No Script

رؤية ورأي

وثيقة الأمن الغذائي الكويتي الرماديّة

تصغير
تكبير

أعدّت الجمعية الكويتية للعلوم والتكنولوجيا والابتكار وثيقة أكاديمية رمادية (grey literature) في شأن الأمن الغذائي في الكويت، وأعلنت أنها بصدد إيصال الوثيقة إلى الأمانة العامّة لمجلس الوزراء في المقبل من الأيّام. وسأستعرض باقتضاب بعض ما جاء في الوثيقة، لأن موضوعها ذو أهميّة بالغة وأولوية قصوى للمواطنين والمقيمين، فضلاً عن كونهم معنيين بتطبيق بعض توصياتها.

فمن جانب، تعتمد الحكومة على استيراد 90 في المئة من الاحتياجات الغذائية، وهذه آفة تنخر في ركيزتين من ركائز الأمن الغذائي الأربع، وتحديداً ركيزتي التوافر والاستقرار.

ومن جانب آخر، يهدر الفرد في الكويت سنوياً 95 كغم من الطعام، وتهدر الأسر الكويتية سنويّاً 397.7 ألف طن من الأطعمة، وذلك وفق تقرير مؤشر هدر الأغذية لعام 2021، الصادر عن برنامج الأمم المتحدة للبيئة (UNEP) والمنظمة الشريكة «WRAP».

ولذلك، دعا معدو الوثيقة المجتمع إلى تقليل الفاقد والمهدر من الأغذية، وطالبوا الجهات المعنية سن اللوائح وتبني حملات إعلامية توعوية، لتخفيض الفقد والهدر وتعزيز الأمن الغذائي، ولتفادي المشاكل البيئية والصحيّة التي تنتج عن تراكم النفايات العضوية الرطبة والنفايات الزراعية.

في جزئية أخرى، أشاد معدّو الوثيقة بالقرار الاستراتيجي الذي اتخذته دولة الكويت بتخصيص حيازات زراعية وحيوانيّة لمواطنين، والقرارات اللاحقة الخاصة بدعم أصحابها. ثم عرضوا بموضوعية الجانب الآخر من القرار الاستراتيجي، عبر الإشارة إلى الإحصاءات الرسمية التي نشرتها الصحف اليومية في فبراير الماضي، التي كشفت أن في الكويت فقط 140 حيازة زراعية منتجة من أصل ما يزيد على الخمسة آلاف حيازة تم تخصيصها. وأوصوا بإعادة النظر في جدّية إدارة ومراقبة تلك الحيازات.

وجاء في الوثيقة، أن إدارة ومراقبة الحيازات يجب أن تكون مواكبة لأفضل الممارسات والطرق للعناية بالحيازات، ويجب أن تتضمن تحديد نوعية المنتجات والأغذية، المفيدة للمستهلك وللمخزون الاستراتيجي للدولة، المتوافقة مع قساوة مناخ وبيئة الكويت، وبما يحفظ خصوبة التربة وقت الزراعة ويرفع كفاءة محاصيلها. كما يجب أن تتّسق إدارة ومراقبة الحيازات مع أولوية دعم المنتج المحلّي وتسهيل الوصول إليه، أسوة بالعديد من البلدان حول العالم، التي تسمح – على سبيل المثال – بإقامة أسواق المزارعين في المناطق السكنية.

في جزئية ثالثة، بعد الإشارة إلى رأي منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (الفاو)، القائل بأنه لا يمكن تحقيق الأمن الغذائي إلا بضمان استدامة المياه والطاقة، وبعد الاستناد على التقارير المحلية والأممية الحديثة التي تشير إلى تفاقم مشكلة هدر المياه والطاقة في الكويت، وتحديداً ارتفاع مؤشر الإجهاد المائي بشكل كبير في عام 2021، والزيادة المتسارعة في نصيب الفرد من الكهرباء؛ دعا معدو الوثيقة إلى ترقية استراتيجية المياه الوطنية من مستوى وزارة إلى مستوى الدولة، وإلى استغلال مصادر الطاقة المتجدّدة، وتحديداً الشمس والرياح، لإنتاج الكهرباء في الحيازات.

التوصيات الواردة في الوثيقة ذات قيمة فنية علمية عالية، امتصّتها بجذورها الممتدة إلى الحلقة النقاشية التي نظّمتها الجمعيّة حول الموضوع ذاته، واستحقتها بالسير الذاتية لأعضاء الفريق الذي أعدّها، المشكّل من مختصّين أكاديميين في شؤون مرتبطة بالأمن الغذائي، بخبرات متنوّعة تكاملية، من الهيئة العامة للغذاء والتغذية وجامعة الكويت ومعهد الكويت للأبحاث العلمية. وعلاوة على ذلك، اكتسبت التوصيات قيمة مضافة لكونها نتاج منهجية علمية تحليلية لمعطيات ومعلومات موثوقة وبنطاق شمل معظم الجوانب الفنية المرتبطة بموضوعها.

التوصية الأبرز في الوثيقة هي استبدال «اللجنة الوطنية العليا لتعزيز منظومة الأمن الغذائي والمائي» بمجلس أعلى للأمن الغذائي. ورغم إشادتي بقرار إنشاء اللجنة الوطنية العليا ومقترح المجلس الأعلى، إلا أنني أدعو مُعدّي الوثيقة إلى دراسة تعديل قانون إنشاء الهيئة العامة للغذاء والتغذية، لتحتضن الهيئة اختصاصات المجلس الأعلى المقترح...

اللهمّ أرنا الحقّ حقاً وارزقنا اتباعه.

abdnakhi@yahoo.com

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي