No Script

على الهواء

كلمتي في ملتقى الشارقة الدولي

تصغير
تكبير

يسعدني أن أُعبّر عن سعادتي وسروري وأنا أجلس بينكم، وأحيي قائد الثقافة والمعرفة، سمو الشيخ الدكتور سلطان محمد القاسمي، الذي نشأ نشأة الفتيان، حيث قاد الأمير الشاب، الفريق الكشفي في الشارقة الى مخيّم الفنيطيس في الكويت.

اختارت الكويت سموه كرجل الثقافة العربي الأول سنة 2004.

رحّب به صاحب السمو الشيخ نواف الأحمد، ووزير الإعلام الأسبق محمد أبوالحسن... وتشرّفت بالترحيب به في حفل كبير بصفتي الأمين العام لرابطة الأدباء ذلك الحين.

من السطور التي أشرتُ إليها في خطابي أن الشارقة في عهد سموه الميمون، صارت منارة مُشرقة تُلقي بضيائها على شواطئ الخليج العربي.

إنّ التمازج الثقافي بين أصالة الماضي، وتقدم الحاضر قد خلق روحاً واحدة متآلفة، متحابة.

بعد ذلك نأتي إلى روح التمازج الذي خلقه الشاعر الكبير محمد الفايز بين دول الخليج العربي والبحّار الذي أرّخ لهذا البحر...

فوق الخليج يعودُ طارقُ رافعاً

راياته والفتيةُ الأخيار

وكأن ناراً أُضرمت بسفينةٍ

هتفت لتُرفع فكرة وشعار

محمد الفايز يجمل لوحاته التشكيلية بالورود والرياحين وأَزيج العطور...

نحن نقطن بقاعاً صحراوية جافة مالحة... انظر إلى ريشته الفنية كيف تنثُر الأزهار والرياحين بأريجها:

كثبانُ رملك واحةٌ معطارُ

وأُجاج بحركَ سكرٌ وبهار...

لم يسبقه شاعر من قبل صوّر الرمال الحارقة الجافة إلى خضرة ورواء وجماليات تُبهر الأبصار:

يا موطن الهولو الذي غنّت له

من أمسِ أمسٍ سواحل وبحار

يا ساحلَ الفيروز حيثُ سفينهُ

ملءُ البحار كأنها الأقمار

هذه سفينة الخالية من أي جمال يراها أقماراً مشرقة مضيئة...

أما البحّار فله هيبُة الأبطال

تتهيّب الحيتانُ من مجدافه

فله دويُ فوقها هدّار

وإليكم صورة هذا البحار رغم جوعه، الذي يصنعه قائد السفينة لكي لا يهدّه الشبع ويعيق عملية الغوص مصدر الرزق...

عريانُ يمنح لؤلؤاً وقلائداً

لولا حبالُ مُسّدت وإزارُ

عيناهُ تحتَ دُجى العُبابِ نهارُ

ويداهُ تحت سُرى الشراع منارُ

السندبادُ مضى وكان خُرافة

قد حققتها تلكُمُ الأخبار

المُبحرون مع الرياح كأنهم

فوق العُباب ملائكُ أبرار...

يقول الشاعر إن ذكر السندباد في الروايات الغربية والشرقية هي رموز خرافية... أما بحّارنا فهو حقيقة ملموسة، هو من دم ولحم، بطل، يبارز المخاطر، الأمواج العاتية وهيم البحر، وأسماكه التي تترصد لهذا المخلوق البطل لتلتهمه، كم بحار بل كم من بحارة هلكوا بعد ان قضت عليهم البحار.

سألت الشاعر المبدع محمد الفايز وهو عندي في مراقبة الثقافة والآداب... في اذاعة الكويت، عن بكاء المسمار في السفينة القديمة، عندما تُرفع الى يابسة الشاطئ، أجاب عندما تأتي الرطوبة والامطار فتنزل على رؤوس المسامير الظاهرة وهي تتلقى الصدأ فتنزل منها كالدموع الحمراء.

هذا ما رسمه خيال الشاعر:

وعلى الضفاني سفينة مهجورة

يبكي على ألواحها مسمار

وسرّني هذا التشبيه الدقيق، الذي صاغ فيه الشاعر فلسفة الحياة:

الشمس للبحار حيث شراعه

وحباله والبحر والمحار

وتألقت الصور البلاغية

ومن الشموس اللاهبات وجمرها

ومن المرارة تخلق الأفكار

هكذا لا تخلق الأفكار من الثراء والبطر

ورتابة العيش... المرارة والعذاب والمعاناة تُخلقُ الأفكار

قد علّمتنا الشمس كيف تضاء في حلك الظلام مع السرى الأنوار... سر الحياة بأن تعاكس ليلها وتشع حيث تحيطك الأستار.

عند الغروب يلجأ البحارة بسفينتهم إلى الشاطئ للراحة والصلاة وتناول وجبة العشاء.

قبل أن يثقلهم التعب، ويداعب عيونهم النوم على رمال الشاطئ يتخذون من الرمال فراشاً والسماء لحافاً... والشطآن الخالية من الخضرة يرى فيها كل حسن وبهاء:

أعد ذكر شطآن مطرّزة زُرقاً

ونهامها لما شدا مثقلاً عشقاً

سجّل محمد الفايز اسمه، خالداً في ديوان الشعر الكويتي، وذلك بما تميّز به من وفرة الإنتاج وجودته، فقد أنتج مجموعة من الدواوين فبلغت أحد عشر ديواناً مع (خرائط البرق) التي تركها ضمن أوراقه، فرحل الى رحمة الله... فأصدرته ابنته (شذا)... محمد الفايز أول ما عُرف في جريدة الشعب لأخي المرحوم/ خالد خلف.

إنّ مذكرة بحار سجل حافل لتاريخ المجتمع في دول الخليج العربي.

ذكر البحار ولم يحدد هويته لأي بلد بل لكل دول الخليج.

وذكرت عقود اللؤلؤ أنها من جهد وشقاء البحار:

هل الغادة الحسناء جسّت عقودها

وهل عرفت مَن زيّن الصدرَ والعُنقا؟

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي