الرئيس الديموقراطي قد يواجه شللاً برلمانياً طويلاً مع صراعات لا نهاية لها حول مشاريع قوانين تُولد ميتة
التجديد النصفي الأميركي... بايدن حدّ من الأضرار وغياب «تسونامي أحمر»... ضربة لم يتوقّعها الجمهوريون
تمكّن الحزب الديموقراطي من الحد من الأضرار أفضل مما كان متوقعاً في انتخابات منتصف الولاية، وحرم الرئيس السابق دونالد ترامب من تشكيل «حركة مد أحمر» في الكونغرس، كان يراهن عليه للعودة مجدداً إلى البيت الأبيض.
وبينما يبدو الجمهوريون في موقع جيد للفوز بالغالبية في مجلس النواب لكن بفارق ضئيل، انتزع معسكر الرئيس جو بايدن (79 عاماً) من الجمهوريين المقعد الذي كان موضع التنافس الأشدّ في هذه الانتخابات.
فقد فاز في بنسلفانيا الديموقراطي جون فيترمان، بعد أمسية سادها توتر شديد وعملية شاقة لفرز الأصوات، ما يعطي أملا لبايدن بالاحتفاظ بالسيطرة على مجلس الشيوخ، حيث كان الجمهوريون يتمتعون حتى الآن بتقدم طفيف، في استطلاعات الرأي.
وباتت التشكيلة النهائية لمجلس الشيوخ معلقة الآن على أربعة مقاعد: أريزونا ونيفادا وجورجيا وويسكونسن، وهو عدد كبير من الولايات، إذ إن فرز الأصوات يمكن أن يتطلب أياما عدة.
لكن يبقى معرفة إلى أي حد سيكون ذلك كافياً لمنح بايدن، دفعة جديدة، حتى عام 2024 أو بعده.
وأجرى الرئيس الديموقراطي، والذي لم يتوقف خلال حملته الانتخابية عن تشديد لهجته ضد الجمهوريين «المتطرفين» المؤيدين لسلفه ترامب، خلال السهرة الانتخابية الاتصالات مع الديموقراطيين الذين فازوا بمناصب معينة، سواء كحكام أو أعضاء في مجلس النواب أو الشيوخ.
وكتب في تغريدة مع صورة له وهو يتحدث على الهاتف «بمن فيهم أشخاص التقيتهم هذا العام»، كما وكأنه ينسب لنفسه بعض الفضل في الانتصارات.
وإذا تأكدت الاتجاهات الأخيرة - أي أن الديموقراطيين لن يعطوا الجمهوريين سوى غالبية ضيقة في مجلس النواب - فيما يستمر الترقب بالنسبة لمجلس الشيوخ، فان بايدن يكون قد كذَّب توقعات استطلاعات الرأي التي اعتبرت أنه سيكون خاسراً مع حزبه.
كما يمكنه رغم التضخم المتسارع، وتراجع شعبيته والهجمات العنيفة من ترامب أن يكون في وضع أفضل من الرئيسين الديموقراطيين السابقين باراك اوباما وبيل كلينتون اللذين شهدا على نتائج متراجعة خلال انتخابات منتصف الولاية.
وانتخابات منتصف الولاية التي تنظم بعد سنتين من الانتخابات الرئاسية، هي بمثابة تصويت يعاقب الإدارة القائمة.
وكان الجمهوريون متفائلين بانتزاع مقاعد في دوائر تعتبر محسومة للديموقراطيين.
لكن الحزب الجمهوري الذي توقعت تقديرات أن يحصد عدداً إضافياً من المقاعد، 10 أو 25 وحتى 30، مضطر لخفض سقف توقعاته.
وقال المسؤول الجمهوري كيفن ماكارثي ليل الثلاثاء - الأربعاء «من الواضح أننا سنستعيد مجلس النواب» من دون التطرق إلى «تسونامي أحمر».
وصرح السناتور المؤثر ليندسي غراهام، وهو صديق مقرب لترامب، لشبكة «إن بي سي» بان «الأمر ليس بالتأكيد مداً جمهوريا. هذا أمر مؤكد».
وفي ما يتعلق بحكام الولايات تجنب بايدن تراجعاً كبيراً عبر احتفاظه بالسيطرة على ولاية نيويورك، حيث كان الجمهوريون يعتقدون أن بإمكانهم الإطاحة بالحاكمة كاثي هوشول.
وفي ولاية أريزونا، أثار الرئيس السابق شكوكاً حول انتظام عمليات الاقتراع عبر حديثه عن حوادث تقنية في أماكن معينة طالت آلات التصويت.
وحرصاً منه على تجنب أي انتقاد لنتائج الحزب الجمهوري، أعلن ترامب أن الجمهوريين عاشوا «ليلة خارقة» للانتخابات.
وكان الرئيس السابق انخرط بجد في حملة انتخابات منتصف الولاية معوّلاً على نجاح مساعديه لخوض السباق الرئاسي في 2024.
لكن بايدن يقترب رغم ذلك من مرحلة حساسة.
وفي أميركا، حيث باتت الانقسامات الحزبية أعمق من أي وقت مضى، هل سيكون قادراً مع خبرته الطويلة كعضو في مجلس الشيوخ وقناعاته الوسطية، أن يحقق توافقاً مع الجمهوريين؟
لكن لا شيء أكيد، ويمكن أن يواجه شللاً برلمانياً طويلاً مع صراعات لا نهاية لها حول مشاريع قوانين تولد ميتة.
يبقى أيضاً معرفة إلى أي حد سيبقى حزب المحافظين الذي وعد باستراتيجية برلمانية متشددة، على هذا الخط.
وتحقيق الغالبية حتى بفارق ضيق في مجلس النواب يعطي سلطة كبيرة في مجال الإشراف، وقد وعد اليمين باستخدامها للبدء بعدد من التحقيقات ضد بايدن وأدائه وأوساطه.
خلال إحدى الجلسات، وعدت مارجوري تايلور غرين التي أعيد انتخابها في مجلس النواب، على سبيل المثال بفتح ملفات هانتر بايدن، النجل الأصغر للرئيس ونقطة ضعفه، وقد كان ماضيه مضطرباً مع الإدمان.
أبعد من ذلك، السؤال الأبرز لبايدن والديموقراطيين هو الانتخابات الرئاسية لعام 2024.
وقال الرئيس الأميركي حتى الآن إنه ينوي الترشح، ليس لديه من خيار آخر تحت طائلة ان يخسر مباشرة كل رصيده السياسي.
لكن هذا الاحتمال لا يثير حماسة الرأي العام ولا حتى الديموقراطيين نظراً لعمر الرئيس الذي سيحتفل بعيد ميلاده الثمانين خلال أيام.
وسبق أن ألمح ترامب إلى أنه يمكن أن يُعلن ترشحه في 15 نوفمبر.
وسيكون منافسه الديموقراطي بعيداً جداً، حيث يغادر الجمعة ضمن ماراثون ديبلوماسي سيقوده إلى قمة «كوب 27» في مصر وكمبوديا لقمة أسيان ثم الى اندونيسيا لحضور قمة مجموعة العشرين.
من المتعذر في الوقت الراهن معرفة ما إذا كان بايدن سيوضح قبل مغادرته نواياه بالنسبة لعام 2024.