No Script

رؤية ورأي

بصمات النوّاب السابقين

تصغير
تكبير

استجابةً لطلب عدد من قراء مقال الأسبوع الماضي، المعنون «نوّاب سابقون يستحقّون الشطب»، سأستعرض في هذا المقال أمثلة محلّية حديثة، حول آلية الاستعانة بالقائمتين الشخصيتين للمبادئ الانتخابية، لشطب أو استبعاد نوّاب سابقين من المجموعة الشخصية لأسماء المرشحين المحتمل انتخاب أحدهم لمجلس 2022.

وذلك من دون الخوض في تفاصيل ولا منهجية وأطر إعداد القائمتين، وإن كنت أدعو إلى تبني المنهجية العلمية الموضوعية والإطارين الدستوري والحضاري في إعداد القائمتين. وسوف أتداول مرحلة إعدادهما في مقال لاحق.

كما أشرت في المقال المذكور، تحتضن القائمة الشخصيّة الأولى مجموعة من القيم الدستورية التي يجب على النوّاب – من وجهة نظر معد القائمة – التقيّد بها، وبناء عليها يشطب كل نائب تخلّى عن أيّ من هذه القيم ولو في واقعة واحدة.

هذه القائمة شخصية، فقد تختلف عناصرها (القيم الدستورية الأهم) بين ناخب وآخر.

وقد تتشابه عناصرها أو بعضها، ولكن يختلف معدّو القوائم الشخصيّة في مفاهيمهم لتلك العناصر.

ويحتمل أن يتّفق عدد كبير من الناخبين على أن القيم الدستورية الأهم هي العدل والحرية والمساواة، التي اعتبرتها المادة (7) من الدستور دعامات المجتمع، ولكنهم بلا شك يختلفون في مفهوم العدل والمساواة وفي حدود الحرّية.

كما قد يختلفون في تشخيص الأحداث وفي تقييم مواقف النوّاب من تلك الأحداث.

فعلى سبيل مثال، الناخبون المتفقون على أهمية تحصين قيم العدل والحرية والمساواة، قد يختلفون في تعاطيهم مع حادثة صناديق الزكاة في مسجد الإمام الحسين – عليه السلام – التي وقعت في نهاية شهر رمضان الماضي.

فمجموعة منهم تؤيّد ما قامت به اللجنة الثلاثية الحكوميّة، وذلك من منطلق احترام سيادة القانون.

ومجموعة ثانية ترى أن قرار مصادرة صناديق الزكاة سليم من حيث المبدأ، ولكن اللجنة أخطأت في إجراءاتها بالتعدّي على حرمة دور العبادة وعلى إمام المسجد.

ومجموعة ثالثة تعتقد أن قرار المصادرة انتهاك صارخ للحريّات، وتحديداً الشق الثاني من المادة (35) من الدستور «تحمي الدولة حرية القيام بشعائر الأديان طبق العادات المرعية، على ألا يخل ذلك بالنظام العام أو ينافي الآداب».

بعيداً عن رأيي الشخصي تجاه الحادث الذي سبق أن أوضحته في مقال بعنوان «أزمة شعيرة زكاة الفطرة»، المراد من طرح هذا المثال هنا هو تبيان أن الناخبين المنتسبين إلى المجموعة الأولى يفترض أن يشطبوا كل نائب صرّح ضد إجراءات اللجنة، ويشطب ناخبو المجموعة الثانية النوّاب الذين تجاهلوا الحادثة، ويمتنع ناخبو المجموعة الثالثة عن انتخاب النوّاب الذين تجاهلوا انتهاك الحكومة حريّة دستورية (ممارسة شعيرة زكاة الفطرة طبق العادات المرعية)، سواء كانوا من الذين تقاعسوا عن إدانة الانتهاك أو من الذين التزموا الصمت بعد بيان وزارة الداخلية وتنازلوا عن المطالبة بتشكيل لجنة تحقيق بالواقعة.

قرار شطب هؤلاء النوّاب يجب ألا يتأثر بمواقفهم تجاه قيم دستورية أخرى ولا تجاه القيمة ذاتها في أحداث أخرى، سواء كانت أحداثاً مفتعلة خلال فترة الانتخابات أو أحداثاً سابقة يتم إعادة عرضها في فترة الانتخابات بصورة مبتورة أو مزورة لتضليل الناخبين.

فمن جانب، لا يوجد إصلاح ضريبته انتهاك قيمة دستورية دعامة للمجتمع، وإن وجد فهو ليس إصلاحاً بل صراع أجندات وتنافساً على الغنائم.

وأما القائمة الشخصية الثانية التي تحوي الملفّات والقضايا الإصلاحية الأساسية المطلوب معالجتها، فيفترض أن يَشطب معد القائمة كل نائب لم يُوفّق في جميع عناصر القائمة، وليس بعضها أو أحدها.

ولا فرق هنا بين الخامل وبين العاجز عن تشريع ما يخدم الأولويّات الإصلاحية.

فالعبرة ليست في عدد التصريحات والاقتراحات بقوانين، وإنما في كم ونوع وبصمة التشريعات...

اللهمّ أرنا الحقّ حقاً وارزقنا اتباعه.

abdnakhi@yahoo.com

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي