No Script

فازت بلقب AMERICA ‘S GOT TALENT وبالمليون دولار

«مياس» نجاحٌ عالمي.. «صُنع في لبنان»

تصغير
تكبير

- عون اتصل بمدرّب الفرقة وقرر منْحها وسام الاستحقاق اللبناني المذهّب تقديراً
- سياسيون هنّأوا «مياس» بالإنجاز والبرلمان اللبناني... صفّق
- السفير السعودي في بيروت: «مياس» منحتْنا صورةَ لبنان الذي نُحبّ
- صوفيا فيرغارا دعمتْ الفرقة بـ «الباز الذهبي» فأهدتْها «مياس» قلادة الأرزة الذهبية
- النائب أبي رميا لـ «الراي»: وضْعُ الشباب كارثيّ ومياس بنجاحها المذهل أثبتت أن الأمل لا يمكن أن يُفقد

فَرَك لبنان عينيْه على فرحةٍ أيقظت فيه كل الأمل بفجر جديد يشق العتمةَ التي يعيشها.. فرقة «مياس» تفوز بالمركز الأول في America’s Got Talent أضخم برامج المواهب العالمية... فرحةٌ ما بعدها فرحة، وفخرٌ يتخطى حدود الوطن الصغير ليعمّ أرجاء العالم العربي وينتشر حيثما يوجد لبناني في كل أصقاع الأرض.

الفرقة التي بدأتْ بفكرة مجنونة لإبن قرية جبلية لبنانية، «تَعَمْلَقَتْ» وحلّقتْ وأدهشت العالمَ بعروضٍ حَمَلَتْ كل معاني الإبداع، فكرةً ورقصاً وإخراجاً فنياً وموسيقى وملابس وكوريغرافيا، فاستحقتْ التتويجَ في فوز ثمين أحيى أحلاماً منكّسة لشعبٍ بأكمله زيّن سماءه الداكنة قوسُ قزحٍ من لوس انجلوس الأميركية فكانت «مياس»... فرحة لبنان.

«مياس» التي شقّتْ طريقَ النجاحِ منذ أولِ ظهورٍ لها على المَسْرح العالمي اختصرتْ المراحل بفوزها بالـ «باز الذهبي» من النجمة العالمية صوفيا فيرغارا والذي أهّلها للانتقال الى المرحلة نصف النهائية مباشرة. وفي هذه المرحلة قدّمت الفرقة عرضاً مبهراً شكّل الحَدَث محلياً وعالمياً وأتاح لها بلوغ الحلقة النهائية.

الانتظارُ كان طويلاً على اللبنانيين الذين واكَبوا الفرقة من الوطن الأم ومن لوس انجلوس ومن كل أنحاء الولايات المتحدة والعالم. لكنه كان قصيراً جداً بالنسبة للفرقة التي لم يكن لديها إلا خمسة أيام للقيام بالتدريبات المكثفة للعرض الأخير (فجر الأربعاء) ووضْع اللمسات النهائية عليه ليخرج الى الضوء بأرقى صورة على الإطلاق. وكان الانتظارُ على قدر التوقعات فقدّمت «مياس» في الحلقة الأخيرة من برنامج AGT عرضاً يشبه الأحلام وكأنه من عالم الخيال اجتمعت فيه عروس مياس مع أرزة لبنان الحية أبداً.

نديم شرفان قائد ومْبْدع الفرقة أراد على غرار مصمّمي الأزياء العالميين أن ينهي العرْضَ في الحلقة النهائية بفستان زفاف «حي» راقص.

فكان له ما أراد واتّحدت فتيات «مياس» ليشكلن معاً عروساً واحدة تتمايل بثوبٍ من الريش مصنوعٍ من أجساد الراقصات ويتحرك مع كل حركة من أيديهن. وفي دمْجٍ مذهل بين العروس والوطن كان الثوب الأبيض الناصع يتحوّل في لحظات راقصة الى أغصان للأرزة المكسوّة بالثلوج على غرار صورتها الراسخة في وجدان كل لبناني، لينتهي العرض بعدها باحتفالٍ للضوء وكأنه تعبير عن بصيص النور الذي يأمل شعب وطن الأرز باستعادته.

لم تكن أجساد الراقصات وحركاتهن المتناسقة وحدها ما أذهل الحاضرين بل كذلك الخلفية الموسيقية والمشهدية الرائعة التي رافقتْ العرض.

مليون دولار قيمة الجائزة التي فازت بها فرقة «مياس» بعد تتويجها وهذا بلا شك مبلغ ضخم بالنسبة لبلدٍ يعاني مالياً ولفرقة لم تلق أي دعم مادي من دولتها، كما فازت بعرضٍ على مسرح الأقصر أهمّ مسارح لاس فيغاس عاصمة الترفيه في العالم. لكن الفوز الأكبر كان بمشاركة «مياس» في وصول النسخة 17 من «اميركاز غات تالنت» إلى مليار ونصف مليار مشاهدة «اونلاين» عبر العالم وكل وسائل الإعلام والتواصل. وهذا في ذاته يوازي أكثر بكثير من قيمة الجائزة.

نديم شرفان ومعه 36 صبية وخلفه فريق عمل متفانٍ ووسائل إعلام محلية قدّمت كل الدعم المعنوي، عملوا بلا كلل وبالتزامٍ وتضامن وجهد للوصول الى ما وصلوا إليه. لم تفرّقهم الإنقسامات كما هو واقع الحال في لبنان ولم تردعهم موانع وأنانيات وحتى فشلٌ سابق في النسخة البريطانية من البرنامج بل وحّدوا كل القوى ليصلوا الى مرتبة الشرف.

سنوات وسنوات من العمل والتدريبات وتطوير الذات والأفكار والتقنيات للوصول الى عرض لم تتخط مدته الدقائق الثلاث لكنها كانت كفيلة بإيصال الفرقة الى حدود السماء وبإسماع إسم لبنان الى الكون أجمع.

إعلان فوز «مياس» بالمركز الأول فجر الخميس بعد منافسة مع 10 فرق، بعضها أميركي والأخرى عالمية، تَرافَقَ مع انفجار للفرحة في لبنان. كلّهم تبنوا النجاحَ وباركوا له. رئيس لجنة الشباب و الرياضة في البرلمان اللبناني سيمون أبي رميا قال في حديث لـ «الراي»: «لا شك أن وضع الشباب اليوم في لبنان كارثي، وأرقام تقرير اليونيسيف أتت صادمة، إذ ان 83 في المئة من الشباب يسعون للهجرة بسبب البطالة و77 في المئة من المهاجرين هم من فئة الشباب، و55 في المئة نسبة التسرّب المدرسي وهي مرشحة للارتفاع مع بداية العام السنة الدراسية بسبب تَفاقُم الأزمة الاقتصادية. لكن بالرغم من كل المآسي ووضع الشباب الكارثي فقد أثبتت فرقة»مياس«بنجاحها المذهل أن الأمل لا يمكن أن يُفقد وأن الشباب اللبناني هم الغد والمستقبل وهم القادرون على إعادة الأمل لهذا الوطن».

هاشتاغ «بحبك يا لبنان» ترافق مع هاشتاغ مياس ليكونا تعبيراً عن فخر اللبنانيين والعرب بالإنجاز الذي تحقق. كلهم اجتمعوا على عبارة واحدة: «جعلتمونا فخورين». سياسيون، إعلاميون ووسائل إعلام، فنانون ومواطنون، كلهم تفاعلوا وعبّروا عن اعتزازهم.

من الرئيس ميشال عون الذي أجرى اتصالاً بالمدرب شرفان وهنأه على «الانجاز العالمي» وأبلغه منْح فرقة «مياس» وسام الاستحقاق اللبناني المذهّب تقديراً لعطاءاتها الفنية ونجاحها في أهم برامج المواهب العالمية، إلى الرئيس نجيب ميقاتي الذي هنأ بدوره مغرّداً «مجدداً يتجلّى الابداع اللبناني بعرض رائع لفرقة مياس».

بدوره الرئيس سعد الحريري كتب على تويتر «مياس» ... أجمل الناس. مبروك».

وإذ خرق فوز «ميّاس» جلسة الموازنة في مجلس النواب حيث استهل نائب رئيس البرلمان الياس بو صعب كلمته بتهنئة الفريق على الانجاز الكبير، ليبادر الرئيس نبيه بري قائلاً: «لازم نغترب حتى نصير لبنانيّي»، على وقع تصفيق النواب للفرقة، كانت بازرة تهنئة السفير السعودي في بيروت وليد بخاري الذي غرّد: «فِرْقَةُ ميّاس والتي أبْهرتِ العالمَ قد منحتْنا صورةَ لُبنانَ الذي نُحبّ، لبنانُ العُمْلةُ النّادرةُ والتي ستبقى جوهرةَ العرب».

وفي الفن كما السياسة، اعتزازٌ بتتويجٍ «عكْس كل الظروف» كأنه أعاد رفْع رأس الوطن المكسور بإخفاقاتِ القيّمين عليه وبدا «شارة نصر» من تحت الردم، وإشارةً بأن «الحكاية لم تنته بعد».

من «congratulations» التي كتبتْها الفنانة المصرية شريهان، إلى تهنئة إليسا بتغريدة: «فخورة، أعدتم لبنان عظيماً مجدداً، كرمالك يا لبنان»، وقول نانسي عجرم «جلبتم الدمعة الى أعيننا والفرحة الى قلوبنا. مبروك. لبنان يستحق الفوز»، ورفْع هيفاء وهبي القبعة لفرقةٍ جعلتْنا «أكثر من فخورين وفرحين بإنجازاتها»... غيض من فيض التعليقات من نجومٍ باركوا لفرقةٍ بدا نجاحها العالمي نجمةً على كتف وطن تُنتزَع منه ألقابٌ توّجتْه للعالم رسالة وعاصمته للشرق لؤلؤة.

وكان خروج الفرقة من المسرح بعد الفوز على وقع الزغاريد والهتافات من أكثر اللحظات العاطفية التي جمعتْ بينها وبين الجمهور اللبناني الموجود في الولايات المتحدة حيث كان الهتاف واحداً: لبنان لبنان لبنان يا لبنان، في ظل رفرفة العلم اللبناني فوق الرؤوس وذلك بعدما كان لبنانيو أميركا صوتوا بكثافة عالية جداً لمياس.

نديم شرفان الحالم الشغوف المنتصر لم يتخلّ عن تواضعه إثر الفوز، وتعليقه الأول لشاشة المحطة اللبنانية للإرسال كان: «أتخيل لحظة وصول الطائرة الى مطار بيروت، أتخيل أهلي وأحبائي والناس هناك وكيف سنحتفل معهم بالفوز، نحن فزنا من أجلهم و»كرمالك يا لبنان".

شرفان رغم الفوز المذهل الذي حققه، لم يكن يخطط لإحراز اللقب كما قال ولم يكن حلمه الوصول، بل كان يعمل من أجل شغفه وحبه للرقص. وهو قدّم نصيحة لكل حالم: «مَن يعمل من أجل شغفه ويتحدى نفسه، حينها يصل. أما أن يضع لنفسه هدفا فهذا ما لا أؤمن به. أؤمن بالشغف والقتال من أجله».

راقصات الفرقة يعشن اليوم على سحابة، ويطرن من الفرح... فرح مستحَق بعد أشهر وسنوات من التعب. مارسيل، بدأت الرقص وهي في سن الرابعة وكان الرقص عالمها رغم بعض التحفظ من الوالد. وتقول لتلفزيون LBCI «غيّرنا وجهة نظر الناس عن الرقص وأعطينا الأمل لكل مَن يحلم بتحقيق فن كامن داخله بأنه صار بإمكانه أن يحقق حلمه».

الطريق الى النجاح لم يكن سهلاً على صبايا الفرقة: «الأشهر الأربعة كانت صعبة» تقول إحداهن «وكنا نجمع بعضنا لننزل في سيارة واحدة بسبب الظروف، لكن جهدنا أوصلنا وحماسة الناس حمّستْنا أكثر لنضاعف جهدنا». وتؤكد أخرى «أنظروا ما قمنا به، فزنا على أهم المسارح. كل مَن يحب الرقص بات باستطاعته تحقيق أحلامه».

... «شعور لا يوصف» هو لسان حال فتيات الفرقة اللواتي لم يستوعبن الفوز بعد، لكن كلهن يجمعن على إهداء الفوز الى أهلهن والى لبنان: «كنت أنتظر رسالة نصية من أمي» تقول إحداهنّ بعد الفوز «لكن لم يستطع أهلي مشاهدة النهائيات، فلم يكن لديهم كهرباء وتابعوا عبر الهواتف وكانت أمي اول من هنأني»... كلمات مؤثرة تعبر عن التناقض بين واقع لبنان وأحلام أبنائه.

لجنة AMERICA’S GOT TALENT توقّعت فوز «مياس» تماماً كما اللبنانيين. سايمون كويل رأى فيهن «الموهبة والعزة والسحر» وشعر «بضخامة التأييد الذي نلنه» وكاد «يلمس تلك الطاقة المتفجرة المنبعثة منهن».

هايدي كلوم التي هنأت الفريق أبدت دهشتها للبناء الراقص الذي قمن به قائلة: «غالبية الفرق الراقصة ترقص بشكل مسطح أما»مياس«فقد حولت الرقص بناء وأدهشت الجميع بالموسيقى والكوريغرافيا و الأكسسوارات. لقد استحقين الفوز».

أكثر المتحمسات للفرقة كانت صوفيا فيرغارا التي دعمتْها منذ إطلالتها الأولى وكأنما تبنتها.

فالفنانة العالمية المتحدرة من أصل كولومبي تعرف لبنان جيداً وثقافته وطعامه وموسيقاه عبر الجالية اللبنانية التي تعيش في كولومبيا وهو بلد قريب الى قلبها كما قالت. وقد بادلتْها الفرقة بالحب ذاته وأهدتها أرزة ذهبية صغيرة علّقتها في عنقها. وكان إعجابها واضحاً ليس فقط بأداء الفرقة وفوزها بل بالجهود الجبارة التي بذلتها: «هن لم يتوقفن عن التمارين ولو للحظة، وكنّ من أعْند الفرق التي مرّت في البرنامج، ولا شك أنهن أستحقين الفوز».

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي