يمكن القول إن حديث الصباح والمساء في الفترة الأخيرة لم يخل من التطرق لانتشار آفة المخدّرات في الكويت، بعد أن باتت ظاهرة محلية بالغة الخطورة وذات تهديد حقيقي لمجتمعنا.
فإذا كانت ضربات وزارة الداخلية المتتالية لتجار المخدّرات تعكس جهداً وطنياً ومسؤولاً من رجال الوزارة في مواجهة هذه الآفة الغريبة على الكويت، إلا أن النظر إلى النصف الثاني من الكوب يظهر بوضوح أنه ممتلئ حسب الاحصائيات الرسمية بضبطيات ضخمة من المخدّرات والأخطر أن الغزو متتالٍ وغير منقطع.
وهنا يدق ناقوس الخطر مجتمعياً وأمنياً ليعلن وبقوة أن الوطن بات في خطر محدق ما لم تتحرك جميع المؤسسات سريعاً وعلى الأصعدة كافة لتقويض حرب المخدّرات التي تبدو ممنهجة على الكويت، إن لم نفلح في وأدها.
فأخطر ما تحمله إحصائيات وزارة الداخلية بخصوص ضبطياتها للمخدّرات في الفترة الأخيرة والوجيزة، أنها تشي بأن الكويت أصبحت مستهدفة بهدم صحة شبابها، وذهاب عقولهم وفقدان وعيهم، وتفكك أسرهم وتشرد أبنائها، كما أنه انتحار بطيء للشباب، ليصبح المدمن مع ذلك عالة على أسرته وعلى المجتمع بدلاً من أن يكون عنصر بناء وقوة منتجة وفاعلة في خدمة مجتمعه وتقدمه.
وبالمناسبة هذه النتائج السلبية ليست افتراضية، فأقل ما يمكن أن يحدثه استمرار انتشار آفة المخدّرات، قتل مستقبل الوطن، بنشأة جيل غير واعٍ وغير قادر على المشاركة الحقيقية في تنمية بلده، في وقت نحن في أمس الحاجة إلى تنمية ثروتنا البشرية التي تعد عماد نجاح أي خطط تنموية للكويت.
وربما لا يجافي الحقيقة القول إنه مخطئ من يعتقد بأن مسؤولية محاربة المخدّرات تقع على عاتق رجال الداخلية فقط، فتنفيذ إستراتيجية الوقاية من المخدّرات وفقاً للتجارب العالمية المجدية مسؤولية جماعية تقع على عاتق جميع المؤسسات بدءاً من الأسرة مروراً بالمدارس والجامعات ومؤسسات النفع العام ووزارات الشباب والإعلام والأوقاف، وانتهاء بالداخلية مع تسخير جميع أوجه التوعية والرقابة المختلفة.
وحتمية توزيع مسؤولية التصدي للمخدّرات على جميع مكونات المجتمع، كل من موقعه، تشكل دعوة ملحة لحشد الطاقات والقناعات، والانتقال من الفرح بتنفيذ قانون عقابيّ، وضبط المزيد من المخدّرات والمدمنين، إلى توفير حائط صد مزدوج من قوى المجتمع والأمن لمساعدة الذين يتعاطون المخدّرات بتمكينهم من الانصهار في المجتمع مجدداً وتحويلهم من الفئة الضالة إلى المنتجة، ووقتها سيتحول الجميع بما فيهم المدمن إلى جزء من محور مقاومة المخدرات.
الخلاصة:
تعاطي المخدّرات سلوك منحرف نظراً لخروجه عن المعايير الاجتماعية ومواجهته يجب أن تكون من الجميع وبيد من حديد، قبل أن تستشري الآفة أكثر ونتحول جميعاً لضحايا بين شباب مدمن ومجتمع ضعيف في شبابه وآسر تدفع ثمن أخطاء أبنائها قانونياً ومجتمعياً ومادياً، وقبل كل ذلك دينياً وأخلاقياً.
ولذلك يجب أن تشن جميع مكونات المجتمع ومؤسساته الحرب على المخدّرات في مسعى لتحفيز مقاومة انتشارها في مجتمعنا المحافظ بفطرته وطبعه، فردع تعاطي المخدّرات وغزوها البلاد يبدأ بالوصول الناجع إلى العلاج والخدمات الصحيّة والاجتماعيّة والقبضة الأمنية.
ملاحظة: ليس من السابق لأوانه البدء في التحدث إلى ابنك أو أي مدمن قريب منك عن تعاطي المخدّرات، فمحادثات اليوم يمكن أن تساعده في اتخاذ خيارات صحية في المستقبل له ولك وللمجتمع بأسره.