ردّت التهمة عنها وحمّلتْ الدولة المسؤولية الأولى

«مصارف لبنان» حذّرت من انهيارٍ يستبدل ماكينات عدِّ النقود بميزانٍ لها

 «مصارف لبنان» حذّرت من انهيارٍ يستبدل ماكينات عدِّ النقود بميزانٍ لها
«مصارف لبنان» حذّرت من انهيارٍ يستبدل ماكينات عدِّ النقود بميزانٍ لها
تصغير
تكبير

في ما بدا «ردّاً للتهمة عنها» بإزاء تجدُّد «انتفاضة المودعين» بوجهها، دعت جمعية مصارف لبنان في «بيانِ مُصارَحةٍ ومُكاشَفةٍ» الدولةَ إلى «تحمل مسؤولياتها فوراً والإصغاء لكافة الأطراف المعنية وخصوصاً جمعية المصارف والمودعين، من أجل إيجاد الحلول المناسبة والممكنة للتعامل مع الأزمة النظامية المتمادية في البلاد (Extended Systemic Crisis) وانعكاساتها الخطرة التي طاولت الجميع».

وقالت الجمعية في بيان «شامل» وبارز لها بدا أقرب إلى «مانيفست» حذّر من أسوأ آتٍ: «يمر الوطن في أزمة تُصَنّف بحسب المعايير الدولية بالنظامية (Systemic) سبّبتْها عوامل مترابطة تراكمتْ على مدى عقود حتى أصبحت الدولة شبه معطّلة. لذلك وجدت جمعية المصارف أن من واجبها مصارحة المودعين والإجابة على أسئلة كثيرة تُطرح؛ أين هي الودائع؟ مَن المسؤول؟ هل كان بوسع المصارف التصدي للسياسات المالية والنقدية؟ هل كان بالإمكان تدارُك الوضع؟ لماذا جفَّت السيولة؟ ما الإجراءات الملحَّة؟ أي مصير ينتظرنا؟».

ورداً على سؤال «أين هي الودائع بالعملات الأجنبية؟»، قال البيان:

1- صرح حاكم مصرف لبنان بتاريخ 21 يونيو 2022 بأن الدولة سحبت من المركزي بموجب قوانين، 62 ملياراً و 670 مليون دولار.

2- تختلف الآراء وتتنوّع ولكنها كلها تصبّ في خانة صرف الأموال على الدعم وتثبيت سعر الصرف والفوائد المرتفعة والكهرباء وحاجات الدولة من الاستيراد وغيرها.

3- ما تبقى في الوقت الحاضر يقتصر على ما يعلنه مصرف لبنان من احتياطي بالعملات الأجنبية بالإضافة إلى القروض المتبقية في السوق والتي يسدّدها المقترضون بالدولار المحلي وما بقي من سيولة لدى المصارف.

وعن سؤال «من المسؤول؟»، أجاب البيان:

1-الدولة التي أقرّت الموازنات وصرفت بموجب قوانين وهدرت ومن ثم أعلنت توقفها عن الدفع. إنها تتحمل الجزء الأول والأكبر من مسؤولية الفجوة المالية وهي ملزَمة بالتعويض عنها تطبيقاً لأحكام القانون لا سيما بفعل عمليات الهدر والاقتراض وعدم ضبط التهريب وأيضاً وفقاً لأحكام المادة 113 من قانون النقد والتسليف وتنفيذاً لالتزاماتها التعاقدية في موضوع «اليوروبنودز».

2- مصرف لبنان، علماً أنه وضع السياسات النقدية تطبيقاً لسياسات الحكومات المتعاقبة وبالتوافق معها.

3- المصارف، إذا اعتبرنا جدلاً أنها مسؤولة عن إيداع فائض سيولتها لدى مصرف لبنان، تحملّت ولا تزال تتحمل تبعات تتعدى إطار أي مسؤولية مفترضة لها في هذه الأزمة النظامية المتمادية Extended Systemic Crisis. إن المصارف اللبنانية مستعدة للمساهمةً بتحمل المسؤولية الوطنية لإيجاد حل قانوني وعادل يجب أن ترعاه الدولة بأسرع وقت.

وهل كان بوسع المصارف التصدي للسياسات المالية والنقدية؟ ردّت جمعية المصارف: "باختصار: لا. لقد راعت المصارف في توظيفاتها تعاميم الجهة التنظيمية والرقابية عليها من خلال:

1- الحدود الموضوعة لمراكز القطع بالعملة الأجنبية والتوظيفات الإلزامية بالعملات الأجنبية.

2- القيود على التوظيف في الخارج.

3 - التوظيفات أو الإيداعات التي اشترط المصرف المركزي تجميدها لديه عند إجراء عمليات القطع لصالح المودعين.

يُضاف إلى ذلك، الإيداعات لدى مصرف لبنان الناتجة عن عمليات المقاصة بالدولار التي تجري في المركزي وليس عبر المراسلين في الخارج. كما كافة التعاميم والإجراءات التي كانت تحتّم على المصارف الإيداع في مصرف لبنان.

وبحسب البيان، فإن المصارف ليست صاحبة القرار وقد حاولت طرح الصوت سعياً لتغيير المسار، دون أن ننسى ما تعرّض له رئيس جمعية المصارف آنذاك عندما دقّ ناقوس الخطر فتعرّض إلى الملاحقة لأنه صارح اللبنانيين وأصحاب القرار بخطورة الاستمرار بالنهج المعتمد. أما أن يتبرأ أصحاب القرار وأن يصوروا الأمر وكأن مَن لم ينجح في التصدي لهم هو المسؤول عن أفعالهم فهذا تحوير للحقائق.

وعن سؤال: هل كان بالإمكان تدارك الوضع ورد جزء كبير من الودائع رغم الأزمة؟ أجاب البيان: «نعم، لقد أصرّت المصارف على وجوب إصدار قانون الكابيتال كونترول منذ اليوم الأول للأزمة».

وأشار البيان إلى أنه «عند اندلاع الأزمة كان لدى مصرف لبنان احتياطي يناهز 33 مليار دولار وكانت التسليفات بالعملات الأجنبية تقارب 40 مليار دولار، كما كانت المصارف اللبنانية تتمتع بسيولة لا بأس بها. اليوم انخفض احتياطي مصرف لبنان إلى نحو 10 مليارات دولار بحكم سياسات دعم الاستيراد ودعم الليرة، وانخفضت القروض إلى نحو 12 مليار دولار بعد تسديدها بالدولار المحلي وجَفَّت السيولة لدى المصارف. لو قامت الدولة منذ اليوم الأول باتخاذ الإجراءات اللازمة لَما وصلنا إلى ما وصلنا إليه. ولو تم إقرار قانون الكابيتال كونترول لَما كانت الفجوة لتزيد خلال الأزمة بنحو 35 مليار دولار بمسؤولية مباشرة من الدولة ومؤسساتها».

ولماذا شَحّت السيولة بالليرة؟ ردّت الجمعية: «يعلم القاصي والداني أن المصارف لا تطبع الليرة وهي مستعدة لأن تَمُدّ المودعين بكامل النقد الذي يزوِّدها به مصرف لبنان. بالتالي إن الطَرْقَ على باب المصارف لا ينفع طالما الخزان والصنبور موجودان قي مكان آخر».

وعما إذا كانت الدولة هي مَن وضعت المصارف في مواجهة مع المودعين، قال البيان: «تعددت التعليقات والاصطفافات لكن الحقيقة تبقى واحدة؛ القطاع العام بدّد أموال القطاع الخاص. الدولة ومؤسساتها بددت أموال المودعين ورؤوس أموال مساهمي المصارف. إن أخطر ما قام به القطاع العام انه رمى بمشاكله على القطاع الخاص ومد يده إلى مدخراته. وتأتي اليوم الدولة لتنأى بنفسها وتُنَصِّب نفسها حَكَماً بين المودعين والمصارف. مما لا شك فيه ان توحيد الجهود لمطالبة القطاع العام بإعادة الودائع هو المطلوب. ومن أجل تحقيق هذا الهدف، تدعو جمعية المصارف إلى نقاش صريح بين المودعين والمصارف بهدف المطالبة باسترداد ما بددته الدولة من أموال القطاع الخاص».

وأضافت: «فيا حضرات المودعين، في ضوء العوامل المذكورة أعلاه والخارجة عن إرادة المصارف، انقلبت المبادئ والقِيَم، فأصبحت المصارف في اعتقاد الناس ظلماً مسؤولة عن انهيار الوضع، وتكررت الاعتداءات على الموظفين والزبائن المتواجدين في الفروع».

وذكرت أن «المصارف لا تتحمل مسؤولية الهدر، بل تتحملها سلطات الدولة التي أنفقت من أموالكم وتأخرت في إقرار خطة التعافي والتشريعات الضرورية لتأمين العدالة لجميع المودعين».

وأشارت إلى أنه «نجحت الدولة في وضع المصارف في مواجهة المودعين بينما هي المسؤولة الأولى عن الهدر والتأخير»، لافتة إلى أن «معظم أموال كبار المساهمين في المصارف ليست ودائع نقدية، بل هي توظيفات في رساميل المصارف التي كانت عند بدء الأزمة تتجاوز قيمتها عشرين مليار دولار أميركي، فماذا تبقى منها الآن؟ علماً أنه بالرغم من كل ذلك قامت المصارف بزيادة رأسمالها خلال الأزمة».

وأفادت بأن «نسبة أنصبة الأرباح من رؤوس أموال المصارف التي وُزِّعَتْ على مساهمي المصارف منذ سنة 2013 لغاية تاريخه هي أقل بكثير من مستوى الفوائد التي كانت تُدفع على الودائع في تلك الفترة».

وأوضح البيان أن الوضع المصرفي والمالي وصل إلى حدّ لم تعد تفيد معه المعالجات الموقتة، بل أصبح من الملحّ ما يلي:

1 - قيام الدولة اللبنانية بمصارحة المودعين عن أسباب الهدر والأسباب الكامنة وراء عدم وقفه أو منعه من الأساس.

2 - إقرار خطة نهوض شاملة بعد التفاوض مع صندوق النقد الدولي.

3- إقرار كافة التشريعات والإصلاحات المطلوبة وأولها قانون الكابيتال كونترول للمحافظة على ما بقي من مخزون بالعملات الصعبة، ليس لمصلحة المصارف بل لمصلحة المودعين بشكل أساسي يشمل إطاراً عادلاً لمعالجة مصير الودائع.

وعن سؤال: أي مصير ينتظرنا إذا تلكأت الدولة عن القيام بالمعالجات اللازمة؟ قالت جمعية مصارف لبنان: "إذا ما استمرت الحال على ما هي: سيعلن صندوق النقد عن استحالة متابعة المفاوضات مع الدولة اللبنانية، سَيَنضُبُ الاحتياطي من العملات الأجنبية لدى مصرف لبنان في المستقبل المنظور، ستعجز الدولة عن تأمين أي مشتريات من الخارج ويصبح لبنان غير قادر على تأمين أدنى مقومات العيش من كهرباء وماء ودواء واتصالات وغيرها، سيضمحل ألأمل باسترداد الودائع، سيتجاوز انهيار العملة النسب التي عرفها لبنان خلال الثمانينيات ويستبدل التجار ماكينات عد النقود بميزان للنقود والأمثلة موجودة ومعروفة عالمياً.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي