No Script

على الهواء

هجرات العرب وهجرات اليهود

تصغير
تكبير

عندما ينتشر العرب في هجرات فإنهم يذوبون ويكوّنون أجيالاً منفصلة عن ذاتهم، فيتحدّثون في لغات الأمم التي هاجروا إليها، وذلك منذ القِدم في الفتوحات الإسلامية فتكوّنت هجرات إلى الهند وفارس وبلاد الأناضول، وأقاموا في هجراتهم، وهجروا لغتهم حتى نسوها، فذابوا في شعوب تلك البلاد وهجرات حديثة إلى أوروبا وأميركا، وغرب أفريقيا تراهم قد نشأوا أبناءهم وأحفادهم على التطبع بطباع المجتمعات التي هاجروا إليها...

وهناك حالات أخرى لبعض الجاليات منهم أدباء المهجر وغيرهم من المهاجرين قد حافظوا على لغتهم العربية بل تباعدوا لكي لا يقضي الأتراك العثمانيون على لغتهم العربية وهم في أوطانهم، وعندما هيمنت دولة الخلافة العثمانية خمسة قرون وكان من سياساتها تتريك المجتمعات العربية والقضاء على عُروبتهم وحرمت على كل من لا يُتقن التركية كتابةً والتحدث بها حرمانه من العمل حتى في بلاده، إن كان في الشام الكبرى أو العراق ومصر...

التجار الكويتيون في الهند أقاموا لأبنائهم مدارس عربية للحفاظ على لغتهم العربية فتعلّم عبدالله الفرج وهو صغير العربية هناك.

ونرى الجاليات الناطقة بالإنكليزية في الكويت لها مدارسها الخاصة ويتهافت عليها من أبناء الكويتيين أيضاً.

الآن، من يذهب بنسائه للولادة في دول الغرب خصوصاً أميركا لأخذ الجنسية والانفصال عن كيانهم ثم العيش هناك إلى أن يذوبوا هناك كما يفعل عرب آخرون في البرازيل ودول أميركا اللاتينية ذابت جاليات عربية فيها حتى ان رئيس الجمهورية الأسبق في البرازيل كان عربياً وذاب في مكان هجرته.

وكثير من العرب من يذهب إلى دول الغرب فيجد الحياة الديموقراطية والتطور الحضاري فيمكث بعد أن يجد الفارق بين هذه الحياة وما هم عليها في بلادهم... ويتدافع الكثير حالياً للهجرة في سُفن صغيرة متهالكة وتكون النتائج وخيمة حيث يفارقون الحياة.

وهذه الظاهرة موجودة في شعوب أخرى بدافع الفقر.

وهناك فارق بين هذه الشعوب واليهود أنهم ينسلخُون من قومياتهم ليوحّدهم دينهم... والدين خلق لهم انتماء عرقياً. اليهود في بلاد العرب هم عرب قبل أن تظهر المسيحية والإسلام، هم في اليمن والحجاز ساهموا في النتاج الأدبي، منهم الشعراء وأهل التجارة العريقة وهم قدماء في العراق والشام الكبرى وفي دول المغرب العربي، وهكذا في دول الغرب، يتلاحمون فيها لخلق اقتصاد يسيطر على شعوب العالم، وكانوا منذ القديم يهدفون إلى إنشاء دولة يهودية والتخلي عن أوطانهم وقومياتهم... حتى أسسُوا لهم دولة في فلسطين فتهافتوا عليها... واليهود كان لهم وجود في كل بقاع الأرض لذا يمكنهم التغلغل في كل الشعوب بلهجاتهم العربية اليمينة والعراقية والمصرية والمغاربية وكذلك بلغاتهم في الشعوب الأوروبية والغربية الأخرى، يُنمّون اقتصادهم في كل مكان، وخرجوا من بلاد كثيرة فانهار الاقتصاد من بعدهم مثل العراق.

هكذا كان العراق مزدهراً حتى خرج منه اليهود في أوائل الخمسينات، فخلت أسواق كثيرة من عصب الحياة التجارية، كالبنوك وشركات التأمين والمصارف وتجارة السلع المهمة... ثم ندمت الحكومة العراقية بعد حين، من رحيل اليهود من العراق.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي