No Script

رؤية ورأي

التحوّل الاقتصادي ومجلس تصحيح المسار

تصغير
تكبير

من التحدّيات الأساس أمام مجلس 2022، مجلس تصحيح المسار، التحوّل من اقتصاد ثنائي المورد (النفط والصندوق السيادي) إلى اقتصاد متنوع الموارد، يصون وينمي رفاهية الشعب، وذلك من خلال تهيئة البنية والبيئة المناسبتين لاجتذاب الاستثمار الأجنبي وتشجيع الاستثمار المحلي، بما يخلق مشاريع وفرصاً وظيفية حقيقية معزّزة للاقتصاد الوطني. هذا التحدّي الأساس مؤجّل وموروث من المجالس السابقة منذ تسعينات القرن الماضي، على أقل تقدير. حيث كان يتم تأجيله كلما ارتفع سعر النفط أو احتقن المشهد السياسي أو تهلهل النسيج الاجتماعي. فعلى سبيل المثال، تأجّل تبنّي هذا التحدّي في مجلس 2020 بسبب غياب الاستقرار النيابي، ويخشى أن يستمر ويتواصل التأجيل في مجلس تصحيح المسار بسبب ارتفاع سعر النفط، ولجوء السلطتين التنفيذية والتشريعية كعادتهما إلى توفير جرعات مسكنة غير علاجيّة، من قبيل خلق فرص وظيفية ريعية، عبء على الاقتصاد الوطني.

تضرّر وعانى الكويتيون كثيراً من غياب الاستقرار النيابي في مجلس 2020، حيث تسبّب النهج الغوغائي بتجميد التشريع لمدّة قاربت سنتين. لذلك لوحظ تجنّب وابتعاد شريحة واسعة من المواطنين – في موسم انتخابات تصحيح المسار – عن النوّاب السابقين الغوغائيين، ولجوء العديد منهم إلى نوّاب سابقين يمتلكون القدرة والخبرة في التصدي للغوغائيين واحتواء مشاريعهم العبثيّة، مساهمة منهم في تصحيح المسار وتمكين مجلس تصحيح المسار من ممارسة مهامه الدستورية، مثلما كان مجلس 2016 الذي تمكّن نوّابه من التصدّي للغوغائية، ثم تشريع وإنتاج حصيلة متميزة وقيمة من القوانين.

يرى الخبراء الاقتصاديون الكويتيون أن اقتصادنا الوطني لا يمكن أن يصبح متعدّد الموارد ما لم يتبن مجلس تصحيح المسار – والمجالس اللاحقة – منهجيّة الإصلاح المؤسسي، وذلك عبر القنوات الدستورية وبالأدوات والوسائل القانونية المتوافقة والمتّسقة مع النظام العام بالدولة. فهم يدركون جيداً المخاطر والتبعات الكارثية لما يمارسه بعض النوّاب من رعونة في التصريح حول شبهات فساد، ومن تهوّر في تسقيط مؤسّسات الدولة المعنيّة بمكافحة الفساد، ومن تقصير في التشريع لإصلاح وتنمية قدرات تلك المؤسسات.

الاكتفاء بكشف شبهات فساد – حقيقية أو وهمية – يضر ويخفّض تصنيف وترتيب دولة الكويت في المؤشرات الدولية المعنيّة بالتنمية المستدامة، كمؤشر مدركات الفساد، وتباعاً يُضعف من قدرتنا على جذب الاستثمارات الخارجية. في حين تشريع قوانين لمواجهة حالات فساد موثّقة ومحتملة، ولتطوير المنظومة الوطنية لمكافحة الفساد – وإن كان التشريع مسبوقاً بكشف حالة فساد مثبَّتة – سوف يعزّز هذا التشريع مراكز الكويت في تلك المؤشرات الدولية، وتباعاً سوف ينمّي قدرتنا على جلب الاستثمارات الخارجية وتنويع موارد خزينة الدولة.

فالعبرة في مؤشر مدركات الفساد – على سبيل المثال – في وجود نظام عام بالدولة يردع المفسدين وقادر على رصد جرائم الفساد المكرّرة والمستحدثة، ثم التصدّي لها عبر إصلاحات مؤسّسية. وقد يكون قانون حق الاطلاع على المعلومات الذي شرّعه مجلس 2016 – بعد تأخير دام قرابة 15 سنة – أحدث تشريع مفصلي لمكافحة الفساد بمنهجيّة الإصلاح المؤسسي.

من جانب آخر، يؤكّد الخبراء الاقتصاديون أن البيئة المناسبة لاجتذاب الاستثمار الأجنبي وتشجيع الاستثمار المحلي لا يمكن أن تتهيأ من دون تبنّي مشروع متكامل للإصلاح. لذلك يعتبر هؤلاء الخبراء أن حديث السياسيين والنوّاب في شأن محاربة ومكافحة تفشّي الفساد في الدولة، ومواجهة أزمة البطالة المقنّعة المتفاقمة في القطاعين الحكومي والخاص، ومعالجة فتور طاقة وقدرة اقتصادنا الوطني على توظيف الخريجين في الجهات الحكومية ودعم توظيفهم في الجهات غير الحكومية؛ من دون التبنّي الصريح لغرس ثقافة التعدّدية في المجتمع وتعزيز وصون مبدأ تكافؤ الفرص بين المواطنين، يعتبرون هذا الحديث جهلاً أو ترفاً ثقافياً أو تكسّباً سياسياً. وعليه يجب الحذر من نوايا هؤلاء المتحدثين...

اللهمّ أرنا الحقّ حقاً وارزقنا اتباعه.

abdnakhi@yahoo.com

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي