No Script

أمّـا بعد...

«مُعضِلة المُلوك»

تصغير
تكبير

مصطلح «مُعضِلة الملوك»، هو مصطلح صاغه المفكر السياسي الأميركي صامويل هنتنغتون في كتابه «النظام السياسي في المجتمعات المتغيرة»، وهو يظهر من خلال هذا المصطلح كيف أن المشكلة الأساسية التي تواجه الأنظمة الملكية الحاكمة بشكل عام هي كيفية جعلها متحرّرة دون فقدان السيطرة.

بالنسبة لهذا المفكر السياسي، فإن السلطة أمام خيارين للحفاظ على سلطتها: إما عبر الاستمرار في تحديث المجتمع وجعله مجتمعاً متقدماً عن طريق «الديكتاتورية التنويرية» التي أشار لها توماس هوبز، وإما عبر تحويلها إلى ملكية دستورية أو برلمانية حيث يسود الملك ولكنه لا يحكم.

بالنسبة إلى هنتنغتون، فإن الخيارات الكاملة للسلطة عند الوقوع في هذه المعضلة هو أن يحاول الحفاظ على سلطته من خلال الاستمرار في التحديث رغم أن القمع يبقى ضرورياً للحفاظ على السيطرة.

يقول هنتنغتون في كتابه النظام السياسي في المجتمعات المتغيرة: «المشكلة التي تبرز باستمرار في أي محاولة لتأسيس التعايش بين الشرعيتين الملكية والشعبية تتعلق بالمسؤولية المزدوجة التي تقع على عاتق رئيس الوزراء ومجلسه تجاه الملك والبرلمان، وفي الواقع وفي كل الملكيات الحاكمة فعلياً ما بعد الحرب العالمية الثانية، ظلت مسؤولية رئيس الوزراء بالدرجة الأولى تجاه الملك لا تجاه البرلمان».

قد تحاول السلطة صون سلطتها بالاستمرار في مواكبة العصر وهي ما تسمى بـ «العصرنة»، لكن بتكييف الضغط الضروري لكي يبقى أولئك المحافظون الرافضون للإصلاح وأولئك الليبراليون الرافضون للنظام الحالي تحت السيطرة. كانت الشرعية تستند في الأصل إلى تقبل المجتمع بأسره للمبادئ التقليدية للسلطة. لكن مع تقدم عملية العصرنة، بدأت الفئات الجديدة الناتجة عنها برفض هذه المبادئ، وأصبحت الفئات القديمة بعيدة عن الملكية بسبب توجهاتها السياسية.

يوجد في العالم اليوم 41 نظام حكم وراثي، تختلف تسمياتها بين ما يطلق عليه: ملكي، أميري، إمبراطوري، سلطاني... والنظريات السياسية المعاصرة تختصر كل هذه التسميات في تسمية واحدة، وتتعامل معها على اختلاف عناوينها التعريفية، باعتبارها أنظمة ملكية. ولمزيد من التصنيف النظري داخل هذا النمط من أنماط الحكم، من خلال مقارنته ببعضه، وبالاعتماد على بعض الدراسات السياسيّة، أظهرت النتائج أن أكثر من نصف هذه الملكيات في العالم تصنف باعتبارها «ملكية – دستورية» أو «ملكية – برلمانية» أما التصنيف الذي بات عدد غير قليل من السياسيين يفضلون استخدامه، فهو وصف هذه الأنظمة باعتبارها «ملكية – عصرية».

ومصدر الشرعية السياسية وفق هذه الأنظمة ليس العرش أو السلالة، إنما الشعب واختياراته، وهذا الأخير تتشكل بموجبه مجالس وزارية تتوافق مع مخرجات الشعب البرلمانية، وهذه المجالس تخضع للمحاسبة أمام برلمان شعبي منتخب.

Twitter: @Fahad_aljabri

Email: Al-jbri@hotmail.com

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي