No Script

رؤية ورأي

نوّاب سابقون يستحقّون الشطب

تصغير
تكبير

الانخراط الصحيح الحصيف في الانتخابات النيابية يتطلّب الإعداد والتأهيل بمستويات تتناسب مع درجة الانخراط. والقدر الأدنى المطلوب من جميع المنخرطين في العملية الانتخابية هو إعداد قائمتين وفق المنظور الشخصي، مع بداية كل فصل تشريعي، تمهيداً للانتخابات اللاحقة. بحيث تحتضن إحدى القائمتين القيم الدستورية التي يجب أن يتقيّد بها النوّاب، كالمساواة والعدالة على سبيل المثال. وتحتوي القائمة الأخرى الملفّات والقضايا الإصلاحية الأساسية المطلوب معالجتها، وتكون مصنّفة بين ضرورية إلزاميّة وبين مهمة مرتّبة حسب الأولوية.

لست بصدد تسويق قيم معينة ولا ملفات وقضايا محدّدة، وإنما أدعو بقوّة إلى تعيينها وتحديدها بشكل فردي قبل بداية الحملات الانتخابية بفترة طويلة، لكي يتم الاسترشاد بها بصورة دورية، على مدى الأيام المتبقّية من عمر المجلس وبعد انقضائه، كمعايير تقييم أداء النوّاب وأطروحات المرشحين وسيرهم الذاتية، بمنهجيّة موضوعية منعزلة قدر الإمكان عن المؤثرات العاطفية بمختلف مصادرها وتصنيفاتها.

الغرض من طرح هذه الآلية لتقييم النوّاب هو كسر دورة إعادة انتخاب نوّاب سبق أن استنكرنا مراراً وشجبنا تكراراً العديد من مواقفهم السياسية والنيابية في الأحداث والقضايا المحورية. والهدف هو ترشيد رقابتنا نحن الناخبين على ممثلينا في مجلس الأمة وتحصين أنفسنا نحن الشعب ضد الهجمات الإعلامية الانتخابية الرامية إلى توظيف العاطفة للتستر على جوانب التقصير والقصور لدى مرشحين، وبالخصوص المرشحين النوّاب في المجلس المنتهية أو المُنهية مدّته، الذين كسبوا ثقتنا في الانتخابات السابقة من خلال وعود انتخابية برّاقة عجزوا عن تحقيقها.

الكلام هنا ليس مقتصراً على مجلس 2020، بل يشمل المجالس السابقة وأيضا اللاحقة. وكذلك الحال بالنسبة لتوظيف العاطفة في تضليل الناخبين، فصور التوظيف المقصودة هنا ليست مقتصرة على استثارة التعصب العنصري والطائفي، بل تتضمّن كل ما في حكم التستر على انتهاكات نوّاب لقيم دستورية وكل ما من شأنه تغييب أو تبرير عجز أو تقاعس نوّاب في ملفات ضرورية أو ذات أولوية قصوى.

شعار «رحيل الرئيسين» أحد الأمثلة الحديثة على التضليل عبر توظيف العاطفة، غير العنصرية غير الطائفية، للتستر على قصور وتقصير نوّاب. فمعظم نوّاب المجلس المنحل فشلوا في تحقيق أي من وعودهم الانتخابية، بسبب انشغالهم بإسقاط الرئيسين، عبر إعاقة عمل المجلس منذ الجلسة التي أعقبت جلسة اختيار رئيس المجلس، عوضاً عن توظيف الأغلبية النيابية المريحة التي كانوا يمتلكونها في تشريع قوانين ومعالجة قضايا كانوا قد وعدوا الناخبين بإقرارها.

لو كانت دوافع المطالبة برحيل الرئيسين إصلاحية لتعهّدوا اليوم وطالبوا غيرهم التعهد بالتصويت في أول جلسة عمل للمجلس المقبل لصالح إصدار قرار بعدم دستورية قرار «المزمع» الذي اتخذه المجلس المنحل، ولو كانت الدوافع إصلاحية لما زكّوا نوّاباً سابقين لترأس المجلس المقبل بالرغم من الانتهاكات الصارخة لقيم دستورية والخروقات الجسيمة للائحة المجلس الداخلية، فضلاً عن شبهات الانتفاع المليونية التي تحوم حول البعض.

أقول لنفسي ولكل الناخبين: برنامج عمل مجلس الأمّة المقبل تمّت صياغة مسودته الأولى، وسوف تُنقّح المسودة باستمرار خلال فترة الانتخابات. لذلك أدعو نفسي وكل من يرغب بتغيير وإصلاح الواقع المزمن، إلى تحضير قائمتيه، وتباعاً شطب أسماء المرشّحين الذين انتهكوا قيمة دستورية أو أكثر مسجلة في قائمته الأولى - كالعدالة والمساواة مثلاً – ولو كانت ذرائعهم نبيلة وكانوا رموزاً إصلاحييّن في نظر نشطاء وسائل التواصل الاجتماعي. كما أدعوه إلى استبعاد النوّاب السابقين الذين فشلوا في جميع ملفات وقضايا قائمته الثانية، ولو كانوا متفوّقين على زملائهم في جميع المؤشرات النيابية، كعدد الاقتراحات بقوانين التي تقدّموا بها. ثم أدعوه إلى المفاضلة بين المرشحين المتبقّين بناءً على تعهّداتهم المعلنة «الصريحة» ووفق عناصر القائمتين... «اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه».

abdnakhi@yahoo.com

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي