No Script

مجرد رأي

بيع الوطن بـ500...!

تصغير
تكبير

بمختلف طرق الكويت تنتشر إعلانات الحملات الانتخابية لمجلس الأمة 2022، لكن اللافت فيها أن تعكس تداخل الصورة بين صرف إعلاني كبير وأماكن كثيرة تظهر عليها ملامح غياب التنمية وانهيار البنى التحتية.

لكن المفارقة الأكبر في هذا الخصوص، أنه بين هذا وذاك لا يزال هناك من يقبل بالمال السياسي وبيع صوته، فمع استعار المواجهة الانتخابية قبل أيام من الاقتراع المرتقب 29 من الشهر الجاري تبدو الأزمة الفعلية بالسلوك الانتخابي، وهو ما كشفت عنه وزارة الداخلية أخيراً في إعلانها عن مداهمة أحد مواقع شراء الأصوات لوجود الجرم المشهود، بين مواطن يدفع المال لشراء الصوت لصالحه وآخر مستعد للبيع، ويفاوض فقط على السعر.

المحزن في هذه الحالة ليس فقط في أن بعض المرشحين خالفوا القانون بلجوئهم إلى المال الانتخابي، واستخدامه أداة وحيدة لجذب أصوات الناخبين، فالرشى المادية والعينية خلال الانتخابات واردة ممن لا يملك في عملية اقناع الناخب إلا المال لتقديمه، لكن الإشكالية الأكبر والطامة الكبرى إن جازت التسمية تتمثل في عقلية المواطن الذي قبل أن يبيع مستقبله بـ500 أو حتى ألف دينار، (استناداً إلى آخر تسعير متداول لشراء الصوت).

فمجرد القبول ببيع الصوت يعني تخلي المواطن عن حقه وحق أولاده في تقرير مصيرهم، ومن ثم لا يجوز له «التحلطم» مستقبلاً عن عدم توظيف أبنائه، أو نقص الخدمات الصحية والتنموية، أو من ضعف التعليم وغير ذلك من صور قصور الدولة في رعاية مواطنيها المستحقة خصوصاً عندما يكون في دولة صغيرة جغرافياً غنية في مقدراتها الطبيعية وثرواتها المالية والبشرية.

الحالة التي رصدتها وزارة الداخلية الأخيرة بخصوص شراء الأصوات مجرد عينة عن ظاهرة وجود ضعف ثقافي بين البعض، وسوء تقدير لأهمية العملية الانتخابية وخطورتها على مستقبله، إذا أساء الاختيار، أو قبل بالحصول على مقدم نقدي مقابل بيع صوته، والذي يشبه إن جاز التشبيه بلجوء البعض لبيعه أعضائه البشرية بذريعة الحاجة المادية.

يخوض الكويتيون انتخابات 2022 البرلمانية في ظروف استثنائية لا تقتصر على الاستقطاب السياسي الحاد، بل لأنها تُجرى للمرة الأولى بعد انهيار حالة طويلة من العراك النيابي الحكومي والذي تعطلت فيه الكويت لسنوات خرجت خلالها من مكتسباتها التاريخية، والأهم أن جاءت بعد خطوة أميرية لاقت استحسان الجميع بحل مجلس الأمة دستورياً ومنح المواطن حق اختيار مستقبله بنفسه.

الخلاصة:

يتعين عدم التقليل من خطورة استمرار بيع بعض المواطنين لأصواتهم الانتخابية بغض النظر عن المقابل المادي، الذي لن يكون موازياً في أحسن التوقعات ما يمكن أن يجنيه المواطن نفسه من عوائد متنوعة إذا أحسن اختياره وقرر هذه المرة أن تنسجم اختياراته النيابية مع استحقاقات المرحلة المصيرية.

فالتشوهات السياسية والاقتصادية والتنموية بمختلف القطاعات تعزز ضرورة الاعتماد على حسن اختيار النائب، أما الاعتماد على المقابل النقدي المبكر على قاعدة هذا ما سنخرج به في كل دورة، يسهم في زيادة غرق الكويت في ضبابية حركة المال السياسي، ووقتها سترتفع الكلفة على الأجيال المقبلة، حيث الصفقة المنعقدة على بيع مستقبل المواطن وأسرته الحالية والمقبلة لصالح شخص قد لا يستحق هذا البيعة.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي