No Script

سافر إلى ذاتك

أصحاب قيم حتى تأتي الاختبارات الحقيقية

تصغير
تكبير

الكل رائع حتى تأتي المصيبة، والكل قوي حتى تقرع طبول المعركة، والكل معك حتى تأتيك المصيبة.

والمقصود بكل العبارات السابقة، أنك مهما تبنيت المبادئ والقيم والشعارات والكلمات، والوجهات الحياتية والتوجهات الفكرية لن تعرف حقيقتك حتى تتعرض للضغط الذي يقيس ما تبنيته من مبادئ، فتبنيك لفكرة لا يعني أنك تمثل الفكرة، أو أنك قادر عليها، بل يعني أنك أحببت الفكرة، ما أن تتعرض لها وتخوضها وتؤدي سلوكك المُتبنى تصبح أنت الفكرة والفكرة أنت.

دون ذلك، كل ما في الأمر شعارات وأقنعة ولأن عملية اختبار النفس عملية شخصية تخصك أنت اسال نفسك: ماهي قيمي؟ وهل هي قيم حقيقية؟ أي عندما أُختبر فيها هل حاجتي تتفوق على القيمة أم القيمة هي صاحبة الكلمة الفيصلية في قراراتي؟ وكيف تعرف أنها حقيقة وأنك أنت من تبنيت القيمة ولم تأخذها من أحد؟

مثال قيمة الصحة، إذا كانت لديك هذه القيمة بشكل فعلي فلن تشرب الخمور أو تتعاطى المخدرات أو تهمل نظامك الغذائي أو تُدخل جسدك مواد سامة لأن صحتك قيّمة لديك.

وإن كنت تملك مال قارون وحرية العالم بأسرها والقدرة على الحصول عليها بسهولة فسترفض ذلك لأنك أنت تحب صحتك، هذه هي القيمة إذا استسلمت تصبح لا قيمة للصحة عندك وفي أحيان قد يشرب أحدهم الخمر في مناسبات كثيرة أو بأماكن محدودة، وهذا يدل أن القيمة المختصة بالصحة غير ثابتة ومهزوزة داخِلهُ، أي متحركة وليست ثابتة.

نحن جميعاً إذا لم نختبر مبادئنا وقيمنا لن نعرف أنها حقيقة داخلنا.

مثال آخر: قيمة المال وتقديم المساعدة في الظروف البسيطة، أمر عادي أن تعطي ولكن عندما تصبح لديك القدرة المالية العالية والقدرة العميقة في العلاقات هل ستعطي مبلغاً لأخيك؟ أو لعزيز عليك بحب؟ هنا ستختبر قيمة المال عندك لأنك تملك مبلغاً عالياً وطلب منك طلب «عالي»... هل ستعطي كما كنت تعطي مبالغ بسيطة؟ هنا ستختبر قيمة المال عندك هل هو أعز من أحبابك أم أن أحبابك أعز؟

الشاهد من كل ذلك أن الضغوطات والمواقف تختبر مبادئنا، لا تنظّر على أحدهم بكلمة ما لم تكن في مكانه، وخاصة الذين تراهم خلف المايكروفونات والشاشات وتحت الضغط الجماهيري.

فأنت لست بمكانهم ولا مررت بظروفهم ولا عشت ما عاشوا.

لن تستطيع اختبار نفسك حتى تمر بمثل ما مروا به وتتعرض لمثل ما تعرضوا له، وتنجو بالصورة التي تظن أنك ستنجو بها، ونظّرت بها فكثير يدعي القوة وينهار بأول اختبار والكثير ينظّر بالقيم ويبيعها عند أول دينار، والكثير يظن نفسه جيداً ويخفق في أول اختبار، كل ذلك لأن المبدأ جميل ولكن المحافظة عليه صعب والكلام منمق والالتزام به صعب والوعود كثيرة، وتنفيدها صعب ومدعو القيَم كثر، والشهوات تسقط القيم، لذلك نعود ونقول الجميع أصحاب قيم حتى تأتي الاختبارات الحقيقية. ‏

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي