No Script

رؤية ورأي

أزمة «معهد الأبحاث»

تصغير
تكبير

تعتبر أنشطة البحث العلمي والتطوير والابتكار مصدراً حيوياً للتنمية المستدامة، ومنبعاً أساسياً لتعزيز قدرة ومرونة الدول في صد وإدارة الأزمات والكوارث، ثم في التكيّف معها أو التعافي منها.

ولذلك زادت الدول المتقدّمة إنفاقها بشكل ملحوظ على هذه الأنشطة خلال سنة 2020 أبّان جائحة كوفيد-19.

وجاء في العديد من التقارير المعتبرة، ومن بينها إصدار 2021 من تقارير الأمم المتحدة السنوية في شأن أهداف التنمية المستدامة، أن تطوير وإنتاج لقاحات مضادة عدّة لفيروس كوفيد-19 في وقت قياسي، يُعد أحد الأمثلة والشواهد الحديثة على أهميّة وضرورة رعاية وتحفيز الابتكار التكنولوجي.

منذ سنوات طويلة، تسعى الدول المتطورة والدول الناشئة (emerging economies) إلى تحسين وتنويع أنشطة البحث والتطوير والابتكار التي تمولها، وذلك بالتزامن مع جهودها الرامية إلى دمج هذه الأنشطة في اقتصاداتها من جهة، وإلى إدراجها ضمن مراحل إعداد وتنفيذ خططها التنموية الاستراتيجية من جهة أخرى. ومن أجل ذلك، تحرص هذه الدول على رصد المؤشرات العالمية الخاصة والمرتبطة بهذه الأنشطة، التي من بين أشهرها نسبة الإنفاق على البحث والتطوير من الناتج المحلي الإجمالي (GDP).

ينقسم مؤشر الإنفاق إلى أربعة مقاييس مهمة مفروزة حسب جهة التمويل، لقياس درجة اندماج الأنشطة البحثية في كل منها، وهي القطاع الحكومي والشركات التجارية ومؤسسات التعليم العالي والتبرعات من جهات أخرى. فعلى سبيل المثال، التقرير الصادر في أكتوبر 2021 من معهد لبحوث السياسة العامة (CRS) تابع للكونغرس الأميركي، موّل قطاع الأعمال الأميركي ما يزيد على 70 في المئة من مجموع التمويل للبحوث والتطوير في عام 2019. وهذه دلالة ساطعة على حالة الاندماج والمنفعة المتبادلة بين الأنشطة البحثية وبين قطاع الأعمال في الولايات المتحدة.

في الكويت، يعاني معهد الكويت للأبحاث العلمية من مجموعة معوقات، من بين أبرزها الإجراءات الرقابية المالية غير المتّسقة مع هويّة المعهد. وهذه الإجراءات تَفاقم ضررها بالفساد النيابي، حيث يستغل بعض النوّاب تقارير ديوان المحاسبة لابتزاز إدارة المعهد، عوضاً عن دراسة وتفحّص تلك التقارير بغرض إعداد وتقديم اقتراحات بقوانين تُكيّف إجراءات رقابة الديوان مع طبيعة الأنشطة البحثية في المعهد.

وعلى الضفة الحكومية، يعاني المعهد من إغفال وإهمال متفاقمين. فمن جانب، المخصصات المالية للباحثين في المعهد أقل من مخصصات نظرائهم – من حيث المؤهل العلمي – في جامعة الكويت والهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب. ومن جانب آخر، ميزانية المعهد على مدى سنوات طويلة دون المتطلبات التنموية المتزايدة والتحديات الاقتصادية المتفاقمة. ومن جانب ثالث، الجهات الحكومية غالباً لا تستعين بخدمات المعهد، بصفته الجهة الحكومية المعنية بتقديم الاستشارات البحثية والعلمية والتكنولوجية، في ترشيد قراراتها الفنّية.

وفي الجانب المقابل، داخل أسوار المعهد، وبالرغم من تميّز مخرجات بعض المراكز كمركز أبحاث البترول، ونتائج مجموعة من المشاريع التطبيقية كمشروع الشقايا للطاقة المتجددة ومشروع النخيل النسيجي، وإنجازات عدد من الباحثين على المستويين الإقليمي والدولي، إلا أن الأداء العام للمعهد دون الطموح. وهذا نتيجة تراكمية ساهمت فيها المعوّقات أعلاه بشكل كبير.

لذلك، وحيث إنه بلغني أن هناك توجّهاً لدى الحكومة لتخفيض ميزانية المعهد، أدعو مجلس الوزراء إلى الاطلاع على التطلعات والأولويات لقطاع البحث العلمي والتطوير والابتكار في الدول المجاورة. وأحدثها ما جاء في تصريح ولي العهد السعودي رئيس اللجنة العليا للبحث والتطوير والابتكار، الذي تناقلته وسائل الإعلام العالمية قبل شهرين، وجاء فيه أنه «سيصل الإنفاق السنوي على قطاع البحث والتطوير والابتكار إلى 2.5 في المئة من إجمالي الناتج المحلي في عام 2040، ليسهم القطاع في تنمية وتنويع الاقتصاد الوطني من خلال إضافة 60 مليار ريال سعودي إلى الناتج المحلي الإجمالي في عام 2040».

اللهمّ أرنا الحقّ حقاً وارزقنا اتباعه.

abdnakhi@yahoo.com

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي