سياسات الظل الأميركية في شأن إيران والخليج

تصغير
تكبير

مع اقتراب إحياء الاتفاق النووي مع إيران، الذي تم توقيعه في عهد الرئيس أوباما في 2015، ثم انسحبت منه الولايات المتحدة في عهد الرئيس ترامب، تشير الدلائل إلى أن الاتفاقية الجديدة ستكون أضعف من الأولى، الأمر الذي سينتج عنه الحد من قدرة إيران على إنتاج السلاح النووي، دون منعها من الحصول على مثل هذه الأسلحة.

تتبادر إلى الذهن أسئلة عديدة:

1- ماذا سيكون الوضع اليوم لو تمت إعادة إحياء هذا الاتفاق؟

2- هل تظن إدارة الرئيس الاميركي بأن الإفراج عن 100 مليار دولار للحكومة الإيرانية، من الأموال المحتجزة في البنوك بسبب العقوبات الأميركية، ستستخدم لتحقيق التنمية وخدمة الشعب الإيراني؟

3- أم أن هذه الأموال، ستستخدم لمزيد من زعزعة الاستقرار في المنطقة، والتنمر على جيرانها، عبر وكلائها في العراق وسورية ولبنان واليمن وغيرها من الدول؟

لا يوجد سبب للاعتقاد بأن إيران ستخصص هذه الأموال بشكل مختلف عما فعلته في المرة الماضية، والمنطقة لديها ندوب وجراح كثيرة لإثبات ذلك. كما لم يعد بإمكان مراقبي السياسات الأميركية تجاه المنطقة تجاهل النظرية القائلة، بأن الولايات المتحدة لا ترغب بالتدخل في ملف تهديدات إيران بالمنطقة، لأنها تسعى لإجبار جميع دول الخليج على التعامل مباشرة مع إسرائيل، لمواجهة هذه التهديدات الإيرانية.

حيث تسعى الإدارة الأميركية إلى توسيع موجة التطبيع، بالترغيب أو الترهيب، ووفقاً لهذه النظرية، فمن لا يذهب إلى تل أبيب على قدميه راغباً في جزرة أميركية، سوف يركض إليها هرباً من عصا الإرهاب الإيراني، إذا جاز التعبير.

إذاً فإن إيران حالياً في موقف مفاوضات قوي، نتيجة لافتقار سياسات الحكومة الأميركية إلى بعد النظر، في شأن عواقب الدرجة الثانية والثالثة للعقوبات التي فرضتها على روسيا في أعقاب الحرب في أوكرانيا. ومع تزايد حاجة الغرب لتأمين إمدادات نفط وغاز جديدة، لتحل محل الإنتاج الروسي المُقاطع، برزت الحاجة هنا للتفاهم مع إيران.

وفي حالة أغرب من الخيال، من يقوم بدور الوسيط بين المفاوضين الأميركيين والإيرانيين في فيينا هي روسيا !! حيث يرفض الوفد الإيراني التحدث مباشرة إلى الجانب الأميركي، لكنه أوعز بهذه المهمة علناً للروس.

وبالإضافة إلى المخاوف التي قد تؤثر على منطقتنا العربية نتيجة هذا الاتفاق، حذر خبراء أميركيون من انعكاسات هذا الاتفاق أيضا على مصالح بلادهم. حيث تسعى إيران إلى تعميق تعاونها الأمني ​​مع روسيا لمواجهة مصالح الولايات المتحدة وحلفائها. ووجود اتفاق نووي سيوفر لإيران تدفقات نقدية كبيرة، ومساحة مهولة للمعاملات التجارية، التي تعزز من هذه المخاوف. فبالنسبة إليهم، هم مندهشون من أن الرئيس بايدن لا يتعامل مع إيران، كعدو حليف لعدوهم روسيا.

أعتقد أننا بحاجة إلى قيادة خليجية عربية، تؤمن بأن أي تعاطف مع إيران هو تعاطف مع الشيطان، وتتعامل مع إيران كدولة معادية. نحتاج إلى قيادة لاتجامل على حساب أمن واستقرار المنطقة.

ولا يمكن أن يتم ذلك إلا إذا كانت هناك قيادة واضحة تحدد الأهداف المشتركة وخطة العمل. فإيران كانت ولا تزال تشكل تهديداً يجب مواجهته ديبلوماسياً واقتصادياً وثقافياً، قبل مواجهته عسكرياً إذا لزم الأمر.

ففي ظل التنمر الإيراني المستمر، لم يعد ممكنا التعويل على أميركا للوقوف أمام إيران، وخوض معركة الدفاع عن المنطقة نيابة عنا. وسياسة الرئيس الأميركي بايدن تجاه ملف إيران، لاتبدو سوى ظل متطابق لسياسة أوباما التي سعى إليها قبل 7 سنوات.

وختاما، لايبدو أن أميركا تتعلم من أخطائها، أو ربما لا تعلم من حيث المبدأ أنها قد أخطأت.فما العمل؟

* المؤسس والرئيس التنفيذي

لمركز ريكونسنس للبحوث والدراسات

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي