No Script

ألوان

جمعيات النفع العام

تصغير
تكبير

كم هو جميل أن يكون هناك قانون لتنظيم بعض المؤسسات في الكويت، ومنها جمعيات النفع العام التابعة لوزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، من حيث التنظيم الإداري والرقابة في الوقت نفسه، إلا أنه لا بأس من إحداث تعديل بالقانون المنظم مع الزمن لمعالجة بعض المثالب.

وأقترح أن يكون التعديل في القانون بأن من يصل إلى رئاسة مجلس إدارة أي جمعية نفع عام يكون ذلك لمدة دورتين فقط، على اعتبار أن لكل دورة سنتين ثم يبتعد أربع سنوات، وله الحق في أن يعيد ترشيح نفسه بعد مضي السنوات الأربع، كي يتيح الفرصة للآخرين.

وخلال مسيرتي في جمعيات النفع العام وبأكثر من جمعية نفع عام على مدى أكثر من خمسة عقود من الزمن، فإنني لاحظت الكثير من السلوكيات الايجابية والكفاءات من رجال ونساء بذلوا الكثير من الجهد لخدمة المجتمع والتعاون مع الجميع دون تفرقة، وهم ينتمون إلى توجهات أيديولوجية مختلفة، وبذلوا هذا الجهد دون انتظار المقابل.

ولكن في الوقت ذاته، هناك بعض السلوكيات السلبية التي من شأنها أن تعمل على تقويض الأداء العام لتلك الجمعيات التي أنشئت من أجله، حيث إنهم وجدوها فرصة للتكسب أو على الأقل من أجل الوجاهة (!).

ومن بين تلك الأمور السلبية التحكم من قبل رئيس أو أمين عام تلك الجمعية بصورة دكتاتورية، بل إن جهلاً منه يعتقد أنها ملك يمين، ويتصرف بها وكأنها ملك من أملاكه الشخصية، وكأنه ورثها إلى ما لا نهاية.

وأذكر أن أحدهم ظل جاثماً على صدور أعضاء الجمعية العمومية لعقود من الزمن، وبعضهم يمارس ذلك عبر قبول أعضاء جدد يضمن ولاءهم له، ولكي يضمن تصويتهم له بالانتخابات وبالتالي بقائه في الرئاسة.

ومن الأمور المضحكة المبكية، اننا كنا على متن طائرة متجهة إلى القاهرة وقال لي أحد الدخلاء على الثقافة وهو يمثل جمعية نفع عام، إذ قال لي وكان معنا شخص ثالث «إنني باقٍ في المنصب إلى يوم القيامة»(!)، إلا أن القدر شاء عكس ذلك فهو خارج نطاق تلك الجمعية، وبات لا يجرؤ حتى على الدخول من أجل الحصول على البريد الخاص به.

وهناك بعض الظواهر السلبية مثل وجود بعض النسوة اللاتي يحرصن على وجودهن في جمعيات النفع العام وكأنه «مكياج اجتماعي»، وبعضهن لهن غرف لمكاتبهن لم تفتح منذ أكثر من عام كامل، بل إن الواحدة منهن تتصرف تصرفات مرفوضة وكأنها الآمر الناهي في الجمعية التي تنتمي إليها، وتشعر بالغيرة والحسد ممن جاء إلى أن يعمل، ليخدم المجتمع دون أن ينتظر المقابل المادي أو المعنوي!

ولقد كان الجيل السابق ممن تصد إلى التطوع في جمعيات النفع العام انهم كانوا يقرأون القانون المنظم ويلتزمون به، كما إنهم كانوا يشجعون الكفاءات الشابة على العمل ودعمهم ليقودوا المسيرة من بعدهم، بيد أنهم باتوا عملة نادرة في هذه الأيام. إذ انني عرفت وشهدت على أحداث عدة في أكثر من جمعية نفع عام أنتمي لها حيث الأنانية والديكتاتورية والحسد والغيرة الذي تحول إلى مرض، فهذا رئيس جمعية يتصرف وكأنه فرعون، فهو الآمر الناهي وهو جاهل بالقانون وطبيعة صلاحياته كرئيس، وقد عمل على إلغاء دور أمين السر تماماً، وهناك عضوة مجلس إدارة جمعية نفع تستقبل الأعضاء الجدد كي تتعرف على أفكارهم، فتقول لهم إنها غير مناسبة، ثم يفاجأ الجميع بأن تلك العضوة تتقدم بتلك الأفكار وكأنها من ابداعاتها، أي انها تعمل على «تكسير مجاديف» الطاقات الشبابية، ويصر البعض على منح عمل اضافي إلى بعض الموظفين خارج نطاق الوقت الرسمي دون صرف مبلغ اضافي إلى راتب هذا الموظف، وهناك سلسلة من التصرفات السلبية لا يتسع المجال لذكرها.

وفي عالم جمعيات النفع العام في الكويت، هناك من لا يريد ان يترك المنصب رغم انه مصاب بمرض عضال، وأكثر من عضو في مجلس ادارته لا يحضرون البتة، بل إنه لا يقوم بأي نشاط يذكر سوى انه يحضر كي يتمتع بلذة الكرسي، بل إنه قام مرة بعمل اجتماع مجلس الإدارة «فوق السطح»، وعندما يقال له إن تصرفه غير قانوني، يقول أنا الرئيس كما انه كان فرحاً بتأييد أمين السر الذي يجهل أنه الشخص المنوط بإدارة الجمعية، فكان تابعاً له، وكأنه يذكرنا بمسرحية «علي جناح التبريزي وتابعه قفة»!

وبعض رؤساء جمعيات النفع العام يعلم أن القانون يمنح حق إدارة الجمعية من قبل أمين السر، إلا أنه لا يأبه لذلك، لأنه يقلل من سلطته كرئيس وهناك أمين سر آخر يتصرف تصرفات مرفوضة، كأن يقوم بارتداء «شورت» كي يقابل أحد المسؤولين، الى أن تدخل عضو مجلس إدارة كان قد حضر معه، وأجبره على العودة إلى المنزل وارتداء ملابس تليق بالمجتمع!

ومشكلة الكثير من رؤساء جمعية النفع العام أنهم يتناسون أن من يشغل منصب أمين السر هو الذي يدير جمعية النفع العام، وليس الرئيس الذي له صلاحيات معينة كفلها القانون، حيث إن الجهل بالقوانين الخاصة بتنظيم جمعيات النفع العام منتشرة بصورة كبيرة، والأمر نفسه ينطبق على بعض المستشارين بوزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، حيث إنني واجهت بعضهم أمام وكيل الوزارة المساعد في فترة سابقة وأثبت له مدى جهلهم بتفاصيل القانون الخاصة بجمعيات النفع العام!

لديَ الكثير من الذكريات حول عالم الجمعيات النفع العام، ولسوف أقوم بتأليف كتاب عن هذا العالم مدعماً بالأسماء وبالتواريخ وبالصور، من أجل الأجيال الجديدة في تلك الجمعيات.

همسة:

خدمة المجتمع شيء إيجابي أما التكسب والتسلط فشيء سلبي.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي