وأعضاء مجالس إداراتها، والمرافق التي تديرها، وصولاً إلى تجربة عمله في الشركة حينما تولى مهام رئيس مجلس الإدارة العضو المنتدب، بالإضافة إلى تجربته في «شوبيز» وفي منتجع «سليّل الجهراء».

الترفيه قديماً

يشير السنعوسي إلى أنه في زمن الغوص والبحث عن اللؤلؤ، كان البحارة يروّحون عن أنفسهم بالأغاني الشعبية التي يؤديها النهام، مبيناً أن السفن الكبيرة كانت تشكّل متنفساً لهم ومركزاً للسمر والاحتفالات الليلية، في حين عرج على الترفيه لدى أهل البادية في الماضي، وفنونهم المعروفة مثل «فن الحداء» و«الفريسني» و«المجيلسي» و«الهجيني» و«الدحة» وطروق الربابة المنوعة، التي كانوا يستأنسون بها. كما تطرق إلى وسائل الترفيه عند سكان القرى والمدن من خلال الفن السامري وأغاني الأعراس والموالد والخماري واللعبوني، وغيرها.

وتضمن الكتاب بعض وسائل الترفيه القديمة، كالألعاب الشعبية الموسمية، مثل لعبة «المحيبس»، وهي لعبة شتوية لأنها تحتاج إلى أغطية، بينما في الصيف يلعب الناشئة والشباب «العداديل» و«المقصي» و«الهول» وما إلى ذلك من ألعاب تعبر عن بساطة الحياة وشح الإمكانات المتاحة في البيئة التي عاشها أهل الكويت قديماً.

«البنية التحتية السياحية»

كما لم يَفته التطرق إلى الجهود التأسيسية للترفيه والترويح وتاريخ «البنية التحتية السياحية»، ومنها الطيران، حيث إنه في العام 1927 تم افتتاح أول مطار في الكويت بمنطقة الدسمة، وكان عبارة عن أرض صحراوية ليس بها برج مراقبة ولا أضواء.

وفي العام 1948 خصصت الحكومة أرضاً في منطقة النزهة لتكون مطاراً جديداً، وتم تشغيل المطار بإمكانات بسيطة للغاية. وفي الأربعينات أيضاً تم تأسيس شركة الخطوط الجوية الكويتية لتنضم إلى منظمة النقل الجوي الدولي «أياتا» في العام 1945.

وبعد عام واحد من إعلان استقلالها، بدأت الدولة في تأسيس المرحلة الأولى من مطار الكويت الدولي «مطار المقوع» ليكون بديلاً عن مطار النزهة، وفي العام 1980، تم البدء بالمرحلة الثانية مع إنشاء المبنى الرئيسي للمطار، ومرّ المطار على مدى سنوات لاحقة بتطويرات عدة.

الحركة الكشفية

أيضاً، يؤرخ الكتاب تاريخ الحركة الكشفية في البلاد، حيث تعد الكويت أول حاضنة لها في الخليج، بعد أن عرفتها عام 1936 مع وصول أول بعثة تعليمية إليها من فلسطين.

كذلك إنشاء الأندية البحرية، مثل «نادي الحبارى» الذي أنشأته شركة نفط الكويت في الأحمدي العام 1948، إلى جانب إنشاء بعض المراكز الرياضية والمنشآت الترفيهية. كذلك، أضاء السنعوسي على «نادي الغزال» الذي تم إنشاؤه بمبادرة من بدر الملا الذي اهتم برياضة التزلج المائي.

وقد نجح الإعلامي القدير في جمع أكبر قدر من المعلومات وبدقة بالغة، موضحاً في ما يتعلق بإنشاء الفنادق في الكويت والتي تبناها التجار، ومؤكداً أن البداية كانت مع يوسف شرين بهبهاني حينما شيد فندق «شرين»، ثم ظهر فندق «الشرق» لعبدالرحمن المعجل.

ولفت إلى أن الكويت في العام 1955 تقدمت خطوة جديدة في المجال الترفيهي عندما افتتحت أول دار للعرض السينمائي بعنوان «سينما الشرقية»، بعدها ظهرت سينما الفردوس، الحمراء، السيارات والسالمية وغيرها.

أول حديقة للحيوانات

إلى جانب ذلك، أضاء السنعوسي على أول حديقة للحيوانات في الكويت، والتي أنشأها الشيخ جابر العبدالله المبارك الجابر الصباح في قصره بمنطقة سلوى العام 1954 وأطلق عليها اسم «سلوى»، بينما احتضنت منطقة الشامية أول حديقة عامة للأطفال عام 1961، مستذكراً في الوقت ذاته دور الإذاعة والتلفزيون في دعم وسائل الترفيه في الكويت، وافتتاح الإذاعة في العام 1951، في حين شهد العام 1961 بداية البث في تلفزيون الكويت، ليكون من أوائل التلفزيونات العربية الرسمية، وأول تلفزيون في الخليج. ولم يغفل دور المسرح الكويتي، في إضفاء الترفيه والفرجة، إلى جانب كونه عنصراً من عناصر الثقافة وأحد أدوات الجذب السياحي.

ومضى السنعوسي يسرد في كتابه قصصاً عن الأندية والملاعب الكويتية، مؤكداً أن الحركة الرياضية في الكويت قديمة جداً، «وقد مارس أجدادنا أنواعاً عديدة، منها سباق الخيل والعدو والسباحة والقفز وحمل الأثقال والغوص»، والقائمة طويلة.

تدشين أبراج الكويت

ولأن أبراج الكويت تعتبر من أهم المعالم السياحية في البلاد والعالم أجمع، فقد استحضرها السنعوسي في كتابه هذا، مستذكراً مصممي هذا المشروع الضخم الذي تم تدشينه في العام 1977 بحضور الملكة إليزابيث الثانية قبل افتتاحه للجمهور، كما وثق أسماء بعض المعماريين الدوليين الذين ساهموا في تخطيط العمارة والمدن والطرق في بدايات نهضة الكويت.

الأندية البحرية

أكد الإعلامي القدير أن شركة المشروعات السياحية تولت منذ تأسيسها في العام 1976 إدارة العديد من الأندية البحرية، وقد توافرت في تلك الأندية شواطئ خاصة برمال ذهبية ناعمة.

صالة التزلج

روى السنعوسي قصة إنشاء صالة التزلج، مبيناً أن الفكرة بدأت في عهد الشيخ صباح السالم، وبالتحديد في العام 1975 عندما زار فرنسا وحضر حفلاً للتزلج، فأعجبته هذه الفكرة الترفيهية، وبعد عودته للبلاد اجتمع بالمختصين من معماريين ومهندسين ليطرح عليهم فكرة إنشاء صالة للتزلج في الكويت، وبالفعل تم تصميمها وافتتاحها العام 1980. وبعدها بثلاث سنوات تم افتتاح حديقة النافورة في محيط صالة التزلج.

منتزه فيلكا

أشار الكاتب إلى أن جزيرة فيلكا لم تنل حظها في التخطيط السياحي إلا مع مطلع الثمانينات، وكان نتيجة هذا الاهتمام افتتاح منتزه فيلكا في العام 1982 بجوار الآثار القديمة، وضم المنتزه 472 شاليهاً مقسمة إلى ثلاث فئات شيدت على الطراز العربي والأوروبي.

الحدائق العامة

بيّّن السنعوسي أن الحدائق العامة في الكويت لم تقم بأدوار متطابقة مع حدائق الغرب، على غرار «هايد بارك» في لندن أو «سنترال بارك» في نيويورك، ولكنها لعبت دوراً ترفيهياً معقولاً، لما تحتويه من منشآت وألعاب ومسارح وصالات رياضية ومطاعم وغيرها.

المدينة الترفيهية

وضع السنعوسي يده على الجرح عندما أشار في كتابه إلى ذكريات المدينة الترفيهية، وهو يتساءل بمرارةٍ: «لا أعرف هل نكتب هنا عن المدينة الترفيهية لتوثيق بداياتها أم لإعلان نهايتها؟!».

وأضاف «عند إعداد هذا الكتاب نلتفت نحو (الدوحة) فنجد أن المدينة لملمت ذكرياتها ورحل من مدخلها (البوم) الشاهد على تاريخها، وغادرها (الصقر) وهو الشعار الذي أصبح الآن من الماضي».

الأسطول البحري

كذلك ذكر في كتابه امتلاك شركة المشروعات السياحية لأسطول بحري استخدم في حركة النقل البحري بين ميناءي رأس الأرض وجزيرة فيلكا، وكان افتتاح هذا الخط الملاحي في العام 1977.

من التلفزيون إلى السياحة

تحدث السنعوسي عن تجربته الشخصية في شركة المشروعات السياحية، مبيناً أنه فور مغادرته مبنى الإعلام في العام 1985، تلقى اتصالاً من وزير المالية وقتذاك المرحوم جاسم الخرافي، «حيث عرض عليّ تولي مسؤولية إدارة الشركة، التي تدير المرافق السياحية المملوكة للدولة نيابة عن وزارة المالية، ولكن الأمر لم يكن مستساغاً بالنسبة لي، بل كان مستغرباً لأن خبراتي انحصرت في مجال الإعلام والفن، فاعتذرت بلطف عن تولي تلك المهمة، إلا أنه بدا غير مقتنع بأسباب رفضي وأصرّ على تكليفي بإدارتها».

وكشف عن أنه في بداية تولي مسؤولياته في شركة المشروعات السياحية، كانت الشركة تدير عدداً من المرافق، كما كانت تعمل، مع أجهزة الدولة الأخرى، في تشييد مشروعي الواجهة البحرية، ومنتزه الخيران.

ولفت إلى أنه في البداية عمل على دراسة الوضع الراهن، «ومع ما وجدته من إنجازات مقبولة وطيبة اكتشفت العديد من السلبيات على رأسها عدم تحقيق الشركة لأي أرباح بل إنها (موجوعة) بخسائر سنوية، وكانت الدولة تعوضها كل سنة بنحو ثلاثة ملايين دينار (...)».

قائمة المؤسسين

تحدّث السنعوسي عن مبادرات تأسيس شركات للسياحة والترفيه، مثنياً على دور القطاع الخاص في هذه المبادرة، والذي اعتبره شريكاً رئيساً، حيث بدأت فكرة إنشاء شركة تساهم فيها الدولة مع الأفراد والمؤسسات، «ولاقت هذه الخطوة استجابة وقبولاً لدى الفعاليات الاقتصادية، وتم بالفعل في العام 1974 تأسيس شركة أطلق عليها (شركة المشروعات السياحية والترفيهية)، وقد أنشئت كشركة مساهمة كويتية وضمت قائمة المؤسسين حكومة دولة الكويت، ممثلة بوزير المالية والنفط عبدالرحمن العتيقي، بالإضافة إلى 13 مؤسسة وإحدى عشرة شركة مساهمة وشركة تضامنية واحدة هي شركة الفنادق الشرقية.

وقد ضمت قائمة المؤسسين بنسب متفاوتة، كلاً من مؤسسة الخطوط الجوية الكويتية ومثلها فيصل سعود الفليح، وشركة الفنادق الكويتية ومثلها جاسم محمد الخرافي، وشركة عقارات الكويت ومثلها عبدالرزاق عبدالحميد الصانع، والشركة الكويتية للتجارة والمقاولات والاستثمارات الخارجية ومثلها غازي سعود الفليح، والشركة الكويتية للاستثمار ومثلها عبدالله عبدالعزيز الهديب، والشركة الدولية الكويتية للاستثمار ومثلها عبدالمطلب عبدالحسين الكاظمي، وشركة الكويت للتأمين ومثلها مصطفى جاسم بودي، وشركة السينما الكويتية الوطنية ومثلها بدر السالم العبدالوهاب، وشركة إعادة التأمين ومثلها محمد يوسف النصف، وغيرهم من ممثلي الشركات».

أوائل السياحة والترفيه

أشار السنعوسي في كتابه إلى أن بدر الملا هو أول من أدخل رياضة «التزلج على الماء» إلى منطقة الخليج العربي، فقبل صيف 1963 لم تكن هذه الرياضة معروفة، حتى اتفق الملا مع بطل إنكلترا ادي عريضة على تنظيم أول عرض للتزلج، حيث استقدم أبطال هذه الرياضة من «سايبرس غاردن» بولاية فلوريدا الأميركية على نفقته الخاصة.

كذلك اعتبر أن صالح الشهاب اسم كبير ومؤسس في عالم الترويح والسياحة في البلاد، «واتضح ذلك عندما كلّفه سمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء آنذاك الشيخ جابر الأحمد، طيب الله ثراه، بإنجاز عمل يحبب أبناء الكويت للبقاء في البلاد خلال فصل الصيف، فاقترح الشهاب تشكيل لجنة مستقلة للنهوض بمشروع سياحي متنوع».

منتجع سليّل... درة الشمال

تضمن الكتاب في صفحاته الأخيرة ردوداً حول سبب الاتجاه إلى الصحراء لتنفيذ مشروع بحجم منتجع سليّل الجهراء السياحي، عوضاً عن الذهاب إلى المناطق الساحلية، مؤكداً أنه بالإمكان النجاح في أي مكان، «والصحراء هي الوطن كما الشواطئ».

الواجهة البحرية

ولم يخف كذلك قصصاً كثيرة كان قد تحدث عنها بإسهاب في كتابه، مثل قصة الواجهة البحرية منذ اللبنة الأولى وحتى تصميمها وتطويرها وافتتاحها في العام 1987، بالإضافة إلى تصميم الجزيرة الخضراء على شكل «كعكة»، كما أضاء على بعض الجداريات المحدودة في الكويت ومنها «حائط السلام» للفنان الكويتي جعفر إصلاح.

أيضاً، أضاء السنعوسي على تطوير الكثير من المرافق والأنشطة، مثل إنشاء مجمع أحواض السباحة، ونادي ومرسى اليخوت، وغيرها الكثير من الأماكن السياحية المهمة.

«محنة الغزو وآثاره»

وقد استذكر السنعوسي في الكتاب روايات أخرى منها «محنة الغزو وآثاره»، وما آلت إليه المرافق السياحية أيام العدوان العراقي الآثم على الكويت، وكيف أصبحت «السياحة في الأرض المحروقة»، حتى أشرقت شمس التحرير من جديد، فدبت الحماسة لافتتاح مرافق الشركة، مع شغف كبير بإدخال وإضافة اللمسات التي تهيئ للمرافق السياحية أن تكون أكثر جمالاً ومصدراً للسعادة النفسية.

«حرب شوبيز»

وتحدث السنعوسي عن إدارته وأبنائه لمشروع «شوبيز»، والحرب التي تعرض لها من بعض الأطراف، «التي أطلقت الإشاعات بهدف تأليب الرأي العام وفرش الطريق أمام إجراءات سحب المشروع، فقالوا إننا نؤجر شوبيز لمستثمر من الباطن، وحينما لم تثبت صحة ذلك، أطلقوا إشاعة أخرى بأن استثمارنا فيه مقابل سعر رمزي».

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي