No Script

أكد أن حصافة «المركزي» ونهجه الاستباقي مكّنا البنوك من عبور «كورونا» بسلام

باسل الهارون: بالتشاور ومشاركة التجارب تُتخذ قرارات صائبة تُعزز الاستقرار المالي

باسل الهارون
باسل الهارون
تصغير
تكبير

- «المركزي» سحب نصف المخففات الرقابية مطلع 2022 وسيستكمل العملية مطلع العام المقبل
- سنستمر بدعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة عبر الإبقاء على وزن مخاطر محفظتها
- التطورات العالمية تدفعنا لحماية اقتصاداتنا من الصدمات الخارجية عبر السياسات النقدية والإجراءات الرقابية الملائمة

أكد محافظ بنك الكويت المركزي باسل الهارون أن التشاور والنقاش ومشاركة التجارب تساهم في اتخاذ قرارات صائبة وبناء إستراتيجيات محكمة تعزز الاستقرار النقدي والاستقرار المالي.

جاء ذلك في كلمة الهارون أثناء اجتماع الدورة الاعتيادية الـ46 لمجلس محافظي المصارف المركزية ومؤسسات النقد العربية تحت عنوان (متطلبات وتحديات إعادة بناء هوامش رأس المال والسيولة لدى القطاع المصرفي بعد رفع حزم الدعم) في مدينة جدة.

وأوضح أنه أسوة بدول العالم تعرض الاقتصاد الكويتي للكثير من التحديات إثر جائحة كورونا، حيث تم إغلاق الاقتصاد لأشهر عدة وتعطلت سبل التجارة الخارجية، منوهاً إلى قيام «المركزي» بجهود لترسيخ الاستقرار النقدي والمالي ووضع تدابير بهدف التخفيف من تلك التحديات، من خلال عمل آلية لمتابعتها وخطة للخروج الآمن منها.

الإجراءات النقدية

وأفاد الهارون بأنه على صعيد الإجراءات النقدية أجرى «المركزي» عدة تخفيضات في سعر الخصم خلال مارس من عام 2020 ليبلغ سعر الخصم 1.5 في المئة وهو المستوى الأدنى تاريخياً، وذلك بهدف تقليل كلفة الاقتراض على الوحدات الاقتصادية، وليمنع تحول مشكلات السيولة الموقتة لدى تلك الوحدات إلى مشاكل دائمة في ملاءتها المالية.

وقال إن تلك الخطوة أُردفت بجملة من الإجراءات في مجال الاستقرار المالي، حيث قام «المركزي» بوضع خطط الطوارئ لديه ولدى القطاع المصرفي للتعامل مع متطلبات الجائحة، إضافة إلى اتخاذ حزمة من الإجراءات في اطار السياسة التحوطية الكلية لتخفيف المتطلبات الرقابية في مطلع الأزمة، ومن أهمها الإفراج عن المصدة الرأس مالية التحوطية البالغة 2.5 في المئة وتخفيف متطلبات السيولة لتوفير مساحة اقتراضية أوسع أمام البنوك.

وأضاف الهارون أنه تم كذلك تخفيض وزن المخاطر الخاص بالانكشافات على المشروعات الصغيرة والمتوسطة دعماً لذلك القطاع الأكثر عرضة لضغوطات الجائحة، مبيناً أنه في مجال الاستقرار المالي أيضاً شملت الإجراءات تأجيل سداد أقساط القروض للعملاء المتضررين من الأزمة، وإلزام البنوك بالامتناع عن بيع أو التنفيذ على الضمانات المرهونة، وتوجيه وحدات القطاع المصرفي نحو مراجعة شاملة لمحافظها الائتمانية والاستثمارية.

اللجنة التوجيهية

وفيما يخص السياسة المالية، ذكر أن مجلس الوزراء أصدر في مارس 2020 قراراً بإنشاء اللجنة التوجيهية العليا للتحفيز الاقتصادي لوضع الركائز لتحفيز الاقتصاد وإيجاد الأدوات الكفيلة بتنفيذها، مشيراً إلى أنه بعد تطبيق حزمة تدابير لمواجهة الجائحة، استمر «المركزي» بمتابعة حثيثة للتطوارت الاقتصادية المحلية والعالمية، إضافة إلى الرقابة للقطاع المصرفي ورصد مؤشرات السلامة المالية له، حيث أظهرت نتائج القطاع أن عدداً لا بأس به من البنوك استغل المخففات التي منحها «المركزي»، ما ساهم في ممارستها لأعمالها بأريحية.

وأوضح الهارون أن «المركزي» طبّق آلية لتقييم نتائج ما اتخذه من إجراءات وتدابير وإعداد الدراسات ورسم السيناريوهات وإجراء اختبارات الضغط لتحليل حساسية البنوك والكشف المبكر عن الاختلالات ومكامن الخطر المحتمل والطرق المثلى لتداركها وعلاجها، قائلاً إنه مع نهاية الربع الثالث من عام 2021 أظهرت نتائج آلية التقييم سير القطاع المصرفي في اتجاه التعافي التدريجي وتحسن الأوضاع الاقتصادية وقدرة البنوك على الامتثال للمعايير الرقابية السابقة، حيث أكدت بيانات القطاع المصرفي الكويتي أن القطاع يتمتع بمصدات رأسمالية عالية تفوق الحدود، وبلغ معيار كفاية رأس المال 18.5 في المئة.

مستويات ما قبل الجائحة

ولفت إلى أن البنوك استطاعت بسهولة استيفاء متطلب معيار صافي التمويل المستقر ليبلغ 111 في المئة وانخفضت نسبة القروض المتعثرة لتبلغ 1.9 في المئة، أما من جانب الربحية فحقق القطاع صافي أرباح شارف مستويات ما قبل الجائحة.

وأكد الهارون أنه في ضوء هذه المؤشرات تبين أن السياسة الحصيفة والنهج الاستباقي لـ«المركزي» قد مكّنا البنوك من العبور بسلام من واحدة من أصعب الأزمات الاقتصادية، وساعداها على أداء دورها بكفاءة واقتدار خلال فترة الجائحة، منوهاً إلى أن النتائج الإيجابية للقطاع المصرفي ومتانته وسلامة وحداته شجعت «المركزي» على بدء العمل في برنامج رفع القيود والخروج الآمن من برامج الدعم التي قدمها سابقاً لهذا القطاع، حيث بدأ برسم خريطة الخروج من بيئة المخففات الرقابية في اتجاه العودة إلى المعايير الرقابية كما كانت عليه قبل الجائحة.

رحلة العودة

وبين أن رحلة العودة انطلقت خلال مرحلتين، بدأت الأولى منهما في مطلع العام الجاري 2022 وذلك عبر سحب نصف المخففات الرقابية على أن تستكمل المرحلة الثانية من عملية السحب مطلع العام المقبل 2023، للعودة إلى الحدود الرقابية السابقة ما قبل الأزمة مع الاستمرار في تقديم الدعم للمشروعات الصغيرة والمتوسطة من خلال إبقاء وزن مخاطر محفظتها على ما هو عليه بعد التعديل.

وأفاد الهارون بأنه على الرغم من اطمئنان «المركزي» إلى متانة وسلامة القطاع المصرفي والمالي، إلا أن التطورات التي شهدها العالم أخيراً واستمرار المخاطر التي تحيط بآفاق الاقتصاد العالمي يدفعان إلى ضرورة العمل على حماية اقتصاداتنا وقطاعاتنا المصرفية والمالية من الصدمات الخارجية من خلال السياسات النقدية والإجراءات الرقابية الملائمة، مبيناً أن من بين هذه المخاطر تباطؤ نمو الاقتصاد العالمي، حيث أشارت توقعات صندوق النقد الدولي في شهر يوليو إلى تراجع النمو الى نحو 3.2 في المئة في عام 2022 لتنخفض إلى نحو 2.9 في المئة في 2023 وذلك نتيجة لمجموعة من الصدمات أبرزها تباطؤ الاقتصادين الأميركي والصيني، وتفاقم تبعات الأزمة الروسية - الأوكرانية، والمخاطر الجيوسياسية في جنوب شرق آسيا، وتصاعد حدة التوتر بين الصين وتايوان، إضافة إلى استمرار الاختلالات بين جانبي العرض والطلب نتيجة الاضطرابات في سلاسل التوريد لكثير من السلع الأساسية، وخاصة الغذاء والطاقة.

أسعار السلع

ولفت أيضاً إلى مخاطر الارتفاع المتواصل في أسعار السلع العالمية وارتفاع معدلات التضخم لأرقام لم تصل إليها منذ عدة عقود، خصوصاً في الولايات المتحدة والاقتصادات الأوروبية الرئيسة.

وذكر الهارون أنه في محاولة لاحتواء الارتفاع في معدلات التضخم التي طال أمدها واتسع نطاقها لجأت العديد من البنوك المركزية، لا سيما الرئيسة منها، إلى تشديد سياساتها النقدية وذلك من خلال سحب الحزم التحفيزية التي اتخذتها لعلاج التداعيات السلبية للجائحة وخفض برامج شراء الأصول ورفع أسعار الفائدة، وهو الأمر الذي من المتوقع أن تترتب عليه تكاليف اقتصادية لا مفر منها، آملاً ألا تنعكس آثارها على مختلف قطاعاتنا وبوجه خاص المصرفية والمالية.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي