No Script

مجرد رأي

من «الوحدة» يبدأ الإصلاح...

تصغير
تكبير

لفترة قريبة كان يخالج الجميع شعور عام متنامٍ بالغضب تجاه عملية الإصلاح الاقتصادي التي تعثرت لسنوات طويلة، والغالبية تنظر إلى أي حديث في هذه الدائرة على أنه لا يخرج عن نطاق «الشو» الإعلامي.

لماذا؟

منذ اندلاع الأزمة المالية العالمية في 2008، لم يتجاوز الحديث الحكومي عن الإصلاح الاقتصادي عن مجرد كلام مكرر وقرار مؤجل. وهذا ما أكدته التجربة العملية لسنوات طويلة، ونتيجة لذلك تراجعت ثقة الجمهور في جدية الإصلاح.

لكن يبدو أن شيئاً ما تغير، وهذا ما أكده إعلان رئيس ديوان رئيس مجلس الوزراء عبدالعزيز دخيل الدخيل قبل أيام عن إطلاق الوحدة الاقتصادية الاستشارية برئاسة سمو رئيس مجلس الوزراء.

ويمكن القول إن تشكيل هذه الوحدة يبعث برسالة مختلفة مفادها بأن المسيرة المقبلة لن تغفل الإصلاح الاقتصادي، وأنه جارٍ تحويل الدفة الحكومية بقوة نحو معالجة الاختلالات المتجذرة في اقتصادنا.

وما يذكي التفاؤل سواء لدى مجتمع الأعمال أو المعنيين بالشأن الاقتصادي والمستفيدين من تطويره بشكل مباشر وغير مباشر، أن الوحدة المشكلة تضم في عضويتها الجهات الحكومية ذات الطابع الاقتصادي والاستثماري والتنموي، إضافة إلى الخبرات الوطنية ذات الاختصاص بالشأن الاقتصادي، ما يعطي تطمينات إضافية بأن مشرط الاصلاح الذي يطالب به الجميع منذ فترة طويلة بات بيد رأس الحكومة، وبمساعدة نخبة متخصصة ومتعايشة مع تحدياتنا الاقتصادية اليومية.

هذا التكوين يجعل من المقبول الاقتناع بإمكانية المستهدف من الوحدة، والذي يشمل حسب المعلن تبني نهج متطور لدعم الاقتصاد الوطني والعمل على جذب الاستثمارات المباشرة ذات القيمة المضافة وتعزيز دور القطاع الخاص بما يتماشى مع رؤية الكويت 2035.

ويبدو أن نهج الوحدة لن يكون إنشائياً أو مجرد كلمات لتصدر عناوين الصحف، فوفقاً للتصريحات الرسمية، ستتولى الوحدة مهام مراجعة وتطوير التشريعات والسياسات الاقتصادية والمالية والتنموية وتصويبها نحو تحقيق رؤية الكويت 2035، وسبل تنويع القاعدة الاقتصادية والايرادات العامة غير النفطية، علاوة على مناقشة الخريطة الاستثمارية الوطنية وما تتضمنه من طرح فرص استثمارية للمستثمر الوطني والأجنبي.

كما ستعمل الوحدة على توثيق الروابط بين المؤسسات الاقتصادية والمالية والتنموية والتشغيلية وتوحيد جهودها لتعزيز التنمية الاقتصادية في الدولة.

إذاً، الاقتصاد الكويتي أمام لحظة فارقة، ومن المفيد هنا التذكير بالملفات الاقتصادية الملحة التي تحتاج إلى طرحها على الطاولة بأسرع وقت، لتكون مناقشتها والبحث لها عن حلول أولوية، لما سيترتب على حلحلتها من نتائج إيجابية، وربما مذهلة لأهميتها اقتصادياً وسرعتها في تصويب الخلل الاقتصادي، بتقديم استشارات عملية قابلة للتطبيق لكل روافع السياسات النقدية والمالية والهيكلية في البلاد.

ولا يخفى على أحد أن الاقتصاد المحلي يحتاج إلى التحرر من عقدة مركزية الدخل الواحد، حيث المطلوب العمل على زيادة شرايين الأموال بالميزاينة العمومية، لضمان غزارة وتنوع تدفقاتها، وهذا يحتاج للبحث عن مصادر دخل أساسية بجوار النفط على أن تكون متعددة ومستدامة بما يضمن استمرار الرفاه مستقبلاً خصوصاً إذا تخلى عنا النفط.

ولذلك، يجب التركيز على تحرير الأراضي، وتعزيز القطاع الصناعي، وتحسين بيئة الأعمال عموماً وإفساح المجال أكثر أمام القطاع الخاص، وكذلك زيادة دور ومشاركة أصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة بما يعزز دورها الريادي المأمول في تحقيق التنمية الاقتصادية للدولة.

الخلاصة:

استعادة الملف الاقتصادي إلى الواجهة مجدداً يشكل استحقاقاً حكومياً مزمناً، لأهميته في تعزيز الإنتاجية وإنعاش التجارة. والمساهمة في إيجاد فرص العمل ورفع منسوب الأعمال وتحقيق النمو، ومن ثم زيادة القدرة على الاستثمار في شبكات الأمان الاجتماعي والتعليم والإسكان.

باختصار، تتعاظم أهمية إصلاح الاقتصاد وسريعاً لأهمية ذلك في تحقيق نمو أكثر استمرارية وتوسيع نطاق الرخاء في المجتمع، كما أن النجاح في ذلك سيمكن الحكومة من احتواء غالبية المشاكل وتحديداً غير المقبولة في مجتمع صغير المساحة عظيم الدخل والإمكانات المادية والبشرية.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي