في الواجهة «اللهو» بالأسهم الرخيصة لا يغني عن الدعم الحكومي

البورصة في زمان «الخطة»:

تصغير
تكبير
 |كتب علاء السمان|

عباراتان متناقضتان تسريان على لسان العارفين بشؤون البورصة. يقول البعض إن إقرار خطة التنمية الحكومية يغني السوق عن الدعم الحكومي، من خلال المحفظة الوطنية، لكن آخرين يحذرون من خطأ هذا الاعتقاد. فعلى العكس تماماً، يوفر إقرار «الخطة الخمسية» فرصة مواتية تماماً لتدخل المال الحكومي بالشراء، طالما أن هناك عوامل أساسية تعاضد هذا التدخل.

وتنبه شخصيات اقتصادية رفيعة إلى أن جميع الذرائع التي كانت تعوق التحرك الفاعل للمحفظة واستكمال تحويل الأموال إلى المحفظة الوطنية (ما تم تحويله أقل من ثلث المبلغ المرصود من مجلس الوزراء والبالغ 1.5 مليار دينار)، سقطت الآن أو أنها في طريقها إلى السقوط.

فغالباً ما كان يقال إن الظروف الاقتصادية غير ملائمة، وإن «المحفظة الوطنية» لا يمكنها أن تنقذ الوضع وحدها، وأنه لا بد من إجراءات أخرى لتعزيز الثقة، لأن من غير المعقول أن تشتري المحفظة فيما «يفرّغ» عليها الآخرون مليكاتهم!

ها ان الإجراءات الأخرى توفرت، فماذا عسى «المحفظة» تجيب؟

للإجابة لا بد من العودة إلى وضع السوق، حيث يبدو أن منسوب الثقة لدى مديري الاستثمار مرتفع لكن مع بعض الحذر، بدليل أن عمليات التجميع القائمة لا تزال تتسم بالحساسية المفرطة. وفي تداولات الأمس نموذج يوضح الأمر.

فبعد ان غابت عمليات البيع العشوائية في أول جلسات سوق الاوراق المالية الأسبوع الجاري في ظل جرعة التفاؤل النفسية التي حصلت عليها الأوساط المالية عقب اقرار خطة التنمية، شهدت وتيرة التداول امس موجة من البيع وجني الارباح نتج عنها تواضع في السيولة المتدفقة نحو الاسهم المدرجة سواء على مستوى السلع القيادية التي ما زالت دون حركة نشطة او على صعيد الاسهم الصغيرة التي تجتذب النسبة الاكبر من اهتمامات مديري المحافظ والصناديق الاستثمارية.

لدى الاوساط المالية والاقتصادية يقين بان تعامل الحكومة مع هذه الخطة المليارية سيكون مغايراً للمرات السابقة حيث تسعى الجهات المعنية لادخالها حيز التنفيذ خلال الفترة القليلة المقبلة لاسيما وان مجلس الامة اقرها باجماع خلال اول مداولة.

وفي ظل محاولة اخراج السوق من موجات التذبذب مع قرب انطلاقة الاعلانات السنوية للشركات المدرجة كانت ترجمة الافراج عن الخطة من خلال وتيرة التداول متواضعة خصوصا وان هناك حالة من التحفظ في الشراء على الاسهم التي تنتمي الى

كيانات اوضاعها المالية غير واضحة.

بناء مراكز مالية

وفي المقابل اهتم صناع السوق بالشراء على اسهم المجموعات الكبرى لاسيما الرخيصة منها والتي تتداول عند مستويات متدنية للغاية حيث ركزت على دعمها عند اسعارها الحالية، وسط توقعات بان تشهد تلك الاسهم موجة اضافية من النشاط خلال الايام القليلة المقبلة، فهناك من يرى الوقت الحالي فرصة لبناء مراكز مالية جديدة على هذه السلع، فيما يرى الجانب الاخر ان الوقت سيكون مواتياً للمضاربات السريعة فقط وكلا الوجهتين قد يكون لهما اثر جيد في حركة بعض الشركات.

وتظهر من خلال تعاملات السوق حالة من التريث في البيع من قبل المحافظ والصناديق والافراد حيث تفضل تلك الشريحة خصوصا ذات الحس الاستثماري الاستراتيجي منها الاحتفاظ باسهم منتقاة استعداداً لجولة الربع الاول بعد ان ايقن الجميع ان نتائج اعمال غالبية الشركات المدرجة ليست على قدر الطموح.

المدير العام في الشركة الرباعية للوساطة المالية احمد الدويسان قال في تصريحات لـ «الراي»: ان الخطة التنموية طموحة وجميلة، ولكن الاجمل تطبيقها على ارض الواقع حيث ينتظر ان يكون لذلك انعكاسات اكثر من ايجابية على قطاعات السوق الكويت ليس فقط سوق المال بل الروافد الاخرى.

واوضح الدويسان ان وتيرة تداول سوق الاوراق المالية تعتمد حالياً على حركة المجموعات والشركات التي سجلت نشاطاً خلال فترة ما قبل اقرار الخطة، لافتا الى ان شريحة كبيرة من المحافظ والصناديق اهتمت بزيادة معدلات الشراء لديها على اسهم منتقاة بعيداً عن الكيانات التي قد تكون اوضاعها المالية غير مستقرة.

بيع خجول

واكد ان نشاط البيع كان قد حضر بشكل خجول في ظل توارد المعلومات الايجابية التي اثرت على نفسيات الاوساط المالية والاستثمارية بداية الاسبوع الى ان ظهر على شكل جني ارباح وضغط متعمد على شريحة ليست بقليلة من الاسهم، فيما المح الدويسان الى ان الاسهم الرخيصة نجحت على مدار الجلسات الاخيرة في اجتذاب السيولة في وقت سجل فيه صناع السوق على هذه الاسهم حضوراً قوياً اضاف جو من السخونة والحركة على ادائها ما ادى الى تحويل اهتمامات الجانب الاكثر من المتعاملين اليها.

المحرك الرئيسي

وبين الدويسان ان قطاع البنوك ما زال الموجه الاساسي للسوق بل يمثل نبضه الرئيسي مما يجعل عدم تفاعله مع التوازن الملحوظ في وتيرة التداول قبل ايام سبباً في ظهور علامات الاستفهام، حيث يراقب الجميع ظهور نتائجها للعام 2009وما ستحويه من ارقام وتوزيعات وزيادات في رؤوس اموال وغيرها.

ونوه الى ان تماسك اسهم الشركات على مدار الشهرين المقبلين قد يكون سبباً في تغيير ملامح نتائج اعمال الربع الاول لكثير منها، فيما يصبح صغار المستثمرين مطالبين بمزيد من الحذر لدى التداول على الاسهم المضاربية مع ضرورة التركيز على الاسهم التشغيلية التي تعد الاكثر اماناً.

وعلى الصعيد نفسه قالت المحلل المالي في شركة «نور كابيتال ماركتس» نادين وهبي ان البورصة تفاعلت مطلع الاسبوع مع الاخبار الايجابية التي اشتملت عليها بعض المتغيرات الاخيرة منها على سبيل المثال اقرار خطة التنمية من قبل مجلس الامة، الا ان عمليات جني الارباح حالت دون استمرارية النشاط.

شهية الشراء

واوضحت وهبي ان شهية المستثمرين في السوق حالياً تتجه الى الشراء بشكل انتقائي وذلك ما تظهره كميات التداول على كثير منها، لافتة الى ان خمس شركات هي ابيار والمنتجعات وجيزات والصفوة وتمويل خليجي قد استحوذت على نحو 54 في المئة من اجمالي الكميات المتداولة بواقع 207.4 مليون سهم تقريباً خلال جلسة الامس في حين سجلت العديد من السلع كميات كبيرة ايضاً مما يشير الى ان منسوب الانتقائية في تزايد مستمر.

ومن جانب اخر دعت وهبي في سياق حديثها كافة الشركات المدرجة الى ضرورة الكشف عن بياناتها المالية السنوية للعام 2009 بشكل سريع،حتى تكون الامور اكثر وضوحا امام السوق والمستثمرين في ما يخص الاوضاع المالية لتلك الشركات، حيث يتيح ذلك امكانية اتخاذ القرار الاستثماري بشكل منطقي بعيداً عن المؤثرات غير الواقعية.

مكرر الربحية

واوضحت ان هناك كثيراً من المعايير الفنية تتطلب بيانات مالية حديثة كي يتم احتسابها، منها مكرر الربحية p/E وغيرها من المعطيات التي تسهل معرفة وضع كل شركة وما اذا كانت مستوياتها السعرية مناسبة للشراء ام لا، فيما لفتت الى ان اقرار الميزانيات المالية للشركات يسلط الضوء على وضع موجوداتها واصولها التابعة اضافة الى الاسعار العادلة بعيدا عن الفقاعات التي تسببها المضاربات العشوائية.

تسهيلات البنوك

... والفرص

ونوهت وهبي الى ان البنوك مطالبة بفتح المجال لتسهيلات جديدة للشركات وغيرها، الا ان ذلك يتطلب وضوحاً في مراكزها المالية وطبيعة اصولها التابعة وما اذا كانت مواتية لشروط الحصول على قروض جديدة من عدمه، منوهة الى ان ذلك بحاجة الى الاعلان السريع عن البيانات المالية بدلاً من التأخر المعتاد منذ بدايات الازمة المالية.

ولم تخف وهبي ان السوق الكويتي به الكثير من الفرص الاستثمارية التي قد تكون سبباً في جذب الاموال الاجنبية اليه في المستقبل، خصوصا مع دخول الخطط المقررة حيز التنفيذ، فيما حذرت صغار المتداولين من الاندفاع وراء الاسهم المضاربية التي تفتقد مقومات النشاط مع التركيز في الشراء على السلع التشغيلية.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي