No Script

قيم ومبادئ

القيم ليست بالوثائق؟

تصغير
تكبير

هناك عَقبات في الطريق تعوق المسيرة ولكنها لا تمنع السير...

هذه هي سُنّة الحياة.

فالجهلُ آفة الآفات، فمن ينظر إلى واقع الناس اليوم يرى مدى بعدهم الشديد عن حقيقة الأخلاق ونُبل المقاصد، سواء كان في التصور أو في السلوك.

وهناك من ناحية أخرى الانفتاح الذي غسلَ عقول الشباب وزيّن لهم سبيل الشهوات والشبهات، وتالياً الانفلات من القيم وقيود الأخلاق والعقل!

ورغم هذا الواقع المرير إلّا أن هناك مبشّرات هي أكبر من المعوقات. فمثلاً الصحوة الإسلامية العالمية القائمة اليوم تعتبر حدثاً تاريخياً له دلالته رغم توالي جهود الصليبيين والصهاينة التوراتيين على مدى قرنين من الزمان لزحزحة الأمة الإسلامية عن إسلامها وسلخها من ثقافتها الأصيلة، إلى جانب يأس الأوروبيين أخيراً من حضارتهم المادية الجافية، وبدأت تتطلع إلى يسوع مخلص جديد... لأنه تلاشت عندهم القيم التي جاء بها يسوع.

والحقيقة التي لا ريب فيها لن تهزم القيم ولن يُخرِج المسلمين من أزمتهم الراهنة، ويرفع عنهم أوضار الذنوب التي صارت مُحيطة بهم من كل جانب إلّا العودة الصحيحة الصادقة إلى الدين الصحيح الذي أنزله الله تعالى على محمد - صلى الله عليه وسلم.

ولن يخلص البشرية من أزمتها ويحل لها ما عقدته من مشكلات في جاهليتها المعاصرة صنــــــــدوق النقـــــــد الدولي، ولا قرارات مجلس الأمـــــن، ولا ميــثاق الأمم المتحدة ومؤســــساتها... لأننا جربـــــــناهم على مدى سنين طويلة، لا يملكـــــــــون ســـوى الشجب والاستنكار وإصدار القرارات غير الملزمة وتالياً التوصية بالمساعدة! والدعوة لتحكيم العقل والجلوس إلى مائدة المفاوضات!

فإذن ما هو السبيل لعودة القيم وتصحيح المسار؟ لا بد من الاعتراف كي تعود القيم لتحكم واقع المسلمين اليوم، لن يكون الأمر نُزهة سهلة في طريق معبّد بالورود والرياحين، إنما هي سُنّة الحياة كانت فيمن كان قبلنا، تجري علينا في كل من حمل لواء الإصلاح... فتبدأ هذه الرحلة الشاقة من الطريق الوعر الذي سلكه المُصلِحون، فنالهم العذاب والطرد والإبعاد، وسالت على جنباته الدماء، وذرفت الدموع، حيث يواجه أصحاب القيم والمبادئ كل العداوات المحيطة بالإسلام، وكل العقبات المرصودة في الطريق...

ها نحن اليوم ناهزنا في تعداد السكان مليارا ونصف المليار مسلم ومسلمة ولكننا غُثاء كغُثاء السيل، حتى استذلنا أذل الأذلين وهم اليهود! فأصبحنا أمامهم عاجزين عن الدفاع عن حرماتنا واسترجاع كرامتنا على الرغم من أننا نملك جيوشاً وآلة عسكرية وموارد بشرية ولكنه الخواء الروحي، والانهزام النفسي والركون إلى الدنيا...

كل ذلك أدى بنا إلى هذه الحال التي لا نُحسد عليها.

ولكن لن تـهزم القيم لأننا ما زلنا نملك جيلاً ترجم مثاليات القيم الشرعية والدستورية والاجتماعية على أرض الواقع وارتفع بالواقع البشـــــري إلــــــى درجة المثال، فلا هو يضع مُثلاً روحانية شـــــــديدة عسيرة عن التطبيق وتُهمل ضرورات الإنسان وواقعه المادي، وتشد الناس إلى أعلى شداً بلا تروٍّ فتعلّقهم في الهواء كما تصنع بعض الديانات البوذية والهندوكية القديمة... ولا هو إذ يلتفت إلى ضرورات التطور وعالم المادة يحبس الإنسان ويُغلق المجتمع في نطاق ضروراته عن مسايرة ركب الحضارة... بل يأخذ بهذه وتلك في آن واحد مع التوازن والاتساق ومن ثم تلتقي فيه المثالية التي لا تهمل الواقع بالواقعية التي لا تهمل القيم والمُثل.

ونحن اليوم في الكويت بحاجة ملحة لأن نتعرف على هذا الجيل من المربين والسياسيين والنخب الفكرية والاجتماعية ليأخذوا دورهم في قيادة توجيه المجتمع في العهد الجديد ومتطلباته.

فهل لهذا المطلب من مجيب؟ نحنُ بالانتظار.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي