أضواء

أين المصداقية؟

تصغير
تكبير

بلغ التراشق الإعلامي بين الروس من جهة، والأميركان ومعهم حلفاؤهم من جهة أخرى، حداً كبيراً بعد ضم روسيا للمناطق الأوكرانية الأربع التي احتلتها وصادق عليها مجلس الدوما الروسي. ومن يتابع هذا التراشق ربما يصاب بالغثيان. فالولايات المتحدة وأخواتها الأوروبيات تتهم الروس بأنهم خالفوا القانون الدولي ومبادئ الأمم المتحدة التي ترفض ضم أراضي الغير بالقوة، واعتبروا ذلك جريمة عظيمة، وحاولوا إدانة روسيا في مجلس الأمن، لكن الروس الذين ندّدوا بالتدخل الأميركي وتهديده لأمنهم القومي أبطلوا الإدانة بالفيتو. وهؤلاء الأميركان الذين يدينون ضم روسيا للأراضي الأوكرانية هم من يدعم الصهاينة ويشجّعهم على ضم الأراضي الفلسطينية المحتلة إلى كيانهم. بل ذهبوا أبعد من ذلك عندما اعترفوا بضم الجولان المحتل واعتباره أرضاً صهيونية في العام 2019، أيام الرئيس العنصري المتطرّف ترامب.

ربما تبلغ بك الدهشة مداها وأنت تتابع الرضا الرسمي والإعلامي الأميركيين لسياسة القمع التي يتبعها الصهاينة في فلسطين المحتلة، من قتل للأطقال كالطفل ريان سليمان منذ أيام، وهدم منازل من يقاوم الاحتلال، وقتله أو إيداعه في السجن، والاعتداءات المستمرة على المصلين في المسجد الأقصى، وقصف غزة المحاصرة بالأسلحة الثقيلة، ورفض التحقيق في مقتل الصحافية شيرين أبوعاقلة، بينما تستمر حملات التنديد الأميركية بسياسة القتل والتهجير اللتين يتبعهما الروس في الأراضي المحتلة الأوكرانية، واعتبارهما من جرائم الحرب التي يجب أن تنظرها محكمة لاهاي الدولية!

ومع أن أوكرانيا ضحية للصراع بين الروس والأميركان وحلفائهم الأوروبيين، فإن دول العالم تحاول النأي بنفسها عن التورّط بهذا الصراع العبثي، باستثناء الصين والهند وجمهورية إيران الإسلامية، التي اتخذت موقفاً مؤيداً للروس المعتدين، وتخلّت عن الجانب الأخلاقي الذي يفرضه عليها الإسلام، كما تخلّت عن شعار الدفاع عن المظلومية الذي تستند إليه في دعايتها الإعلامية، وفقد فيلق القدس مصداقية شعاره في تحرير القدس في الوقت الذي تدعم فيه بلاده العدوان الروسي على أوكرانيا، وتتقبّل ضم أراضي الغير.

نعيش فعلاً في عالم تتحكم فيه دول كبرى فاقدة المصداقية، تصرّ على النفاق والكذب، وهي تعلم ذلك علم اليقين، لكنها ماضية في الاستخفاف ببني البشر الذين يدركون أنها كاذبة وتلعب بمصائر الشعوب وتهدّد الأمن والسلام العالميين.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي