No Script

محمود ماتان كان ضحية خطأ قضائي

شرطة بريطانيا تعتذر لأسرة صومالي بعد 70 عاماً من إعدامه... ظلماً

صورة ماتان في إحدى بطاقاته الثبوتية
صورة ماتان في إحدى بطاقاته الثبوتية
تصغير
تكبير

- رئيس شرطة جنوب ويلز: القضية انطوت على الكثير من التحيز والعنصرية والتحامل وقتذاك من قبل أطراف المجتمع
- دين بجريمة قتل من قبل هيئة محلفين جميعهم كانوا من البيض ولم يكن هناك دليل جنائي ضده

تلقت أسرة بريطاني من أصل صومالي اعتذاراً من الشرطة بعد 70 عاماً من إعدامه ظلماً.

وكان محمود ماتان بحاراً سابقاً، وقد أعدم في عام 1952 بعد إدانته بجريمة قتل امرأة تدعى ليلي فولبرت، في متجرها في كارديف بمقاطعة ويلز، جنوبي المملكة المتحدة.

وكانت إدانته أول إحالة يتم إلغاؤها من قبل لجنة مراجعة القضايا الجنائية، في محكمة الاستئناف عام 1998.

وقدمت شرطة جنوب ويلز اعتذاراً واعترفت بأن المحاكمة كانت «مخزية».

وقال رئيس الشرطة جيريمي فوغان: «انطوت تلك القضية على الكثير من التحيز والعنصرية والتحامل وقتذاك من قبل أطراف المجتمع كافة، بما في ذلك نظام العدالة الجنائية».

وأضاف: «ليس هناك شك في أن محمود ماتان كان ضحية خطأ قضائي نتيجة محاكمة مخزية، كان من الواضح أن الشرطة جزء منها».

وتابع قائلاً«من الصائب والمناسب أن يتم تقديم اعتذار نيابة عن الشرطة عن الخطأ الذي ارتكب في هذه القضية بحق الرجل قبل 70 عاماً، وعن المعاناة الشاقة لأسرته ولجميع المتضررين من هذه المأساة منذ عقود من الزمان».

قامت زوجة ماتان، لورا، وأبناؤهما الثلاث، ديفيد وعمر وميرفين، المعروف أيضاً باسم إيدي، بحملة لمدة 46 عاماً بعد إعدامه من أجل تبرئة اسم والدهم.

لقد ماتوا جميعاً منذ ذلك الحين، وبينما رحبت الأسرة باعتذار الشرطة، إلا أن أحد أحفاده الستة وصف الاعتذار بأنه «غير صادق».

فات الأوان

وقالت الحفيدة تانيا ماتان: «لقد فات الأوان بالنسبة للأشخاص المتضررين بشكل مباشر لأنهم لم يعودوا موجودين في الحياة،

ولم نسمع عبارة -نحن آسفون- حتى الآن».

تلقت عائلة ماتان تعويضاً مالياً من وزارة الداخلية في عام 2001، لكن لم يتلقوا أي اعتذار من الشرطة حتى الآن.

قام محققون من شرطة مدينة كارديف، وهي جزء من قوة شرطة جنوب ويلز الحالية، بالتحقيق في القتل الوحشي للسيدة ليلي فولبرت داخل متجر الخردوات الذي كانت تمتلكه في منطقة مرافئ السفن في كارديف في السادس من مارس 1952.

ذُبحت سيدة الأعمال التي كانت معروفة حينها ولم تكن تتجاوز الـ 41 من العمر، بينما كانت والدتها وشقيقتها وابنة شقيقتها في الغرفة المجاورة للعقار في منطقة «تايغر بي» القديمة في كارديف.

لم يكن هناك دليل جنائي ضد ماتان، وعلى الرغم من وجود حجج ومبررات مدعومة بشهادة العديد من الناس، إلا أن الشرطة ألقت القبض عليه في غضون ساعات من قتل المرأة، و دين بجريمة القتل من قبل هيئة محلفين جميعهم كانوا من البيض.

كان المهاجر الصومالي محمود ماتان بحاراً سابقاً جاء إلى المملكة المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية. ازداد الشعور بالتحيز تجاه ماتان، الذي لم يكن يجيد التحدث بالإنكليزية، خلال محاكمته التي استمرت ثلاثة أيام في Glamorgan Assizes في سوانزي عندما وصفه محامي الدفاع بأنه «متوحش وغير متحضر».

وبمرور ستة أشهر على جريمة القتل، في الثالث من سبتمبر 1952، أُعدم محمود ماتان الذي كان يبلغ من العمر 28 عاماً، على يد ألبرت بييربوينت في مشنقة سجن كارديف.

لم تعلم زوجته لورا بأمر إعدامه إلا عندما زارته في السجن، لتكتشف أنه شُنق على بعد مئات الأمتار فقط من منزلهم في شارع ديفيس، ووجدت إشعاراً بوفاته كان مثبتاً على باب السجن.

وقالت تانيا ماتان، ابنة عمر، لـ «بودكاست بي بي سي ساوندز»: «أعتقد أنه كافح طوال حياته، أعلم أنه كان يشعر بغضب شديد لما حدث».

عُثر على عمر ميتاً على شاطئ اسكتلندي في عام 2003، عن عمر يناهز 53 عاماً، وعُثر بجانب جثته على نصف زجاجة ويسكي.

قال فوغان: «مازلنا إلى يومنا هذا، نعمل كل ما بوسعنا لضمان القضاء على العنصرية والتحيز الموجودين في المجتمع والشرطة».

«كانت تحقيقات الشرطة مختلفة تماماً في ذلك الوقت وبعيدة عن معايير التحقيق الممتازة في يومنا هذا».

«وحتى عند التفكير في قضية حدثت قبل 70 عاماً، لا ننسى أولئك الذين تأثروا من سوء تطبيق العدالة ولا نقلل من تأثير ذلك على الأفراد».

يقول الأقارب إن المعركة التي استمرت 46 عاماً لتبرئة اسم ماتان، آخر رجل بريء أعدم في ويلز،«أثرت»على أسرته سلباً.

ابنتا كل من عمر وميرفين ماتان مقتنعتان بأن والديهما لم يكونا ليموتا لو كان والدهما على قيد الحياة ولم يدن خطأً بارتكاب جريمة قتل.

وقالت لورا في إحدى المرات قبل وفاتها في عام 2008: «لم نعش أنا وأبنائي أي حياة، كنا ببساطة فقط موجودين فيها».

كان عمر، الابن الأوسط في الثامنة من عمره فقط عندما سمع ما حدث لوالده ووصف معرفته بالأمر بأنها مثل «نمو سرطاني في رأسه». وقال إنها أثرت عليه كثيراً وغيرت سلوكه و نظرته للحياة.

وأضافت حفيدة ماتان: «لقد نشأ وبداخله شعور بالغضب تجاه العالم، أعتقد بسبب ما حدث. ما كان يجب أن يحدث ذلك إطلاقاً، كان ينبغي أن يعيش حياته ويراقب أحفاده وهم يكبرون. بينما أنا سعيدة لأنه تم الاعتراف ببراءته أخيراً وقُدم اعتذار، لكن يبدو أن هذا الاعتذار سيكون فقط من خلال برنامج بودكاست المقبل ولذا أشعر بعدم صدق الاعتذار».

وقالت كيرستي، ابنة خال تانيا (وهي ابنة ميرفين؛ أصغر أبناء ماتان) إن صدمة ما حدث لوالدهم والمعركة التي استمرت 46 عاماً لتبرئة اسمه أثرت عليهم جميعاً.

وأضافت ماتان: «إنها ليست حياة واحدة فقط، لقد عانى ثلاثة أبناء من وصمة عار أن والدهم قاتل».

كان فولبرت متجراً شهيراً للخردوات وكان في قلب منطقة شارع بوت في كارديف.

«كان والدي رجلاً عظيماً؛ عمود معرفتنا وقوتنا، لكنهم كانوا جميعاً يعيشون حياة بائسة ويتعاطون الكحول، وللأسف ماتوا جميعهم بسبب ذلك. لقد أثر ذلك على صحتهم العقلية، كان وقعُ فقدان أبي لوالده كبيراً، ما أدى إلى خسائر فادحة وماتوا جميعاً في سن أصغر».

ويقول الفريق القانوني الذي مثل عائلة ماتان في محكمة الاستئناف، إن الرجل كان ضحية عنصرية ممنهجة لأنه حوكم من دون توافر دليل حيوي لقضيته.

وقال المحامي البارز المدافع عن حقوق الإنسان، مايكل مانسفيلد، الذي مثل عائلة ماتان في محكمة الاستئناف، إنه يدعم حركة حياة السود مهمة، Black Lives Matter وإن هذه القضية ذات صلة وثيقة بالموضوع الآن.

يقول مانسفيلد، الذي كان منخرطاً أيضاً في قضيتي «برمنغهام 6» و«ستيفن لورانس»: إذا كان هناك أي شيء لعب دوراً في هذه القضية، فهو مناهضة الصوماليين - كان يُنظر إليهم في جنوب ويلز على أنهم متطفلون - يأخذون وظائفنا ومنازلنا، ولا ينبغي أن يكونوا هنا، لذا ابعدوهم من هنا.

وكانت تستمع هيئة المحلفين إلى هذه القضية، وتنظر إليه وهي تفكر: إنه واحد من عدد كبير من الصوماليين الموجودين هنا، وإذا لم يكن هو من فعل ذلك، فأحد زملائه فعلها - كان مثل هذا النوع من التفكير سائداً.

ماتان - وهو بالأصل من هرجيسا التي تقع فيما كان يعرف آنذاك بأرض الصومال البريطانية - كان واحداً من آلاف البحارة الذين قدموا من خارج المملكة المتحدة إلى كارديف بعد الحرب العالمية الثانية، من أجل العيش والاستقرار فيها.

كان في منطقة أرصفة كارديف أو خليج تايغر مجتمعاً متعدد الثقافات مكونا من مختلف الأعراق.

بعد عام من وصوله إلى ويلز، تزوج محمود ماتان من لورا، الفتاة المحلية من ويلز في عام 1947.

ولكن كان هناك تحيز ومعارضة للزواج العابر للأعراق.

أُجبر الزوجان على العيش منفصلين في منزلين مختلفين يقعان في الشارع نفسه.

وقالت لورا في إحدى المرات: «اعتقد الناس أنه كان وقحاً ومزعجاً لأنه صومالي، ويريد أن يكون بريطانياً ويعيش في بريطانيا. لقد أحب محمود الجميع وكان يعتقد أن الجميع أحبوه، لم يكن يعرف مشاعر العدائية المتفشية حولنا».

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي