ريشي سوناك «القشة التي قصمت ظهر جونسون» أول رئيس حكومة من أصول آسيوية
«أوباما البريطاني»... يدخل التاريخ
- الأولوية للاستقرار الاقتصادي والتركيز على السياسات لا الشخصيات
رافعاً راية «أولوية الاقتصاد»، دخل وزير المال البريطاني السابق ريشي سوناك التاريخ من أوسع أبوابه، كونه سيصبح أول رئيس وزراء من أصول آسيوية مهاجرة في تاريخ المملكة المتحدة، كما أنه أول رئيس حكومة غير أبيض يصل لهذا المنصب.
وانتخب حزب المحافظين، أمس، سوناك (42 عاماً) رئيساً له وسيصبح بالتالي رئيس الوزراء الجديد، بعدما فشلت منافسته بيني موردنت في تأمين الأصوات المئة اللازمة لدعم ترشيحها من قبل زملائها النواب وأعلنت انسحابها من الترشح.
وقال رئيس (لجنة 1922) في حزب المحافظين غراهام برايدي في مؤتمر صحافي إن سوناك نجح في جمع نحو 200 صوت من مجموع 357 نائباً محافظاً في المجلس، وبالتالي تم انتخابه رئيساً للحزب، فيما تعهدت موردنت تقديم «الدعم الكامل» لوزير المال الأسبق.
وكان رئيس الوزراء الأسبق بوريس جونسون انسحب من السباق ليل الأحد، تاركاً المنافسة بين سوناك وموردنت.
الاقتصاد
واستهل النائب الذي أدى اليمين أمام البرلمان على البهاغافاد غيتا، وهو أحد النصوص الأساسية للهندوس، أول تصريحات بعد انتخابه من مقر حزبه، قائلاً «أولويتنا الأولى هي الاستقرار الاقتصادي، نحن بحاجة إلى التركيز على السياسات لا على الشخصيات وأناشدكم العمل من أجل الوحدة»، مؤكداً أنه «سيتم تمثيل كل جناح من حزب المحافظين في حكومتي».
رحلة الصعود
ولم يكن طريق سوناك لرئاسة الوزراء مفروشاً بالورود، بعد فشله في المنافسة أمام رئيسة الوزراء المستقيلة ليز تراس لخلافة جونسون، رغم حصوله على تأييد واسع من نواب حزب المحافظين إلا أنه لم يقنع على ما يبدو الكتلة الناخبة للحزب (130 ألف عضو).
ومثلما كان باراك أوباما أول رئيس أميركي أسمر ومن أصول أفريقية، فإن سوناك حقق هذا الإنجاز في بريطانيا، فهو من أصول هندية، ويرى مراقبون أن التاريخ أنصفه في وقت قصير، بعدما تبيّن أن تحذيراته من خطة تراس الاقتصادية ستجر بريطانيا لخسائر كبيرة، وذلك ما كان بالفعل.
ويعدّ سوناك حديث عهد بتقلد المناصب الكبيرة في المملكة المتحدة، فهو لم يصبح برلمانياً عن حزب المحافظين إلا في عام 2010، وتقلد مناصب حكومية صغيرة في حكومة تيريزا ماي، قبل أن يصبح وزيراً للخزانة سنة 2020 في حكومة جونسون.
صدف التاريخ
وقد لعبت المصادفات التاريخية دوراً مهماً في صعود نجم ريشي سوناك، بدءاً بتوليه منصب وزير الخزانة في ظروف صعبة، تمثلت في فترة جائحة «كورونا»، حيث قام حينئذ بتدبير الأزمة باحترافية عالية أسهمت في عدم فقدان مئات الآلاف لوظائفهم، وتقديم مساعدات للفئات المحتاجة، وقروض ميسرة للشركات المتضررة من الإغلاق.
بعد ذلك، كان سوناك القشة التي قصمت ظهر بوريس جونسون، عندما أعلن تقديم استقالته من الحكومة واتهام جونسون بأنه لا يخدم مصلحة البلاد، بعد تورط رئيس الحكومة في العديد من الفضائح التي خرق فيها قواعد العمل الحكومي، وشكلت استقالة سوناك ضربة قوية لجونسون أجبرته على الاستقالة من منصبه.
وعندما خسر السباق لرئاسة الوزراء أمام ليز تراس، اعتقد الجميع أن المسار السياسي لسوناك قد توقف إلى حين، خصوصاً بعد أن ظهر أن قواعد حزب المحافظين غير مهيئة لقبول زعيم لها من أصول مهاجرة.
وأنصفت الأيام سوناك، فقد كان يردد أن خطط ليز تراس الاقتصادية غير واقعية وسوف تفاقم أزمات البلاد، وبالفعل صدقت توقعاته، وهو ما زاد من رفع أسهمه في صفوف المحافظين، حتى تشكلت قناعة لدى نواب حزب المحافظين أن سوناك هو رجل المرحلة خصوصاً بخلفيته الاقتصادية القادرة على فهم مشاكل البلاد والعمل على حلها.
(«الجزيرة نت»، وكالات)
زوجته ابنة ملياردير
ولد سوناك في مدينة ساوثهامبتون العام 1980 لأبوين من أصل هندي هاجرا من شرق أفريقيا، فاشتغل الوالد في الطب والوالدة كانت تمتلك صيدلية، مما منحه وضعاً مادياً مريحاً، أهّله لدخول جامعة أكسفورد العريقة. وعلى مدى سنوات، ظل سوناك بعيداً عن السياسة، حيث انشغل بمجال المال والأعمال، وعمل مستشاراً لأكبر المؤسسات البنكية في العالم.
ويُعرّف محلل بنك «غولدمان ساكس» السابق غالباً على أنه من أغنى السياسيين في بريطانيا، وهذا راجع لثروة زوجته أكشاتا مورثي، ابنة نارايانا مورثي، الملياردير الهندي وأحد مؤسسي عملاق التكنولوجيا «Infosys».
وبفضل نجاح سوناك في الأعمال التجارية وحصة زوجته البالغة 0.91 في المئة في «Infosys»، بدأ الزوجان في جمع ثروة كبيرة، تقدر بنحو 730 مليون جنيه إسترليني (877 مليون دولار) في العام 2022.