No Script

حروف نيرة

العودة إلى المدرسة

تصغير
تكبير

يعلو قدر الإنسان بالعلم، وكلما ازداد علمه ارتفعت مكانته، وقد تيسر لنا التدرج في أخذ العلم في مراحل تبدأ من الصفر، ولا شك أننا في كل مرحلة نحتاج إلى توصيات من جوانب تساند الطالب في أخذ العلم، أهمها الجو العائلي والجو المدرسي، فالمهمة ليست مقتصرة على المدرسة فحسب، فولي الأمر يربي ويوجه ويعلم في جو مناسب في بيته، ويتابع أمور ولده بالتواصل مع المدرسة خصوصاً إن رأى منه تغيراً في مستواه العلمي، أو لاحظ الصد عن الدراسة والكسل، وعدم الرغبة في مخالطة زملائه، فيحاول معرفة الأسباب بالتقرب منه والمتابعة مع المدرسة.

وكما ذكرنا أن المدرسة هي جانب يساند الطالب فإنها تراعي مستوى الطالب، وتضع من حين لآخر أياماً تستقبل فيها أولياء الأمور لبيان سلوك الطالب ومستواه في أخذ العلم، وقد تلاحظ عدم التزام ولي الأمر بذلك، مما يسبب الشعور السلبي الذي يعيشه الطالب، والذي يؤدي إلى تراجع المستوى العلمي والنفسي أيضاً، فالحضور ولو كان من وقت لآخر يُشعر الولد بالاطمئنان والراحة النفسية لقرب الوالدين، ويحصل التشجيع على أخذ العلم، فإن بعض الآباء لا يلتفت إلى المستوى العلمي لأولاده ويتعامل معهم بقسوة، ومن شدة خوف الولد من الأب قد يمثل أمامه دور الطالب المثالي المحب للعلم والمدرسة، بينما هو في المدرسة أضعف الطلبة علماً، وأقلهم أدباً، وأكثرهم إزعاجاً، فهو يؤذي الزملاء والمعلمين، ويصعب التعامل معه، فهو يعيش في شخصية متناقضة.

على الآباء محاولة التوفيق بين أمورهم العامة وتربية الأولاد وتعليمهم حتى لا يحطم الأب أو الأم طموح الولد ويهدم مستقبله، ومن أهم واجبات ولي الأمر أن يُعلّم ولده الأدب قبل العلم، واحترام مجالس العلم، ومثال على ذلك: الإمام مالك بن أنس، رحمة الله عليه، لما أرد أن يطلب العلم ألبسته أمه أحسن الثياب ثم أَدْنته إليها، ومسحت على رأسه، وقالت: «يا بنيّ اذهب إلى مجالس العلماء، وخذ من أدبهم ووقارهم وحشمتهم قبل أن تأخذ من علمهم»... علمته الأدب قبل أن يجلس في مجالس العلم؛ فالأم أو الأب أول من يوجه ويعين الأولاد على طلب العلم واحترام مجالس العلم وتحمل مشاقه.

كما أن للمعلم دوراً كبيراً في التوجيه فهو القدوة لطلبته، فيعاملهم بخلق طيب واعتدال، بلا تعصب أو طريقة مُنفرة، ولا يتساهل إلى درجة تحط من شأنه وتقلل من وقاره، فقد ترى مربياً أومدرساً يحتاج إلى تربية، أو يكون مهملاً في تحضير المادة، قليل علم لا يتقن شرح المادة أو الدرس فلا يعطي العلم حقه، فكيف يأخذ الطالب العلم ممن لم يتعلم! وكما يقال فاقد الشيء لا يعطيه، فمن رغب العمل في هذا المجال أو تلك الوظيفة لن ينجح فيها إلا بتقديم العلم بصورة صحيحة، واحترام الطلبة والالتزام بأوقات العمل والحضور والانصراف.

والمطلوب من طلبة العلم الأدب والأخلاق الطيبة، فالأدب مفتاح العلم وذلك في حُسن الاستماع والصمت، والاعتذار إن وقع في الخطأ، يقول الإمام الشافعي رحمه الله: «كنت أصفح الورقة بين يدي شيخي مالك صفحاً رقيقاً لئلا يسمع وقعها»، ومن كبار العلم من يقول: «والله ما اجترأت أن أشرب الماء والشافعيُ ينظرُ إليَّ هيبةً له». فهذا هو الأدب الحقيقي الذي بدأ يختفي إلا من القليل، وأخيراً على الطالب الاجتهاد مهما مر بعقبات، واختيار الزميل أو الصاحب الخلوق الذي يعينه على أخذ العلم بكل همة ونشاط حتى يستمر ويصل إلى أعلى الدرجات.

aaalsenan@

aalsenan@hotmail.com

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي