احترام الغرب لـ «غوربي»... قابلته مرارة روسية تجاه المسؤول عن انهيار الاتحاد السوفياتي

وفاة غورباتشوف... آخر زعماء حقبة الحرب الباردة

غورباتشوف «غيّر» وجه العالم	(رويترز)
غورباتشوف «غيّر» وجه العالم (رويترز)
تصغير
تكبير

- الصحافي موراتوف: كان يحب زوجته أكثر من عمله
- الخميني دعا غورباتشوف إلى دراسة الإسلام قبل 33 عاماً

لم يكن ميخائيل سيرغييفيتش غورباتشوف، خريج النظام الشيوعي، ليتصور أنه سيغيّر وجه العالم، من خلال قضائه على الاتحاد السوفياتي السابق وإن بغير قصد، ما أكسبه احتراماً كبيراً في الغرب، الذي كان يسمّيه تحبباً «غوربي»، بينما ينظر الروس إليه بمرارة، بصفته المسؤول في النهاية عن انهيار الاتّحاد السوفياتي وخسارة روسيا وضعها كقوة عالمية عظمى والأزمة الاقتصادية الخانقة التي تلت ذلك.

وتأتي وفاة، آخر زعماء الاتحاد السوفياتي السابق وآخر زعيم من حقبة الحرب الباردة، عن 91 عاماً، الثلاثاء في روسيا، جراء «مرض عضال وخطر»، في خضم الهجوم الذي يشنه الرئيس فلاديمير بوتين في أوكرانيا منذ 24 فبراير الماضي.

وقبل وفاته، لم يعلن غورباتشوف عن موقف علني من الغزو، الذي اتّسم بضراوة غير مسبوقة في أوروبا منذ نهاية الحرب العالمية الثانية ويُنظر إليه في الغرب، على أنّه مؤشر لمحاولة «إحياء الإمبراطورية الروسية».

وأثارت وفاة غورباتشوف، إشادات كثيرة في الدول الغربية تحيي إصلاحاته الديموقراطية ودوره الحاسم في إنهاء الحرب الباردة.

توفي غورباتشوف مساء الثلاثاء «بعد صراع طويل مع مرض خطر» على ما أفاد «المستشفى المركزي العيادي» التابع للرئاسة.

ويحظى غورباتشوف الذي وصل إلى السلطة في 1985، باحترام كبير في الدول الغربية فيما يأخذ عليه جزء من الروس مساهمته في انهيار الاتحاد السوفياتي.وأشاد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بغورباتشوف، مؤكداً في برقية تعزية «ميخائيل غورباتشوف سياسي ورجل دولة كان له تأثير كبير على تطور تاريخ العالم».

وأضاف أنه «قاد بلادنا خلال فترة من التغييرات المعقدة والمؤثرة وتحديات سياسية كبيرة خارجية واقتصادية واجتماعية».

ورأى الرئيس الأميركي جو بايدن في غورباتشوف «رجل دولة قل مثيله» فيما اعتبره الفرنسي إيمانويل ماكرون «رجل سلام».

وأشادت الصين، بالدور الذي لعبه آخر رئيس للاتحاد السوفياتي في التقارب بين بكين وموسكو بعد قطيعة استمرت ثلاثة عقود.

وكتب رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون «في زمن عدوان بوتين على أوكرانيا، يبقى التزامه الدائم لانفتاح المجتمع السوفياتي مثالاً نحتذي به جميعاً».

كذلك أشاد الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير بغورباتشوف، شاكراً «مساهمته الحاسمة في إعادة توحيد ألمانيا».

وأمضى غورباتشوف القسم الأكبر من العقدين الماضيين على هامش الحياة السياسية، وكان يدعو من حين إلى آخر كلاً من الكرملين والبيت الأبيض إلى إصلاح العلاقات بعدما تصاعدت التوترات إلى المستوى الذي كانت عليه خلال الحرب الباردة منذ ضمّت روسيا شبه جزيرة القرم في 2014 ثم غزوها أوكرانيا.

وقبل عامين على تفكك الاتحاد السوفياتي وسقوط النظام الشيوعي، دعا آية الله الخميني، مؤسس الجمهورية الإسلامية الإيرانية، غورباتشوف لدراسة الإسلام والتعلم منه، في رسالة تبقى الوحيدة أرسلها الإمام الراحل لزعيم أجنبي.

في يناير 1989، زار وفد إيراني موسكو لنقل رسالة الخميني الى غورباتشوف، بينما كان النظام الشيوعي في تراجع والاتحاد السوفياتي على أهبة تفكك بات واقعا في 26 ديسمبر 1991.

وكتب الخميني في الرسالة المنشورة على الموقع الالكتروني لحفظ آثاره «من الواضح للجميع أنه من الآن فصاعداً يجب البحث عن الماركسية في متاحف التاريخ السياسي في العالم».

وبيّن الخميني لغورباتشوف، أن «لابد من مواجهة الحقيقة أن مشكلة بلدكم الرئيسة لا تكمن في قضايا الملكية والاقتصاد والحرية، وإنما في عدم الإيمان الحقيقي بالله. وهي ذات المشكلة التي قادت الغرب وستقوده إلى الانحطاط والطريق المسدود».

واعتبر أن الحل لغورباتشوف يكمن في دراسة الإسلام، داعيا إياه للاطلاع على أعمال فلاسفة وعلماء من أمثال الفارابي وابن سينا ومحي الدين بن عربي.

وتوجه إليه قائلاً «أطلب منكم أن تدرسوا بدقة وجدية الإسلام. لا لأن الإسلام والمسلمين بحاجة إليكم، وإنما للقيم السامية والرؤية الشمولية التي يتسم بها والتي بوسعها أن تمثل أداة لإنقاذ الشعوب ورخائها، وإيجاد حلول للمشكلات الرئيسية التي تعاني منها البشرية».

إلى ذلك، نقلت «وكالة تاس للأنباء» عن مؤسسة أنشأها الزعيم السابق، إن غورباتشوف سيدفن في مقبرة نوفوديفيتشي - موسكو بجوار زوجته رايزا التي توفيت عام 1999.

ويقول الصحافي الروسي ديمتري موراتوف، الحائز جائزة نوبل للسلام في 2021، إن غورباتشوف الذي حصل هو نفسه على جائزة نوبل في 1990 كان «يحب زوجته أكثر من عمله ويضع حقوق الإنسان فوق الدولة ويولي أهمية لنشر أجواء هادئة أكثر منها نفوذه الشخصي».

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي