No Script

كلمة صدق

قوانين تطوق المتقاعدين

تصغير
تكبير

المكافأة الأخيرة التي حصل عليها المتقاعدون، بالإضافة إلى الزيادة السنوية لمعاشاتهم، هذان الحدثان يعتبران أمراً إيجابياً لدعم المتقاعدين، لكن هناك بعض القوانين في المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية تحد من قدرة المتقاعد في الاستفادة من خبراته بما يعود بالنفع عليه وعلى المجتمع والدولة.

ومن هذه القوانين التي تطوق المتقاعد وتحول بينه وبين الاستفادة من خبراته، هو عدم جواز أن يجمع بين معاشه التقاعدي ومع راتب من أي جهة حكومية أو من الجهات التابعة لها، حتى لو كان بعمل جزئي فإن التأمينات الاجتماعية تعتبره راتباً.

هو يستطيع أن يجمع مع معاشه راتب عمل فقط من القطاع الأهلي وبشرط أن يكون تقاعد بعد خدمة لا تقل عن خمس وعشرين سنة، وحتى لماذا شرط الخمس وعشرين سنة وليس عشرين سنة خدمة، مع العلم بأن سن التقاعد والخدمة قد تم تخفيضهما قبل بضع سنين؟

لماذا يتم منع المتقاعد أن يجمع بين معاشه التقاعدي وبين الراتب خصوصاً إذا كان لوقت جزئي بشكل مكافأة؟ لماذا لا تتم الاستفادة من خبرة المتقاعد، أو منعه من الاستفادة منها خصوصاً في التخصصات النادرة التي يملكها بعض المتقاعدين، أو مع حملة الشهادات العليا منهم؟

لإيضاح هذا الأمر نطرح مثالاً من كاتب هذه السطور نفسه. فعندما كنت موظفاً في القطاع النفطي وكنت حينها أتقاضى مرتباً عالياً، كنت في بعض الأوقات أقوم بالتدريس في كليات الهيئة العامة للتعليم التطبيقي بموافقة جهة العمل على ألا يتضارب وقت التدريس مع ساعات العمل، وكنت في الوقت نفسه أتقاضى مكافأة من التطبيقي مقابل ذلك.

الآن وبعد التقاعد لا أستطيع أن أجمع بين معاش التقاعد الذي هو أقل بكثير من الراتب قبل التقاعد وبين المكافأة التي قد أحصل عليها لقاء التدريس في كليات التطبيقي، على اعتبار أن التأمينات الاجتماعية تعتبر أن المبلغ الذي قد أحصل عليه لقاء التدريس لوقت جزئي هو بمثابة الراتب، وفي هذه الحالة لا يجوز الجمع بينه وبين معاش التقاعد!

وهذا أمر عجيب، فالموظف في البترول وفي غيره من الجهات الحكومية يستطيع أن يعمل لوقت جزئي إذا وافقت جهة عمله، على ألا يتضارب العمل مع وقت العمل في وظيفته الرئيسية، والمتقاعد من حملة الشهادات العليا لا يستطيع التدريس وإن قام بالتدريس فتطوعاً دون أي مكافأة لأن مكافأة العمل الجزئي تعتبرها مؤسسة التأمينات الاجتماعية راتباً!

هنا يجب الأخذ بعين الاعتبار بأن المدرس الأكاديمي صاحب تخصص تحتاجه الكليات والجامعات، خصوصاً أن طبيعة التدريس الأكاديمي تختلف عن المهن الأخرى فيكون سن العمل فيها إلى أعمار أكبر من غيرها من مهن لطبيعتها الفكرية والعقلية وما تتطلبه من خبرة.

لذلك يستلزم أن تسن التشريعات المناسبة للاستفادة من المتقاعدين أصحاب الشهادات العليا في الحقول الأكاديمية المتنوعة.

ما ذُكر مجرد مثال واحد للحاجة الملحة للمسؤولين والقانونيين داخل مؤسسة التأمينات الاجتماعية والمشرعين خارجها بإعادة النظر ببعض القوانين التي تطوق المتقاعدين وتمنع الاستفادة منهم وما حصلوا عليه من خبرات وشهادات عُليا وتخصصات نادرة يحتاجها سوق العمل بقوة.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي