No Script

خواطر صعلوك

البيوت التي تحافظ على توازن الكويت!

تصغير
تكبير

إذا صادفت أحداً في طائرة، وبمجرد جلوسه بحانبك قال لك «صباح الخير» ثم لا يكاد يرفع عينه أو يكترث للعابرين في الممر، ولا ينبس ببنت شفه إلى أن تصل الطائرة، فيودعك بعبارة «حمدالله على السلامة»... هذا الرجل إذا حدث خلل في الطائرة أو حادث ستجده يتصرف بأسمى معاني البطولة والنجدة، بينما الثرثار والذي لا يكف طوال الرحلة عن الكلام والضحك وإلقاء النكت على العابرين، وطلبات مستمرة من المضيفة والتنظير المستمر حول حقوقه من شركة الطيران وأحقيته في الكرسي والإطلالة وأن يسرق السماعة، هذا الرجل وفي ظروف طارئة سوف يصدر منه أكثر التصرفات إثارة للخجل في مشهد هستيري جبان... الرجل الأول خرج من بيت يحافظ على توازن الكويت والطائرة، أما الثاني خرج من بيوت الادعاء والتظاهر وركوب الموجة والسحاب.

لكل وطن بيوت تحافظ على توازنه واتزانه، وهي أصل مادته وبذور نباته، بيوت منتشرة في كل طبقات المجتمع لا علاقة للغنى والفقر بما تقدمه.

وفي الكويت، بيوت تحمل قيم الوطن وتتوارثه وتورثه لأبنائها، وهذه البيوت تحديداً لا تتلقى ولا تُعطي مبالغ مالية في العمليات الانتخابية.

هي البيوت التي يتخرج الطبيب فيها طبيباً فعلاً، يعالج الناس ويهتم بهم، وليس تاجر آلام ومروج أدوية للصيدليات مقابل العمولة... هي البيوت التي تُخرج مهندساً ومعلماً وقاضياً يخاف الله ويعمل بالحلال، هي البيوت التي تتعايش مع الشدة وتتكيف مع الغلاء وتحمد الله على الرخاء والنعمة بلا تبذير أو إسراف.

هي البيوت التي يحسبها الجاهل أغنياء من التعفف، والتي تُقدم أبناءها وأموالها في الحرب من أجل الوطن، وأفكارها وحلولها في السلم من أجل العمران والنماء... هي البيوت التي فيها أمهات تهتم بأكل ودواء ودراسة وزواج وإنجاب أبنائها، ثم بعد كل ذلك تعيد الكرة مع أحفادها.

البيوت التي تحافظ على أرحامها وزوارات الخميس والجمعة حتى لو كانت «مليقة» وكلها نغزات، المفتوحة دواوينها، والمشاركون في الانتخابات بقناعاتهم وليس بتخليص معاملاتهم أو توظيف أبنائهم أو رحلة سياحة تحت مسمى «العلاج».

البيوت التي تُعلم أبناءها أن الخلاف في الرأي لا يستدعي الطعن في بيوت الآخرين وعوائلهم وأخلاقهم، ولا يُبرر الفُحش في القول والبذاءة وطعن الناس في أصولها وجنسيتها، ولا يبرر التطرف أو فتح حسابات في السوشيال ميديا أو منصات للهجوم على الآخرين.

البيوت التي لا يزال موجوداً في ممراتها وغرفها أحاديث تشتمل على كلمات الحلال والحرام والعيب والأصول، والذين لا يغارون من بيوت أخرى بسبب زيادة في الرزق أو سيارة آخر موديل، ولا يشمتون في بيوت أخرى بسبب فضيحة أو انكسار.

هذه البيوت هي التي تحافظ على توازن الكويت، وهي من تحمل الهوية الوطنية على أكتافها لتورثها لمن بعدها، حتى تصل السفينة لموانئها، والطائرة لمدارجها، والإصلاح إلى غايته. وكل ما لم يُذكر فيه اسم الله...أبتر.

Moh1alatwan@

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي