No Script

مجرد رأي

الكويت بانتظار الدمشقي...

تصغير
تكبير

3 أيام فقط تفصلنا عن انتخابات مجلس الأمة المقبل، والتي تمثّل انتخابات المرحلة، لأهميتها المصيرية في تحديد مستقبلنا إما بتصحيح المسار، وإما العودة للمربع الأول، حيث مسيرة الأحداث السياسية من دون هدف، والسير تحت تأثير الصراع السياسي على كل كبيرة وصغيرة، باستثناء مصلحة المواطن، التي ضاعت لسنوات طويلة تحت ركام جدار الثقة المتصدّع بين جميع الأطراف حكومة وشعباً ونواباً.

غالباً تسبق الانتخابات النيابية خطابات ووعود بمحاربة الفساد، وتحقيق مستقبل أفضل للناخب. إلا أن التجربة التاريخية تعكس أن معظم هذه الشعارات ظلّت على مدار السنوات العشر الأخيرة على حالتها، مجرد شعارات لم تتحول إلى واقع ملموس، ما يؤشر على أن الناخبين اختاروا جزءاً كبيراً من ممثليهم بناء على معطيات مختلفة وعاطفية، لا علاقة لها بمصلحة الوطن.

قد يملّ البعض من تكرار التشديد على حسن الاختيار لنائب الأمة، أو ممثله المقبل تحت قبة عبدالله السالم، لكن أهمية تكرار هذا التوجيه والتأكيد عليه تتعاظم مع حقيقة خطورة تعارض الاختيار مع مصلحة الوطن، فمؤدى ذلك استمرار معاكسة الكويت للسير الصحيح، نحو أي محطة تصل بنا إلى المستقبل.

والخوف أكثر من أن يكون البعد هذه المرة عن استعادة البوصلة، بمسافات أكبر حيث ستتعمق التعقيدات، وتتعزز المصدات التي تعوق إمكانية تجاوزنا تحديات المرحلة الماضية أكثر وأكثر، ما يذكرنا بالمقولة التاريخية في فيلم الناصر صلاح الدين الأيوبي «اليوم يومك يا دمشقي» وهو الجندي الذي عول عليه صلاح الدين بصناعة الفارق في الحرب وقتها مع الصليبيين.

وهذا اسقاط يقصد منه تأكيد الدعوة لكل كويتي بأن يكون يوم الانتخابات النيابية في 29 سبتمبر الجاري، هو يوم كل كويتي في إحداث التغيير بالمشاركة الفعالة انتخابياً وبحسن اختياره لنائب المستقبل.

هناك نوعان من المرشحين، الأول معلوم الوجوه لدى الجميع، وهم النواب السابقون حيث يمكن الحكم عليهم بسهولة من خلال قراءة تجربتهم النيابية، فإذا كانوا ممن نجحوا في تحويل شعاراتهم أو جزء مؤثر منها إلى واقع يكون إعطاؤهم فرصة ثانية بالتصويت لهم حق وواجب، أما من حافظ على خصوصية شعاراته بالإبقاء عليها دون أي تغيير لا يمكن المخاطرة معه بمنحه فرصة ثانية، تحت أي مسما قبلي أو محاصصة، وغير ذلك من المحددات التي ميزت الانتخابات السابقة، والتي أثبتت أنها لا تبني وطناً.

أما النوع الثاني فيتمثل في الوجوه الجديدة، الذين يمكن تقييم طرحهم الانتخابي بنفس طريقة مساهمي الشركات، الذين يحكمون على كفاءة إداراتهم التنفيذية من خلال قراءة ميزانياتهم بمنهجية تحليلية، بعيداً عن أي عواطف تتحكم في التقييم.

وبين ذاك المرشح وهذا المرشح تبرز أهمية استحقاق حُسن الاختيار لأن يقود ذلك لانتخاب نواب مؤهلين بإمكانهم إحداث تصحيح المسار.

وتزداد أهمية ذلك مع عدم وجود وقت إضافي يمكن تضييعه في الانتظار وإضاعة مزيد من الوقت في التجربة والرهان، حيث لم نعد نملك هذه الرفاهية.

ولذلك، يجب على المواطن إدراك أهمية أن يكون هذه المرة شريكاً حقيقياً في صناعة التغيير النيابي للأفضل من خلال حسن اختيار من يمثله ويمثل أولاده نيابياً لبناء مستقبل أفضل يستحقونه.

الخلاصة:

تزداد أهمية انتخابات مجلس الأمة المقبل مع توافر كل مقومات إنجاحها، بدءاً من التوجيه السامي الذي انحاز لمصلحة الشعب وضمن حقه في اختيار من يمثله، بكل الأدوات الممكنة، ووصولاً إلى معايشة الشعب الكويتي وعلى مدار السنوات العشر الأخيرة معاناة طويلة ومتشعبة تنموياً وسياحياً وتعليمياً وصحياً ما يتطلب من المواطن أن يسارع إلى صندوق الاقتراع وبيده سر خلاصه من أزماته، وهو صوته الغالي الذي يشكل في انتخابات مجلس الأمة هذه المرة الكلمة الفصل في تصحيح المسار.

ولا يعد سراً القول إنه من دون هذا الوعي والحس الشعبي في ممارسة الوظيفة الانتخابية كما ينبغي يظل تصحيح المسار وما يرادف ذلك من شعارات مجرد كلام نظري لا يحمل أي تقدم.

وإن جازت المقاربة، يشبه اصرار البعض على التمسك بسلوكه الانتخابي القديم، واقع محبي مشاهدة الأفلام القديمة الذين يعتقدون في كل مرة يعيدون فيها مشاهدتها أن النهاية قد تتغير، مع علمهم المسبق بأن هذا السيناريو رغم كل درامياته غير واقعي، وأن تغيير النهايات يتطلب من المشاهد أولاً تغيير القصة بأخرى تنسجم مع تطلعاته، وبأبطال يستطيعون عملياً تحقيق مستهدفاته.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي